الإيكولوجيا الإنسانية في علم الاجتماع:
تشير كلمة ايكولوجيا في علم الحياة إلى الطريقة التي تتوزع بها، لنباتات والحيوانات على منطقة معينة، واعتمادها بعضها على البعض، وعلى هذا النحو تعني الإيكولوجيا البشرية، توزيع مختلف الجماعات والوظائف والمنظمات في بيئة معينة، وما يرتبط بهذا التوزيع من عمليات، ويرمز ذلك إلى توافق الكائن الحي (الإنسان) مع بيئته ومكانه، وتعنى الايكولوجيا بعناصر ثلاث يكونوها هي (السكان، المكان، التفاعل).
ولقد أدت معرفة الإنسان المتزايد بطرق الاستفادو بموارد البيئة، تلك المعرفة التي تتخلص في في كلمة ثقافة، فقد ساعدت الثقافة الإنسان على أن يتحكم في البيئة ويعدلها لصالحه، وأدى تكيف الإنسان بالبيئة الطبيعية، وتوافقه معها إلى أربع صور أساسية للتنظيم الإيكولوجي هي:
1- صور الالتقاط والرعي.
2- فلاحة البساتين والزراعة.
3- نشأة القرى والمدن الصغيرة المستقرة.
4- صور المدن الكبرى الرئيسية.
وقد تميز كل نوع من هذا التنظيم بطرق فنية خاصة في استغلال إمكانيات الطبيعة الموجودة في البيئة الخاصة، وارتبط كل نوع منها بمرحلة معينة من تطور التاريخ الإنساني.
وفي محاولة الإنسان لاستغلال موارد الطبيعة ﻹشباع حاجاته المختلفة، نمت علاقاته بالبيئة وموجوداتها وأحدث تراكيب اجتماعية مختلفة في الزمان والمكان ساعدته على أن يعيش ويعمل في مجموعات، تراوحت بين المدن الكبرى ذات الملايين من السكان إلى القرية الصغيرة، والمزارع الأسرية الخاصة.
ولم يعش الناس في تلك المجموعات المتباينة منعزلاً، وإنما عملت شبكة المواصلات السريعة المتقدمة من برية وبحرية وجوية، وعلاقات السوق التجارية الاقتصادية والاجتماعية، إذ تتكامل الوظائف الاقتصادية في المجتمعات الحديثة حول السوق، وتنشأ المدن كنتيجة للتفاعل التنافسي بين الناس، والتخصص في أداء الوظائف، والخدمات وتوزيع الموارد المختلفة، في بيئة عنها في أخرى، ثم وسائل المواصلات والاتصالات، وكلما زاد المجتمع تصنيعاً زاد تمدناً، فيهاجر سكان الريف إلى المدن في أعداد كبيرة ويصبح الاتجاه إلى اتساع المدن أهم ظاهرة بعد الانفجار السكاني.
ومما لا شك فيه أنّ ظاهرة التمدن أصبحت مشكلة ضخمة تواجه المجتمعات على اختلاف أنواعها، كانت تزداد حدة ووضوحاً في المجتمعات النامية، ومقارنة سريعة لعدد السكان في مدن مجتمع ما نامي خلال حقبة زمنية من تاريخه الحديث تكشف لنا عن مدى زيادة حجم السكان في تلك المدن بصورة أكبر مما عليه معدلات النمو السكاني في القطاع الريفي أو البدوي من ذات المجتمع، رغم ارتفاع معدلات الزيادة السكانية في قطاع الريف بكثير عما عليه الحال في قطاع الحضر.