الاحتلال السلجوقي وانعكاساته على الأوضاع الاجتماعية لبلاد الشام

اقرأ في هذا المقال


الاحتلال السلجوقي وانعكاساته على الأوضاع الاجتماعية لبلاد الشام:

لقد ساءت أحوال بلاد الشام في الأوضاع الاجتماعية وتناقص عدد سكانها بسبب طغيات الأمراء السلاجقة الذي جلب الدمار والخراب لمدن الشام، فقد اتصف تاج الدولة تتش أخو السلطان ملكشاه بالعسف والظلم وقتل أعداد كبيرة من العرب، منهم الأمير إبراهيم بن قريش العقلي وجماعة من الأمراء العرب.

وكان مجموع ما قتل حوالي عشرة آلاف، وحدثت أعمال دمار وتخريب للمدن الشامية، ونتيجة أعمال النهب التي ارتكبتها القوات السلجوقية، قتل بعض نسوان العرب أنفسهن خوفاً من الهتيكة والسبي.

لقد ساءت أحوال الشام في ظل السيطرة السلجوقية، فقد ساءت سيرتهم مع الناس واستولوا على أموالهم وارتكبوا الظلم، مما أدى إلى تدهور البلاد وعاد عليها بالفساد وهرب أكثر أهلها في زمن الشتاء وشدة البرد وسقوط الثلج.

حتى أنَّ سكان مدينة دمشق كان تعدادهم خمسمائة ألف شخص وبسبب تلك الأعمال وما تبعها من جوع وفقر أصبح عدد سكانها ثلاثة آلاف. وانطلقت أيدي الأتراك والحرامية في الإفساد بالأطراف والعبث في النواحي.

وفي سنة (464 هجري)،‏ تعرضت مدينة دمشق إلى الخراب نتيجة حصار العساكر السلجوقية بقيادة (أتسز بن أوق)، أحد أمراء ملكشاه وقطعت عنها الإمدادات الغذائية فحدثت المجاعة وضاف الأمر عليها.

وفي سنة (468 هجري)، اشتد البلاء على دمشق وترك أهلها منازلهم هرباً من أعمال القتل والنهب وصودرت أملاكهم. وتعرض المدينة إلى الحصار (469 هجري)،‏ وكان نتيجة ذلك الحصار هلاك أعداد كبيرة من سكانها بسبب الجوع وقِلت الأموال لدى الناس، وأصبح من العسير الحصول على المواد الغذائية، فبيعت الدار التي قيمتها ثلاث آلاف دينار بدينار واحد ولم يكن من يشتري، وأنَّ امرأة دمشقية كانت تملك دارين قيمتها سبعمائة دينار باعت أحدهم بسبعة دراهم.

وعانت مدينة حلب من ظلم الأتراك وسوء سيرتهم فقد سُرِقَت دور الناس ولقي أهلها من الأتراك شدة عظيمة فضلاً عن سوء سيرة الأمراء وظلمهم مع سكانها. وكانت الأوبئة والأمراض التي خلفتها تلك الأعمال أدت إلى حدوث المجاعات أودت بحياة أعداد كبيرة من الناس في وباء واحد، حدث في مدينة حلب مات فيها أربعة آلاف شخص.

وتعرضت مدينة بعلبك إلى أعمال نهب وتخريب من قِبَل عساكر تتش وكذلك طرابلس وقُتِلَ من بها وصودرت أموالهم ونهبت معزة النعمان، وأخذت أموالاً عظيمة، وقُتِلَ من أهلها الكثير، وتلف أهلها بالجوع والقتل.

وفي سنة (485 هجري)،‏ حاصر تتش مدينة نصيبت وامتنعت عليه، فهدم جزء من سورها ودخلها وقتل خلق كثير بلغ عددهم ألفي رجل، حتى من لجأ إلى المساجد لم يسلم، وأخذت الحرم وهتكت الأعراض وعوقبوا بأنواع العقوبات، وفعل مال يستحله مسلم ولا يستحسنه كافر. واستمر نهب مدينة حماة ثلاث أيام من قِبَل قوات السلطان محمد.

وصف أحوال بغداد أيام بعض السلاطين السلاجقة:

1- السلطان طغرل بك (429 – 455 هجري): كان عسكرة يغضبون الناس أموالهم وأيديهم مُطلقة في ذلك نهاراً وليلاً.

2- السلطان ملكشاه بن ألب ارسلان (465 – 485 هجري): إنَّ عسكر ملكشاه بسطوا ومدوا أيديهم في أموال الرعية فنالها أذى شديد وكان لهذا الفعل من الوهن وخراب البلاد وذهاب السياسة الكاملة.‏

3- السلطان محمود بن ملكشاه (485 – 487 هجري):‏ كان يقضي أكثر وقته باللهو وكان له خدم كثيرون بيدهم الأمر، كانوا يرفعون ظلامة المظلومين ويعرضون قصة غصة المحتاجين.

4- السلطان بركياروق بن ملكشاه (487 – 497 هجري): كان كُلما خطب له ببغداد زادت الأسعار، وكان كثير التجاوز.

5- السلطان محمد بن ملكشاه (498 – 511 هجري): كانت الحروب في فترة قد تطاولت وعم الفساد وصارت الأموال منهوبة والدماء مسفوكة والبلاد مخزبة.

6- السلطان سنجر بن ملكشاة (511 – 552 هجري): لمّا خطب السلطان سنجر رأى أمراء جيشه ومماليكه أنهم اكثر رفعة، وتعاهدوا على الإغارة على أموال الناس وجعلوا الظلم والاضطهاد شعارهم، ولم يسلم الشريف والوضيع والرضيع والرفيع من شرهم.

ويصفه الراوندي في موضع آخر لمّا خضعت له الأطراف ودانت له ملوكها انتهز أمراء دولة وحشمة الفرصة فطغوا وبغوا ساعدهم طول أيام دولة وسعة أسباب نعمتها، ووجدوا أنَّ يداً لا تعلوا على أيديهم فتطاولوا على الرعايا وظلموهم.

7- السلطان مسعود بن محمد (527 – 547 هجري): كان أصحاب السلطان يتصرفون ببغداد تصرفات فاسدة، كان الخليفة ينهاهم فلا ينتهون ويزجوهم فلا يزجون وكان نائب السلطان في بغداد، سخيف العقل والرأي، قليل الدين، بعيد عنه رسوم السياسة. وكانت عساكرة أداة للتخريب وإرهاب الناس، كانت هذه عادتهم إذا وصلوا وعاديتهم إذا نزلوا. وعندهم أنَّ الظلم من العدل. ويقول البنداري واصفاً مماليكه (أقاموا ألف سوق للفسوق). وانتشرت ظاهرة المجون وإقامة دور الخاصة الإرتكاب المحارم وركبوا في الفسوق كل مركب.

8- السلطان ملكشاه بن محمود (547 – 548 هجري): أهمل تدبير المملكة والمحافظة على رسوم الدولة، وكان كثير اللهو والطرب.

9- السلطان سليمان شاه بن محمود (555 – 556 هجري): كثير اللهو والطرب، نفر منه أمراء الدولة ونوابها فانصرفت قلوبهم عن متابعة ورقابهم عن مطاوعته.

10- ‏السلطان أرسلان شاه بن طغرل (556 – 573 هجري): كان مشغول عن أمر الدخل والخرج وضبط أموال‎ الخزينة وشؤؤن العرش.

المصدر: ❞ كتاب الإقطاع في الدولة العباسية ❝ مؤلفه د. محمد حسن سهيل الدليمي صفحة (296 – 302).❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفه سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث.❞ كتاب الخلافة العباسية في عهد تسلط البويهيين ❝ مؤلفته د. وفاء محمد علي. ❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفه د.محمد سهيل طقوش.


شارك المقالة: