اقرأ في هذا المقال
- التمييز في الطبقات الاجتماعية عند إريك رايت في علم الاجتماع
- التمييز في الطبقات الاجتماعية عند جون غولدتورب في علم الاجتماع
التمييز في الطبقات الاجتماعية عند إريك رايت في علم الاجتماع:
إن طروحات إريك رايت هي تلك التسميات التي قد اقترحها هو بنفسه لبناء ترميز التسميات هذا، فلا يمكن أن ننطلق من عناوين المهن نفسها، بل يجب الانطلاق من الاستمارة التي هي الأداة الأساسية، لقد حرص رايت على الاعتناء بدقة متناهية بتحديد كل المراحل المتتالية التي تمكن من الانتقال من أسئلة هذه الاستمارة إلى رموز تسمياته، وإذا أخذنا كلامه حرفياً، وبحسب مقترحاته، من المستحيل ترميز طبقة شخص معين دون الحصول على الإجابات على هذه الاستمارة، فبالنسبة له، ومن نواحٍ عدة، أن النقطة الرئيسية في مشروع بحث كمشروعه هي تكوين متغيرات عملانية تستخدم من أجل التحليل، ويجب السماح بالنقد الداخلي وبإعادة الصياغة.
تطبق الاستمارة على أفراد بالغين، وتحتوي بعض الأسئلة عن الممارسات والمواقف، وتحصي المميزات الاجتماعية الديموغرافية المألوفة، وتتضمن تحليلاً لنوع العمل مع التركيز على درجة الاستقلالية والتبعية وملكية وسائل الإنتاج، إن جودة استمارة رايت التي تستخدم فئات وتسميات تقربها أكثر ما يمكن من الاستخدامات هي كالتالية، أولاً مميزات اجتماعية وديموغرافية للفرد ومن بينها الإثنية دخل الفرد، ودخل الأسر بحسب الفئات، وشهادات وميراث، ثانياً مهنة الفرد المستجوب وقرينه ،الاهتمامات، واستقلالية القرار، والمكانة في الهيكلية التنظيمية، وملكية وسائل الإنتاج، وثالثاً المشروع والمؤسسة والقطاع والموقع الجغرافي.
بصورة عامة، إن الخيارات التي على رايت أن يقوم بها خلال المراحل المختلفة لبناءاته التصنيفية مستوحاة من البساطة العملانية وهكذا اختار القرار الأول وعلى الأقل أخذ قراراً واحداً من ضمن لائحة معينة، بدلاً من مواجهة بناء معقد من خلال حالات مختلفة تخلط الأسئلة في قائمة القرارات المدروسة في الاستمارة، وتهدف إلى بناء المقاييس ولكن دون استخدام أداة تقنية ملازمة لهذا النوع من البناء الحالات الشاذة، ستعالج إذن بالرجوع إلى الحس السليم الفاعل بصورة ضمنية خلف المقياس.
التمييز في الطبقات الاجتماعية عند جون غولدتورب في علم الاجتماع:
إن ترسيمة غولدتورب تهدف إلى التمييز، ليس بين الأفراد بل بين الوضعيات داخل أسواق العمل ووحدات الإنتاج في ارتباطها بعلاقات العمالة التي ترتبت على هذه الوضعيات، فمن زاوية عملانية، اقتراح إذن غولدتورب وزملاؤه لائحة انتقال مستخدمين مهناً مفصلة في التسميات الدولية.
وتشير لكل منها فئة ترسيمتهم التي يجب وضعها فيها، بحسب شروط ممارستها المقامية مأجور أم لا، إن التجميعات المقترحة لا تنتج عن دراسة تفصيلية ومنهجية للتشابهات والفروق في الخصائص التمييزية لمختلف المهن هذه، بل بالأحرى تنتج عن كلام خبير.
كان من الممكن أن نظن نظراً إلى المبادئ المعتمدة في تعريف الترسيمة أن غولدتورب قد حدد طبقة خاصة ﻷرباب العمل، ولكن هذا لم يحدث، ويجيب غولدتورب على الانتقادات الموجهة إليه حول هذه النقطة أنه ليس هناك من ناحيته وضعيات من حيث المبدأ بل ببساطة مسار براغماتي، فأرباب العمل هؤلاء أعدادهم قليلة جداً كي نتمكن من تعيينهم في أبحاث تجريبية، وليس هناك إذن من مجال لمحاولة عزلهم عن سواهم.
إن درجة التجاور بين ترسيمة وضعيات الطبقة والتسميات في دليل الفئات الاجتماعية المهنية تظهر ﻷول وهلة كبيرة، إن الاختلاف الأول، يظهر في العناوين، فالتسمية تتجنب عن قصد استخدام تعبير طبقة لصالح تعابير ليست لها أية دلالة نظرية محددة.
أما تسمية غولدتورب فتندرج علناً في منطق تحليلات طبقية، ولكن مع رفض المقاربات الماركسية للموضوع، صحيح أن تعبير طبقة في اللغة الإنكليزية هو بالطبع أقل دلالة أيديولوجية مما كان عليه تعبير طبقة في اللغة الفرنسية لفترة ما بعد الحرب أثناء استنباط دليل الفئات الاجتماعية المهنية.
غير أن هنالك بعض الفروق تظهر في التجميعات، إن تسمية غولدتورب تفصل في الواقع أسفل التراتبية الاجتماعية لصالح تجميع أكبر للفئات العليا، بينما خيارات دليل الفئات الاجتماعية المهنية تبدو على عكس ذلك، فالتمييزات التي أنجزت هي إذن أكثر دقة بين العمال، الذين لم يتم تجميعهم في جماعة واحدة، وأقل دقة في الأعلى حيث طبقة الخدمات عريضة وتشمل الكوادر العليا والوسطى، وكذلك بعض المستقلين الأكثر ثراءً، ينتج عن ذلك صورة عن البنية الاجتماعية مختلفة جداً في الحالتين، الأولى على شكل هرم مقلوب بحسب صيغة غولدتورب، والثانية أكثر نخبوية وأكثر اقتراباً من الهرم المعتاد وفق صيغة دليل الفئات الاجتماعية المهنية.
كما أنه يجب أن لا ننقص من أهمية الاختلافات المصطلحية، فيميز غولدتورب وضعيات طبقية، ويقصد دراسة مختلف النتائج للفروق في أنماط الدخول في النشاطات الإنتاجية، فحسب دون سواها، والأسباب التاريخية التي تدفع بالإحصائيين إلى عزل الكوادر وظائف تقع في إطار تنظيمي تاريخي وحقوقي معين، تبدو له بالطبع خارج منظوره النظري.