اقرأ في هذا المقال
التوزيع الإقطاعي السلجوقي في العراق والجزيرة:
لقد كلفت السلطة السلجوقية توزيع الإقطاع تبعات ومسؤوليات ألزمتهم بتأديتها وحركات وإنَّ أهم هذه التوزيعات:
مدينة البصرة:
أقطع السلطان طغرل بك مدينة البصرة إلى هزارسب بن ينكير بن عياض الكردي بمبلغ سنوي مقداره ثلاثمائة ألف دينار. وبعد استيلاء البساسيري على بغداد سنة (450 هجري)، توجه الى واسط والبصرة واستولى عليها لكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً إذ سرعان ما أعاد طغرل بك سيطرته على الأوضاع وقتل البساسيري.
في سنة (456 هجري)، أقطع السلطان ألب ارسلان البصرة إلى الأمير أبي علي بن أبي كاليجار بسبب سوء العلاقة بين السلطان وهزارسب مقطع البصرة الذي طولب بدفع مال المقاطعة ومقداره مليون دينار. وفي سنة (459 هجري)، أُعيد هزارسب إلى البصرة مقطعاً بمبلغ ثلاثمائة ألف دينار.
ثم أقطعت البصرة إلى القائد خهارتكين الشرابي، وبعد تولي السلطان بوكياروق أقطع مدينة البصرة إلى الأمير قماج الذي اناب عنه في إدارة البصرة اسماعيل بن سلانجق. وفي سنة (499 هجري)، أقطعت البصرة إلى الأمير سيف الدولة صدقة من قبل السلطان محمد وكان بها اسماعيل بن سلانجق الذي طلب الأمان وأخذ أهله وأمواله وسار نحو فارس.
وقد استناب الأمير صدقة في البصرة مملوك له وهو التونتاش وجعل مائة وعشرين فارساً. وبعد أنّ ساءت العلاقة بين السلطان محمد والأمير صدقه سنة (501 هجري)، أقطع البصرة إلى الأمير اقتسنقر البخاري. واستناب بها سنقر البياتي الذي قتل على يد مجموعة من الأمراء والأتراك فسار إليها الأمير البخاري لاستتباب الأمن فيه.
وفي عهد السلطان محمود، أقطعت إلى الأمير عماد الدين زنكي. ثم أصبحت البصرة من إقطاعات الأمير قزل اخور وهو من مماليك السلطان محمود. وبعد وفاة السلطان مسعود سنة (547 هجري)، استعادت الخلافة نفوذها يقول البنداري: (ملك العراق من أقصى الكوفة إلى حلوان ومن تكريت إلى عبادان اقطع واسط وأعمالها والبصرة وانهارها ومعاملها وولاياتها). وأقطع البصرة إلى الأمير ناصر الدين منكوبرس.
وفي سنة (551 هجري)، أقطعت البصرة إلى الأمير ارغش المسترشدي. وفي سنة (559 هجري)، أقطعت البصرة إلى الأمير فلك الدين أبو نصر كمشتكين بن عبد الله. ثم أصبحت البصرة من إقطاعات الأمير طغرل بن عبد الله التركي وكان في خدمة خمسمائة فارس.
مدينة واسط:
بعد استيلاء السلاجقة على أراضي العراق أقطعت مدينة واسط إلى الأمير سعد الدولة كوهرائين، وكان من الأمراء المقربين وزاد أمرة لدى السلطان ملكشاه. في سنة (498 هجري)، أقطع السلطان محمد واسط إلى الأمير صدقة بن دبيس. الذي أعطى واسط ضماناً إلى صاحب البطيحة مهذب الدولة بن أبي الخير بخمسين ألف دينار.
بعد وفاة السلطان محمد سنة (512 هجري)، تولى السلطان محمود الذي أعطى واسط والبصرة إقطاعاً إلى الأمير دبيس بن صدقة. ثم أخذت منه واسط وأقطعت إلى الأمير سمان الخادم. في سنة (516 هجري)، اقطعت واسط إلى عماد الدين زنكي، وكان سبب إقطاعه من أجل الوقوف بوجه دبيس بن صدقة وقد أظهر من الكفاية مما جعلته مهاب من أمراء الأطراف.
وبعد استقلال الخلافة أصبحت واسط من اقطاعات الأمير مظفر الدين قتلغ برس الذي سار مع الخليفة المقتفي لأمر الله لقتال السلاجقة. وفي سنة (551 هجري)، توجه مقطع واسط خطلبرس مع أمراء المدن العراقية لمساندة الخلافة في حربها ضد سلطان محمد، ثم أقطعت واسط إلى الأمير يزدن وهو من اكابر أمراء بغداد توفي عام (568 هجري)،. ثم أقطعت إلى الأمير علاء الدين تنامش، ثم آلت إقطاع واسط إلى آل تنبه الشطرنجي من قبل الخليفة الناصر لدين الله سنة (575 هجري).
مدينة الكوفة:
كان مقطعها الأمير جنفل قتلغ التركي وكان هذا الأمير يتولى إمارة الحج سنة (470 هجري)، توفي هذا الأمير في إقطاعة سنة (479 هجري)، ثم أصبحت من إقطاع الأمير قايماز سنة (497 هجري)، وكانت الكوفة في هذه الفترة قد تعرضت إلى هجمات الأعراب فأمر السلطان محمد قايماز والأمير صدقة بعد هجمات هؤلاء وحماية الأطراف منهم.
ثم أصبحت الكوفة من ضمن إقطاعات الأمير منكوبرس الذي استولى على إقطاعات العراق واستبد بها. ثم أصبحت الكوفة من إقطاعات الوزير عون الدين بن هبيرة في عهد الخليفة المقتفي لأمر الله. ثم أقطعت الكوفة إلى الأمير يوغش وكان يتولى إمارة الحاج في العراق (555 هجري)، ثم آلت الكوفة إلى أملاك الخليفة الناصر لدين الله يعين عليها من يشاء من مماليكه.
مدينة الحلة:
تولّى الأمير صدقة إمارة الحلة وقد ولّاه السلطان ملكشاه وخلع عليه الخلع السلطانية، وكان أمراء الحلة المزيدين يتم تعينهم من قبل السلطان السلجوقي ولا يتم ذلك إلا بموافقة. وكانت علاقة السلطة السلجوقية والخلافة العباسية حسنة حتى أنه منح إقطاع الأنبار والفلوجة.
وعندما تولى السلطان بركياروق سنة (488 هجري)، طالب الأمير صدقة بمال المقاطعة وقدره مليون دينار إلا أنَّ الأمير رفض دفع ذلك المبلغ. قتل الأمير صدقة على أثر التصدي لقوات السلطان محمد، فأقطع مكانه قائد جيشه سعيد بن حميد العمري. وكان السلطان محمد قد أخذ أولاد صدقة أسرى لديه ومنهم دبيس بن صدقة الذي بقى في الأسر إلى سنة (512 هجري)، عندما أطلق سراحه فأقطع الحلة.
أستمر دبيس بن صدقة في إقطاعه بالحلة على الرغم من أنَّ علاقته بالسلاجقة قد اتسمت بالعداوة على طول الخط فبعد وفاة السلطان محمود أقطعت الحلة إلى مملوك الخليفة المسترشد بالله إقبال المسترشدي سنة (525 هجري)،. وفي سنة (529 هجري)، قتل الأمير دبيس أثناء قتاله ضد قوات السلطان مسعود.
أقطعت الحلة بعد وفاة دبيس إلى ابنه صدقة بن دبيس وقد قوي مركزه في الحلة من خلال زواجه بابنة السلطان سنجر وأصبح من أمراء السلطان مسعودة، وشارك معه في حروبه ضد الملك داود بن دبيس سنة (532 هجري)، ثم تولى الحلة بعده أخوه محمد من قبل السلطان مسعود وجعل معه مهلهل بن أبي العسّر يُدبر أمر الأمير.
في سنة (542 هجري)، أقطع السلطان مسعود الحلة إلى قائده السلاركرد الذي يمكث في إقطاعه بهمذان ذلك أنه لم يكن راغباً بتولي علي بن دبيس الحلة ودخل السلاركرد هو ومماليكه الحلة بعد قتال وهزيمة إلى مقطع اللحف البقش كون خر فأنجده بقوات أستطاع فيها طرد السلاركرد من الحلة.
بعد موت الأمير علي، قام السلطان ملكشاه بن محمود بإعادة القائد سلاكرد إلى الحلة لكن لم يبقى مستمر طويلاً فقد تمكن مسعود البلالي الخادم من دخول الحلة سنة (547 هجري)، فقد تعذرت عليه الإقامة في بغداد فسار إلى الحلة واشتبك مع السلاكرد وهزمه وأقطع الحلة، بعدها أرسل الخليفة المقتفي لأمر الله قواته لإسترجاع الحلة من مسعود البلالي الذي هزم في المعركة وعين الخليفة مهلهل الجاواني عليها.
في سنة (551 هجري)، أقطع الخليفة المستنجد بالله الحلة إلى الأمير قويدان وجعله صاحب إلى السلطان سليمان شاه. في سنة (555 هجري)، أقطعت الحلة إلى الأمير يزد بن قماج وكان مُكلف من قِبَل الخليفة المستنجد بالله بإجلاء بني مزيد من الحلة وقتل منهم أربعة آلاف ومن ذلك الوقت انقطعت أخبار بني مزيد في المصادر التاريخية.
وبعد عودة الخلافة العباسية نفوذها أصبحت الحلة من ضمن إقطاعات مماليك الخليفة ففي سنة (570 هجري)، أقطعت الحلة إلى قطب الدين قايماز لكنه لم يستمر طويلاً ففي سنة (571 هجري)، أقطع الخليفة المستضيء ولاية الحلة إلى الأمير أبي المكارم مجد الدين طاشتكين.
الأنبار وهيت:
كانت من إقطاعات الأمير مسلم بن قريش العقيلي، الذي كانت إقطاعاته واسعة فبالاضافة إلى الأنبار وهيت كانت مناطق الحريم والست (جنوب الموصل)، ووصلت أملاكه إلى حدود بغداد منذ أيام الأحتلال البويهي. وفي فترة التسلط السلجوقي أقر على ما بيده من الأملاك فقد أعلن الطاعة إلى السلطان طغرل بك وألب ارسلان الذي أقطعه بالإضافة إلى الأنبار وهيت منطقة حربي (بين سامراء وبغداد) والبوازيج (جنوب الزاب الصغير) إضافة إلى ما بيده من أعمال الموصل. وكان قد استقبل في الحريم الطاهري في دار الخلافة وخلع عليه.
في سنة (485 هجري)، استولى تاج الدولة تتش أخو السلطان ملكشاه على هيت بعد وفاة السلطان ملكشاه طالباً السلطة لنفسه وبعد أنَّ صفت أمور السلطة إلى بركياروق استعادها منه ثم أقطعت إلى الأمير بهاء الدولة ثروان بن وهب وأقام هو وجماعة من بني عقيل فيها.
توسعات وازدهارات في عهد الأمير صدقة بن مزيد:
في هذه الفترة شهدت الإمارة توسع ملحوظ في عهد أميرها صدقة بن مزيد ففي سنة (496 هجري)، توجه على رأس جيشه إلى هيت واستولى عليها وكان مقطعها الأمير بهاء الدولة على خلاف مع الأمير صدقة فأنقذ له عسكراً بقيادة منصور بن كثير العقيلي ابن أخ الأمير بهاء الدولة واشتبك الطرفان انتهت بهزيمة بني عقيل واستولى بني مزيد عليها وتولها ابن عم صدقة ثابت بن كامل. وبذلك زال نفوذ بني عقيل من هيت.
وقد زاد أمر صدقة حتى أقطع الأنبار جميعها بالإضافة إلى الفلوجة وقد خلعت عليه خلع لم تخلع لأمير قبله ولقب (ملك العرب). وبعد انتصار قوات الخلافة على القوات السلجوقية أصبحت الإقطاعات بيد الخليفة العباسي. أصبحت الأنبار وهيت من إقطاعات ملك الجيوش الوزير عون الدين بن أبي المظفر يحيى بن هبيرة. ثم أصبحت الأنبار من أقطاعات الملك المعظم أبو الحسن علي ابن الخليفة الناصر لدين الله.