الثروة ورأس المال والنقود في الأنثروبولوجيا الاقتصادية

اقرأ في هذا المقال


سنتناول في هذا المقال موضوعين مهمين في ما يخص الأنثروبولوجيا الاقتصادية وهما الثروة ورأس المال والنقود في الأنثروبولوجيا الاقتصادية وأيضاً سنتناول موضوع المسح المقارن يكشف عن نقاط هامة وعديدة في الأنثروبولوجيا الاقتصادية.

الثروة ورأس المال والنقود في الأنثروبولوجيا الاقتصادية:

تشكل مصطلحات ومفاهيم الثروة ورأس المال والنقود موضوعاً هاماً وجانباً أساسياً في لغة عالم الاقتصاد وعالم الأنثروبولوجيا الاقتصادية. ولكن إلى أي حد يمكن لعالم الأنثروبولوجيا الاقتصادية أن يستعملها؟ الثروة في شكل سلع مادية مختلفة ومتنوعة. لكن الثروة توجد أيضاً في شكل حقوق غير ملموسة كالتغني بأغان معينة أو أداء شعائر خاصة.

حيث قد تنتقل هذه الحقوق إلى أفراد أو جماعات أخرى في مقابل الحصول على أشكال أخرى من الثروة، كما هي الحال بالنسبة للعلاقات التجارية أو حقوق الطبع في المجتمع. كذلك يمكن أن تقاس الثروة بامتلاك الأشياء الطقوسية أو حجم الأسرة، وغيرها. ومن ناحية أخرى، نجد إن من المشكوك فيه ما إذا كان لدى الإسكيمو مثلاً مفهومات تعادل مفهوم الثروة بحيث يمكن استخدامها استخداماً مفيداً لهم.

وعلى الرغم من أن مفهوم الثروة قد لا يكون موجوداً، بل إن مفهوم رأس المال قد يحتوي على فائدة أكبر من الناحية التحليلية، على الرغم من أنه يستخدم في معظم الأحيان بمعنى محدود جداً. وفي معظم مجتمعات الإعاشة وكثير من مجتمعات الفلاحين يتألف رأس المال من أدوات ومعدات الإنتاج فقط، أو من السلع الاستهلاكية التي تعمر طويلاً.

على أن الكميات الناجمة عن مثل هذا التراكم بمعنى الثروة المتراكمة المستخدمة في أغراض إنتاجية تكون ضئيلة جداً في شعوب كالإسكيمو والسيريونو. ومع ذلك فإن المصطلح ينطوي على بعض الفائدة عند إجراء تقويم مقارن لأنماط الاقتصاد المختلفة.

ومن ناحية أخرى فإننا أيضاً لا نجد في الغالبية العظمى من المجتمعات أفراد يحصلون على كسب اقتصادي من خلال تراكم الثروة، تلك التي يستأجرونها أو يقترضونها بفائدة من أشخاص آخرين بقصد الاستغلال. حيث يمكن القول بصفة عامة أن رأس المال يوجد في كل المجتمعات، إلا أن الرأسماليين يوجدون فقط في مجتمعات قليلة نسبياً ومعقدة. ولو أننا نجد هنا غموضاً.

أما بالنسبة لأدوات التبادل المقننة أو المال فنجده هو الآخر بعيد عن أن يتخذ شكلاً عاماً. لكن وجودها مع ذلك لا ينعدم حتى في مجتمعات الإعاشة. حيث في كثير من جماعات تمثل قيماً محددة، فالهنود في كاليفورنيا نجد العقود الصدفية المصنوعة من البطلينوس أو مقننة نسبياً.

حيث يمكن القيام بتخزين تلك العقود على أساس إنها ثروة متراكمة في تبادل بعض أصناف السلع الثانية إن لم يكن معظمها. كما إنه في مناطق مختلفة من العالم تستعمل الأسنان، أو الأصداف الصفراء، وأيضاً نجد عند شعب الهايدا أن أطباق النحاس المحلية كانت تمثل نوعاً من النقود، أما قضبان النحاس الأصفر فكانت تستخدم لنفس الغرض في مناطق من أفريقيا. كما إنه في أمريكا الوسطى كانت حبوب الكاكاو والرؤوس النحاسية للمعازف تستخدم كأساليب للتبادل.

المسح المقارن يكشف عن نقاط هامة وعديدة في الأنثروبولوجيا الاقتصادية:

ومع ذلك فإن المسح المقارن يكشف عن نقاط هامة وعديدة في الأنثروبولوجيا الاقتصادية. فلا يكفي أن تقوم بعض الاقتصاديات مهامها دون وجود مال، بل حيثما وجدت الأموال، فإنها تقوم بوظائف محددة فقط، أو قد تكون هناك أنواع عديدة من النقود. والعملات المستخدمة في المجتمع هي نقود ذات أغراض عامة.

حيث تمثل معياراً واحداً للقيمة بالنسبة لكل أنواع السلع. ومع ذلك إلا أننا نجد لدى جزء من شعب التيف الموجود بأفريقيا وذلك قبل إدخال النقود الغربية، حيث أن قضبان النحاس الأصفر كانت تمثل نقوداً ذات غرض محدود في مجال الأشياء المتعلقة بالهيبة فقط.

فتبدو فكرة الملكية وكأنها حاضر أثري في كل المجتمعات. وبالإمكان إذاً استخدام مفهوم رأس المال بمعنى محدود وذلك لأغراض المقارنة. ومع ذلك نجد تحليل العمليات الاقتصادية في المجتمعات التي ليست لديها نقود يكون أكثر صعوبة، ولكنه ليس مستحيلاً في المسح المقارن في الأنثروبولوجيا الاقتصادية.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: