فترة ما قبل الأسرات في المملكة المصرية القديمة هي الفترة الواقعة من العصر الحجري القديم إلى نهاية العصر الحجري الحديث، وبالمعنى الحرفي والدقيق للكلمة فأنّ ما يشير إليه مصطلح عصور ما قبل التاريخ هو مرحلة الثقافة ما قبل الكتابة، وفي حالة مصر يظهر اختراع ما يسمى الكتابة مع نهاية العصر الحجري عام 3100 قبل الميلاد تقريبًا، وهذا أيضًا عندما ظهرت مصر ككيان سياسي موحد مما يجعلها أقدم دولة قومية في العالم.
مصر ما قبل الأسرات
كانت فترة ما قبل الأسرات في مصر التي امتدت من 4000 إلى 3050 قبل الميلاد فترة حافلة بالأحداث، فبعد بداية إنتاج الغذاء في وادي النيل قبل ألف عام على الأقل، حيث كان هذا هو الوقت الذي تم فيه تزوير هوية المجتمع المصري، كما تم توطين مصر من قبل لاجئين من صحراء الصحراء الشرقية وجنوب بلاد الشام الهاربين من موجات الجفاف في منتصف الهولوسين، وأصبحت بوتقة تنصهر فيها النيلوتيون الأصليون والرعاة الصحراويون والمزارعون بدوام جزئي والصيادون.
إنّ سكان مصر في فترة ما قبل الأسرات كانوا ممن امتدوا من سكان شمال شرق إفريقيا للعصر الحجري القديم الذين كانوا يقطنون في ذلك الوقت في معظم مساحة شمال شرق أفريقيا، فتركوا بعض من المناطق الغير قابلة للسكن والعيش -حيث كانوا يعيشون هناك في الفترة الرطبة للبلاد- ومن مثل هذه المناطق الغير مضيافة منطقة بحر الرمال العظيم، فقد كان الجفاف للصحراء بشكله النهائي غير مكتمل حتى وقت اقتراب نهاية الألفية الثالثة ما قبل الميلاد وذلك عبر المئات والآلاف من السنوات.
حياة سكان ما قبل الأسرات
في غضون ألف عام أدى الاعتماد المتزايد على الزراعة إلى حياة مستقرة، وفي بعض الحالات إلى تنمية مجتمعات كبيرة، وبحلول عام 4000 قبل الميلاد طورت المجتمعات المستقرة أيضًا تقسيمًا متميزًا للعمل بين الرجال والنساء والطقوس والمعتقدات الدينية التي كانت فيها النساء والحبوب والخصوبة والموت عناصر بارزة ومترابطة، وواجهت مجتمعات ما قبل الأسرات أيضًا أكثر عوامل زعزعة استقرار الاقتصاد الزراعي وهي تقلبات الغلة، وأدت محاولات كبح التقلبات من خلال التكامل الإقليمي إلى ظهور ممثلي المجتمع وفي النهاية الزعماء.
كما أدى إضفاء الشرعية على وضع الرؤساء من خلال الانتماء إلى القوة التقليدية والخارقة للطبيعة المرتبطة بالمرأة والخصوبة والموت واكتساب السلع الغريبة إلى تنشيط التجارة وصناعة السلع الجنائزية، وأدى توسع الوحدات الاقتصادية من خلال التحالفات مع حوادث القتال العرضية خاصة بعد 3600 قبل الميلاد إلى ظهور مجتمع دولة يحكمه حكام كبار، وكان حفل زفاف العبادة الجنائزية لمصر ما قبل الأسرات المتأخرة مع القوة السياسية والقوة العسكرية أساسًا لأروع جوانب مصر القديمة من الدين والملك.
ولا بد أنّ الناس هاجروا من هناك إلى وادي النيل، حيث تحسنت البيئة مع جفاف المنطقة، وفي هذه العملية لم يتم حتى الآن تحديد التغيير الحاسم من أسلوب حياة البدو الصيادين في العصر الحجري القديم إلى الزراعة المستقرة.
أما فيما يتعلق بزراعة المحاصيل وبالذات فيما يعرف بنطاق حيّز البستنة، فقد ظهرت ما بعد عام 5000 قبل الميلاد، حيث انتشرت وتوسعت في المجتمعات الثقافية الصغيرة والمحلية في جنوب البلاد عبر الواحات في مصر إلى السودان.
أقدم حضارات العصر الحجري
تم العثور على أقدم حضارات العصر الحجري الحديث في مصر في مرمدة بني سلامة على الحافة الجنوبية الغربية من الدلتا وأبعد إلى الجنوب الغربي في الفيوم، ويعود تاريخ الموقع إلى الألفية السادسة والخامسة قبل الميلاد، ويقدم في مرمدة بني سلامة دليلاً على الاستقرار، حيث يظهر أنّ الحبوب كانت تزرع، أما في الفيوم حيث تعود الأدلة إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد كانت المستوطنات بالقرب من شاطئ بحيرة قارون وكان المستوطنون يمارسون الصيد.
مرمدة هي موقع كبير جدًا تم احتلاله لعدة قرون وعاش السكان في أكواخ مبنية بشكل خفيف، وربما دفنوا موتاهم داخل منازلهم ولكن المناطق التي تم العثور فيها على مدافن قد لا تكون محتلة من قبل المساكن في نفس الوقت، وتم استخدام الفخار في كلتا الثقافتين، وبالإضافة إلى هذه الثقافات المصرية من العصر الحجري الحديث تم التعرف على ثقافات أخرى في الصحراء الغربية في منطقة الشلال الثاني وشمال الخرطوم، وبعضها في وقت مبكر مثل المصريين بينما تداخل البعض الآخر مع ثقافات ما قبل الأسرات المصرية التالية.