الخرافة وعلم النفس:
في مجال علم النفس احتكرت نظريات طبيب فيينا سيجموند فرويد والطبيب النفسي السويسري كارل جوستاف يونج دراسة الخرافة، وأما الخرافة الرئيسية التي ناقشها فرويد فهي أسطورة أوديب، وقد تحدث بشكل ملائم في كتابه تفسير الأحلام عن هذه الخرافة كما قارن الخرافات بالأحلام.
هناك نظريات عديدة في كل مجال معرفي ساهمت في دراسة الخرافة. ففي علم النفس، هيمنت نظريتان على المجال هيمنة شبه كاملة: نظرية الطبيب النمساوي سيجموند فرويد (١٨٥٦–١٩٣٩) ونظرية الطبيب النفسي السويسري سي جي يونج (١٨٧٥–١٩٦١).
سيجموند فرويد:
يفسر فرويد الخرافة ويحللها عبر مؤلفاته، تكمن مناقشته الأصلية للخرافة الرئيسية: خرافة أوديب، في كتابه «تفسير الأحلام» بشكل مناسب؛ حيث إن فرويد، ويونج، يعادلان بين الخرافات والأحلام. إن مسرحية «أوديب ملكًا» تحرك مشاعر الجمهورالمعاصر بشكل لا يقل عن تحريك مشاعر الجمهور اليوناني الحداثي، فإن تفسير ذلك الوحيد هو أن الأثر الذي تحققه لا يكمن في التضاد بين القدر والإرادة (الحرة) للفرد، إنما وجب التفتيش عنه في الطبيعة التي تخص المادة التي تعتبر مثلاً على هذا التضاد.
لا بد أن هناك أمرًا (كامنًا) يجعل صوتًا فينا متهيئًا لأن ينطق بفهم القوى الإجبارية للقدر في مسرحية «أوديب ملكًا»، كما أن مصيره (أوديب) يثير مشاعرنا ذلك أنه من يمكن أن يكون مآلنا نحن؛ ذلك أن الوحي الرباني قد نزل علينا قبل ميلادنا، وتقنعنا الأحلام أن الأمر كذلك، ويوضح الملك أوديب، الذي قتل أباه لايوس واقترن بأمه يوكاسته، تحقق ميولنا الطفولية، من جهة أخرى فإننا ننال حظاً أعظم من حظه، حين نجحنا في عدم الجمع بين رغباتنا وميولنا الجنسية وبين والداتنا، وفي إهمال غيرتنا ومن آبائنا، قدر ما نستطيع وعدم الانجراف باتجاه أن يصاب المرء بالاضطراب الانفعالي.
على المستوى الخارجي والظاهري، تحكي قصة أوديب الجهود العبثية التي بذلها للانفكاك من المصير الذي تحتم عليه، ومن جهة أخرى وعلى المستوى الداخلي العميق، يرغب أوديب في فعل ما لا يرغب في أفعله من الجهة الظاهرية، فهو يرغب في تمثيل «عقدة أوديب». وبهذا فإن المستوى الخارجي أو الحرفي للخرافة يخبئ المعنى الذي يكمن وراءها كما يخفي الرمز، وعلى المستوى الخارجي، يُعدّ أوديب الضحية البريئة لما هو مكتوب ومقدر، فيما هو على المستوى الداخلي العميق الكامن يُعدّ مجرمًا مذنبًا، وإذا حصل وفُهمت الخرافة بشكل صحيح، فإنها لا تمثل فشل أوديب في إن يتغلب على ما كُتب له حتمًا، بل في نجاحه في أن يحقق أمتع رغباته.