الخليفة الواثق بالله هارون بن محمد المعتصم

اقرأ في هذا المقال


الخليفة الواثق هارون بن محمد:

هو الخليفة هارون بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد، ولد هارون الواثق في العشرين من شهر شعبان من عام (196 هجري)، بطريق مكة المكرمة، وكان أبيض مُشرباً بالحمرة، جميلاً، ربعة، حسن الجسم، على عينه اليسرى نكتة بياض، شاعراً، وراوية للشعر، حليماً صابراً. وكان عمه المأمون يفضله على بعض ولده. وأمّهِ أمّ ولد ثدعى (قراطيس).

بويع بالخلافة في التاسع عشر من شهر ربيع الأول من عام (227 هجري)، بعد وفاة أبيه المعتصم. وكان يقول بخلق القرآن كأبيه وعمّه وذلك في أول أمره، وأرسل إلى أمير البصرة يمتحن الأئمة وأهل العلم بهذا القول. وقتل أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي الذي كان ذا منزلة إذ كان جده مالك بن الهيثم أحد دعاة بني العباس الأوائل والمقدمين.

كما كان أحمد من أهل الحديث والعلم، وقد رفض القول بخلق القرآن، وتهجم وحمل على القائلين تلك المقالة، وبدأ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فأحضره الواثق من بغداد إلى سامراء وقتله، غير أن الواثق قد عدل عن هذه المقالة في آخر أمره.

الأحداث التي جرت مع الواثق بعد المُبايعة:

لما مات المعتصم ثارت القيسية بدمشق وحاصروا أميرهم فأرسل إليهم الواثق قوةً بإمرة رجاء بن أيوب الحضاري وقد عسكروا في مرج راهط فقاتلهم في دوما، وانتصر عليهم، وأصلح أمر دمشق وسار بعدها إلى فلسطين لقتال أبي حرب المبرقع. وفي عام (229 هجري)، حبس الواثق كتّابٍ الدواوين، وضرب بعضهم، وفرض على بعضهم مالاً كبيراً، إذ اتهم هؤلاء الكتّاب بالخيانة وعدم الإخلاص بالعمل.

وفي عام (230 هجري)، عاث الأعراب حول المدينة فساداً فأرسل إليهم الواثق جيشاً عليه بغا الكبير فغلبهم، وأدّب القبائل التي أساءت كبني سُليم بين مكة والمدينة، وغطفان في شرق المدينة، وبني نُمير من تميم. أما بالنسبة إلى بلاد الروم، فقد مات تيوفيل بن ميخائيل عام (227 هجري)، وكان ابنه ميخائيل صبياً صغيراً، فحكمت الروم أم ميخائيل (تيودورة).

وقد تبادل المسلمون والروم الأسرى عام (231 هجري)، وكان عدد أسرى المسلمين (4362)، أسيراً وعدد أسرى الروم أكبر من هذا بكثير. وبعد تبادل الأسرى غزا أحمد بن سعيد بلاد الروم شاتياً. ومات عبد الله بن طاهر والي خراسان عام (230 هجري)، فولّى الواثق مكانه ابنه طاهراً، فأصبحت ولاية خراسان وراثيةً.

وخرج محمد بن عمرو الخارجي في ديار ربيعة، فأسر وسيق إلى سامراء حيث قتل. وتوفي الواثق في نهاية عام (232 هجري)، (24 ذي الحجة)، وبويع بعده أخوه المتوكل بن المعتصم، ولم يزد حُكمه على خمس سنوات، وتسعة أشهر وعدة أيام. أما بالنسبة إلى الإمارات فلم يتغير وضع دولتي الخوارج الأباضية في تاهرت والصفرية في سجلماسة فالأولى يحكُمها أفلح بن عبد الوهاب والثانية يحكمها ميمون بن بقية. وكذلك فإن دولة الأدارسة يحكُمها علي بن محمد بن إدريس من قبل عهد الواثق.

وكان حاكم الأندلس عبد الرحمن الأوسط (الثاني)، وقامت الحرب بينه وبين والي (تطيلة) موسى بن موسى وذلك عام (228 هجري)، وأغار الفرنجة على بلاد المسلمين عن طريق البحر، فأغاروا على شذونة وانتقلوا منها إلى إشبيلية، وهزموا المسلمين عدة مرات، وباتوا على مقربة من إشبيلية يوماً وليلة ثم خرجوا إلى مراكبهم في النهر، وسمع عبد الرحمن بالخبر فأرسل قوة لأهل أشبيلية قاتلت الفرنجة الذين تراجعوا وخرجوا إلى (لبله)، حتى قُهروا.

أما الأغالبة فقد كان والي القيروان أبو العباس محمد بن الأغلب الذي سيّر عام (228 هجري)، الفضل بن جعفر الهمداني على قيادة قوةٍ بحريةٍ نزلت في ميناء (ماسينا)، وضلَّ الفضل هناك يُحارب مُدّة سنتين، واستطاع المسلمون من دخول مدينة (ماسينا) عام (232 هجري)، وكذلك سار أبو الأغلب العباس بن الفضل الفزاري على رأس سرية عام (229 هجري)، دعماً للمسلمين هناك وقد تولّى قيادة فتح صقلية وإتمامه.

ووقعت الحرب بين محمد بن الأغلب وأخيه أحمد بن الأغلب فانتصر محمد بعد هزيمة، ونفى أخاه أحمد إلى المشرق فمات بالعراق. ولما انتهى محمد من أخيه أحمد فوجئَ بثورة سالم بن غلبون أمير الزاب، وكان محمد قد عزله عن هذه الإمارة فأظهر الخلاف، وسار نحو القيروان، وجرت بين الطرفين معارك كان نتيجتها قتل سالم وانتهاء أمر حركته.


شارك المقالة: