يجب أن تقوم العلاقة بين الأخصائي الاجتماعي وكبار السنِّ في ضوء الفهم الجيد للحاجات النَّفسية لكبار السن، ويتطلب هذا قدرة وخبرة لفهم السلوك المُتَوقَّع وأنماط الشخصية والخبرات والتفاعلات التي مرَّ بها كبار السن خلال مراحل حياتهم، وقبل الدخول في مرحلة الشيخوخة.
دور الأخصائي الاجتماعي مع كبار السن
قدّ يواجه المُمارِسُ صعوباتٍ مُتعدّدة في التعامل مع كبار السنِّ من بينها المقاومة الشديدة التي يُحتمل أن يقوم بها بعض كبار السن إلى حدّ العناد، ورفض المساعدة، وفقدان الثقة، ويتطلب معالجة هذه المواقف ضرورة تفهم أسباب المقاومة والتعامل معها، ثمَّ تحديد نوع الخدمات المطلوبة لكبار السن بعد ذلك، ثمّ القيام بأدوار الإقناع والتوجيه الملائم للحالة وِفقاً لظروفها، وتستند طريقة العمل مع كبار السن بمنهج خدمة الفرد التأكيد على أنه لا يوجد شخصان متشابهان من كبار السنِّ. وبذلك فإنَّ التفريد يعتبر أساساً وضرورياً لنجاح الممارَسة، وذلك يعني بالضرورة الرجوع إلى تاريخ الحالة، وفهم ظروف الحياة التي تعرّض لها سابقاً، وطرق تعامله مع المواقف، والمشكلات، وأساليب التكيّف، وكيفية التعبير عن الذَّات.
عند العمل مع كبار السنِّ من الضروري مراعاة أن تكون الأهداف العلاجية صحيّاً مناسبةً مع القوى المتبقية لديهم، وأن تكون متواضعة في الفهم الكامل للحقيقة القائلة بأنَّهُ يستحيل على المُسنّ استعادة قدراتهِ، وبذلك فإنَّ أيَّة تغييرات سلوكية صغيرة أو بسيطة نتيجةً للتَّدخّل تعتبر مؤشِّرات إيجابية لنتائج العلاج.
وتتدخَّل الممارسة المهنية أيضاً بصفة مُستمرة لضمان تأمين الخدمة للمُسِنِّ والتأكُّد من استمرارها خصوصاً في الحالات المُستعصية والمزمنة، وفي ذلك يعمل الممارِسون باعتبارهم مُنظِّمين للخدمة مسؤولين عن إدارتها لكلِّ حالة، وهم الذين يعملون على ربط الحالات بالخدمات، ومتابعة استمرارية تدفُّق الخدمة، والعمل من أجل تحديد الحاجة، وتقييم الظروف المُحيطة التي قد تتغيَّر من وقتٍ لآخر، والتأكُّد من الخدمات المُقدَّمة لتواجه الحاجات الفعلية لكبار السنِّ.
إنَّ العملَ مع كبار السنِّ يتطلَّب الاعتقاد في أهمية وقيمة العمل مع هذه الفئة العمرية التي لا تقلّ أهمية عن بقية الفئات العمرية الأخرى، والنظر إلى الشيخوخة باعتبارها مرحلة عمرية في دورة الحياة الإنسانية، وليست حالة مرَضيّة، ويستلزم ذلك أن يكون هناك إعداد مُسبَق مناسب من خلال مناهج تعليم تتعمق في دراسة حاجات المسنين، ومشكلاتهم، وخصائصهم، وسِماتهم الشخصية، وذلك بدون تحيّز أو أفكار سلبية مُسبَقة.
بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز الاندماج الاجتماعي لكبار السن
يعيش كبار السن مرحلة مهمة في حياتهم تتطلب الدعم الشامل والفعّال. يلعب الأخصائي الاجتماعي دورًا حيويًا في تحسين جودة حياة كبار السن من خلال بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
1. تحليل الاحتياجات الاجتماعية:
يبدأ الأخصائي الاجتماعي بتحليل احتياجات كبار السن الاجتماعية. يتفاعل معهم لفهم خلفياتهم وتحدياتهم، مما يمكنه من تقديم الدعم المناسب وفقًا للظروف الفردية.
2. بناء الروابط والعلاقات:
يعمل الأخصائي الاجتماعي على بناء علاقات قوية وثقة مع كبار السن. يتيح ذلك لهم الشعور بالراحة والأمان، مما يسهم في تحسين الصحة النفسية والعقلية.
3. توجيه الأسرة والدعم:
يقدم الأخصائي الاجتماعي دعمًا لأسر كبار السن، حيث يوجههم في كيفية التعامل مع احتياجات أفراد العائلة المتقدمين في العمر. يشجع على التواصل الفعّال وفهم احتياجات الجميع.
4. تعزيز الاندماج الاجتماعي:
يسعى الأخصائي الاجتماعي لتحقيق الاندماج الاجتماعي لكبار السن في مجتمعاتهم. يشجع على المشاركة في الأنشطة المجتمعية والمجموعات التفاعلية لتعزيز الشعور بالانتماء.
5. التصدي للعزلة والوحدة:
يُسهم الأخصائي الاجتماعي في مواجهة قضية العزلة والوحدة التي قد يواجهها كبار السن. يقدم الدعم اللازم للتغلب على هذه التحديات من خلال توجيههم نحو فرص الاندماج والتفاعل.
6. تعزيز الاستقلالية:
يعمل الأخصائي الاجتماعي على تعزيز استقلالية كبار السن قدر الإمكان. يقدم الدعم في التعامل مع التحديات اليومية وتطوير استراتيجيات للمحافظة على الحياة الذاتية.
في نهاية المطاف، يمثل الأخصائي الاجتماعي شريكًا أساسيًا لكبار السن في مسيرتهم نحو حياة أكثر رفاهية وسعادة. بفضل تفاعلهم الفردي ودعمهم الشامل، يمكن للأخصائي الاجتماعي أن يكون العنصر الرئيسي في تحسين جودة حياة كبار السن وتعزيز رفاهيتهم الاجتماعية.