العنف والتغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


السؤال المثير هو مدى فاعلية العنف ونجاحه في إحداث تغيرات أساسية في جميع المجالات يليها الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والهدوء، وهذا خلق فرقًا بين العنف والإصلاح؛ لأن أهم فرق بين الحركة الثورية والحركة الإصلاحية في الحركة الإصلاحية، هو أن الإصلاح والتنمية يتحققان بالطرق السلمية أما الثورة تستخدم عادة جماهير عنيفة وسرعة التغير بطيئة في حركة التغير وفي حالة الدوران يحدث بسرعة مفاجئة.

العنف والتغير الاجتماعي:

إن دراسة دورات العنف وتتبع لغته وعاداته ودلالاته الروحية والتقصي عن آثاره السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية يمكن أن تزود الأفراد ببعض العينات والنتائج التي ترشدهم من أجل فهم تأثير العنف على حركة التغير.

إن فهم أسباب العنف والدوافع التي تحفز الأفراد أو الجماعات على استخدام العنف يمكن أن يزود الأفراد بالمؤشرات الضرورية لفهم إلى أي مدى يمكن أن تؤدي أساليب العنف إلى إحداث تغير فعال.

يختلف الدافع وراء العنف؛ لأن علماء النفس ينسبون وجود العنف إلى سلسلة من الأسباب، بما في ذلك العنف هو نوع من العدوانية المتجذرة في البشر؛ لأن القوة عامل طبيعي متعلق بالاتصال الداخلي لكل كائن حي هذا يعني أنه من المستحيل تأكيد الحياة في الفضاء الطبيعي بدون قوة لقد وجد الأفراد هذه الحياة من خلال أشكال مختلفة من الصراعات والخيارات البيولوجية.

لكن الإنسان عقلاني شخص مختار يختلف عن المخلوقات الأخرى، من خلال التحكم في حدسه لهذا السبب يمكن للإنسان أن يوقف العنف، بنقله من الطبيعة إلى عالم الفكر إذا كان الإنسان لا يزال في الطبيعة فلن يرى إلا حقيقته المطلقة، أي أن اهتماماته الشخصية وقوته واحتياجاته ستصبح مستمرة العنف.

الحياة الاجتماعية صعبة ولا تطاق إلا أن الفكر الإنساني يدخل عناصر الحوار في العلاقة بين الأفراد والآخرين وبالتالي وضع مبادئ التفاوض والعقود الاجتماعية، ومجموعة القواعد والنظم والمؤسسات التي تنظم تنظيم الحياة الاجتماعية من أجل التقليل إلى الحد الأدنى باعتباره انسحابًا من العنف الطبيعي.

العنف هو استثناء في حياة الإنسان وهو وجود اجتماعي عندما لا تستجيب المؤسسات الاجتماعية لمصالحها ويعتقد أن هذا حق قانوني لنفسه، قال إريك فروم: “إن العنف والدمار يمثلان نتاجًا آليًا وحتميًا للإحباط والذي ينبع من الصدمة الناجمة عن فشل الأمل والرغبة لسبب ما”.

الإحباط هو السبب الرئيسي للعنف بين علماء النفس مع الأخذ في الاعتبار الإحباط حالة مؤلمة تجعل الذات تميل إلى أبعادها الخاصة وتتحرر من الضغط الذي تولده والعدوانية أحيانًا هي إحباط تسعى إلى تحقيق الذات السلوك الدفاعي عند طلب الخلاص.

الإحباط هو حالة قاتلة من اليأس فهو يستولي على الشخص ويحرمه من التفكير المنطقي المعقول ويجبره على اتخاذ مواقف غير طبيعية، لا يمكن التنبؤ بها لذلك لا يشكل السلوك العنيف سلوكًا عقلانيًا يوفر الاستقرار النفسي بيئة طبيعية مناسبة فالسلوك العنيف هو سلوك غريزي مصمم لإطلاق الطاقة العدوانية المتأصلة لدى البشر، الإحباط هو سبب العدوان فكلما زاد الإحباط زاد العدوان.

الاستبداد والتغير الاجتماعي:

يعتقد البعض أن سبب العنف هو تدمير النظام السياسي الذي ينظم العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين مختلف قطاعات المجتمع، لا سيما العلاقة بين الحاكم والمحكوم عند اختلال توازن الحفاظ على استمرارية النظام يلجأ البعض إلى العنف للدفاع عن مصالحهم أو استعادة حقوقهم التي يعتقدون أنها محروم منها.

ويمكن تلخيص هذه المشكلة على النحو التالي: عدم وجود جو حر والقدرة على التعبير والعمل وحكم الاستبداد والشمولية، وتركيز السلطة وقمع التعددية الفكرية أو السياسية، وقد دفعت مبادئ المعارضة السياسية وتعقب عناصر وقوى المعارضة بعض القوى الاجتماعية والسياسية إلى الانخراط في أعمال عنف وفي ظل غياب القنوات القانونية للتعبير يفتح باب العنف.

في مثل هذا العالم لا يمكن للمجموعات أن تجد مكانًا لقيمتها وحريتها وحقوقها القانونية وعليهم أن يجدوا الحقيقة المطلقة في أعمالهم الخاصة وأن يتوقفوا عن الإيمان بها، مما يؤدي إلى استخدام العنف كملاذ أخير والذي ينتشر بشكل غامض وأن كان هناك بصيص من الأمل.

إن الافتقار إلى القدرة على التعبير بحرية وسلمية يقود الجماعات والأفراد إلى سلسلة من العنف والتي قد لا يكون من السهل إنهائها وتفاقم الوضع الراهن، يحاول بعض الناس أن ينسبوا حدوث العنف إلى نظام سياسي استبدادي يحكم بالعنف والقمع، لأنه بسبب قسوة الإرهاب وتأثيره الواضح والبعيد المدى.

من وجهة نظر اجتماعية فإن التغييرات الجذرية التي اجتاحت المجتمع بأسره سرعان ما تركت فجوة عميقة وأظهرت تخلفًا ثقافيًا في الفشل في استيعاب التغييرات المتتالية والتكيف معها، ولا شك أن المجتمع البشري لا يستطيع إدراك التجديد يمكن للتغييرات والضغوط التي تحدثها الطاقة أن تؤدي إلى العنف كمؤشر على رفض الحقائق الجديدة.


شارك المقالة: