الفتوحات في عهد الخليفة المأمون

اقرأ في هذا المقال


الفتوحات في عهد الخليفة المأمون:

حدثت فتوحات قليلة أيام المأمون، وبالأصل فإن الفتوحات أيام الدولة العباسية تُعد محدودةً وعلى نطاق ضيق، بل تم توقف الفتوحات الواسعة منذ أواخر الدولة الأموية. فتح والي طبرستان عام (202 هجري)، (اللاز) و (الشيزر)، من بلاد الديلم، وأصبحت هاتين المنطقتين ضمن أرض الدولة الإسلامية منذ ذلك اليوم. وفتح أحمد بن أبي خالد (أشروسنة)، في بلاد ما وراء النهر عام (207 هجري).

الفتوحات في الروم في عهد المأمون:

أما الروم فقد بقوا يُعانون من مشكلاتهم الداخلية. في عام (200 هجري)، قتل الروم ملكهم إليون، وأعادوا ميخائيل بن جورجس حاكماً عليهم مرةً ثانيةً وبعد أن حكم إليون ست سنوات، وبقي ميخائيل ملكا حتى توفي عام (209 هجري)، فخلفه ابنه تيوفيل بن ميخائيل، فلما قوي أمره كان بابك الخرمي قد اشتدَّ ساعده في منطقة أذربيجان القريبة من بلاد الروم.

وهذا ما أخاف المأمون من أن يحدث تعاون بين العدوين اللدودين للإسلام هذا من طرف ومن طرفٍ آخر، فقد كان المأمون قد انتقل إلى بغداد وتعرّف على حالة البلاد بشكل جيد لذا فقد رغب أن يُقاتل الروم لتقوى هيبة المسلمين في نظرهم، ويمنعهم من مدّ يد المساعدة لبابك الخرمي، ولينصرف الناس عن المشكلات الداخلية بتوجيههم نحو الخارج.

ذهب المأمون لمُقاتلة الروم عام (215 هجري)، عن طريق بغداد ‏باتجاه الموصل منبج – دابق – إنطاكية – المصيصة ‏- طرسوس، سار من طرسوس ووصل إلى بلاد الروم، وفتح حصن (قره)، عنوةً وهدّمه، ثم وصل حصن (ماجدة) وسامح عن أهله، وخرج من بلاد الروم إلى دمشق. وعاد عام (216 هجري)، إلى غزو بلاد الروم، وربما كان الغزو في هذه المرة بسبب اعتداء الروم على أهل طرسوس والمصيصة، وخرج المأمون من بلاد الروم إلى دمشق، ومصر.

وغزا الروم أيضاً عام (217 هجري)، كما وجه ابنه العباس لحرب الروم عام (218 هجري)، كما انطلق هو بنفسه على رأس جيش، وأدركته المنية في بلاد الروم حيث نُقل إلى طرسوس ودفن فيها.

ويبدو أن المأمون قد شعر ما آل إليه العرب من رفاهيةٍ فركنوا إليها وتركوا القتال بل إن ذلك قد أضعف عندهم روح الجهاد، كما أن الفرقة قد عصفت ريحها عليهم فمزّقتهم، وأطمعت بعضهم بالمراكز فشجّع ذلك المتمردين وقوّيَ أمرُهم، وأمر الفرس كان قريباً من أمر العرب إضافةً إلى أن بعضهم.

وإن كانوا قله لا تزال أفكار المجوسية تُراودهم، كما تُراودهم فكرة الدولة الفارسية القديمة وأمجادها ‏ على حدّ زعمهم ‏ لذا فقد بنّوا بعض أفكارهم واستغلّوا بعض أبناء جنسهم باسم العصبية أحياناً، وباسم المعرفة والبساطة أحياناً أخرى، لذا فقد طلب المأمون من أخيه المعتصم أن يجلب الجند الأتراك إذ كانوا على درجةٍ من القوة لم تُفسد طباعهم الرفاهية بعد، كما لم تُمزّقهم الخلافات إلى ذلك الحين.

الفتوحات في بلاد النوبة والبجاة في عهد المأمون:

يمكن أن نعدّ من الفتوحات ما تمّ في بلاد النوبة، والبجاة، وكان النوبيون النصارى قد اصطدموا في وجه الفتوحات الإسلامية، وعقدوا صُلحاً مع المسلمين، ولكنهم لم يلبثوا أن نقضوا هذا الصلح، فقاتلهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح عام (31 هجري).

وأجبرهم على عقد صلح من جديد، ثم تجمّعوا من جديد عام (118 هجري)، للوالي عبيد الله بن الحبحاب الذي هادنهم إذ كان مشغولاً بأحداث إفريقية. ولكن هؤلاء النوبيين والبجاة لم يحفظوا هذا العهد وكثرت تعدّياتهم على منطقة أسوان، وزاد أذاهم أيام المأمون فقاتلهم، وعقد معهم عهداً جديداً عدت بلادهم ضمن أرض الدولة الإسلامية، وأهم شروط هذا العهد:

شروط عهد الصلح بين النوبيين والبجاة مع المسلمين:

1- أن يكون منطقة البجاة من كامل حدودها أسوان إلى المناطق التي تصل بين دهلك، وباضع، تحت حكم الخليفة. وأنْ يكون كنّون بن عبد العزيز حاكماً على البجاة.

2- أن يقوم ملك البجاة كل سنة الخراج على ما كان يؤديه أسلافه وهو مائة من الإبل وثلاثمائة دينار.

3- أن يُقدر البجاة الإسلام ويعطيها كامل الإحترام، وألا يذكروه بأي إساءة، ولا يُعينوا أحداً على أهله.

4- ألا يقوموا بمنع أيّ أحد من المسلمين من الدخول في بلادهم والتجارة فيها براً وبحراً.

5- ألا يمنع أحدً من المسلمين تاجراً أو مُقيماً أو مُجتازاً أو حاجّاً، فهو آمن حتى ينزح من بلادهم.

6- إذا نزل البجاة صعيد مصر مُجتازين أو تُجَاراً فلا يُظهرون سلاحاً ولا يدخلون المُدن والقرى بحال. كما فتحت جزيرة صقلية فى عهد المأمون على يد الأغالبة ‏ كما سيأتي إن شاء الله.


شارك المقالة: