القانون والمجتمع في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


القانون والمجتمع في علم الاجتماع:

يعرف القانون بأنه نسق يتكون من معايير مقننة تنظم الأداء الإنساني، وتقوم السلطة الرسمية العامة السياسية بفرض القوانين وتفسيرها.

والقانون هو مجموعة القواعد التي تهيئ أداء الأفراد داخل المجتمع تهيئاً ملزماً مقترناً بعقاب لمن يخالفه، ويربط قانون العلاقات الاجتماعية ضمن العديد من الأنشطة الإنسانية في الأسرة، وفي الاقتصاد وفي العمل وفي السياسة، وفي المدينة، بل وحتى في العالم حيث ينظم القانون الارتباطات بين الدول وبعضها البعض، وللقانون صور وأشكال تختلف باختلاف المجتمعات ودرجة تطورها، ونوعية نظمها الاجتماعية، وعلى ذلك فإن القانون يصبح موضوعاً لدراسة مختلف أنواع المعرفة والعلوم.

وتعتبر الظاهرة القانونية ظاهرة غامضة تتضمن على عناصر متنوعة بعضها حقيقي والآخر مثالي، وتتميز بصفات كثيرة بعضها رسمي والبعض الآخر غير رسمي.

وقد ترتب على ذلك أن أولئك العلماء الذين حاولوا وضع تعريف للقانون كانوا دائماً ينتقمون خاصية من خصائص القانون، أو عنصراً من عناصره ويجعلونه أساساً لتعريفهم، ولذلك تعددت تعريفات القانون بتعدد المنظورات إليه، وفي هذا الصدد اعتمد عدد من العلماء في تعريفهم للقانون على تلك الصفة الملزمة للمعايير القانونية بوصفها قواعد تفرضها الدولة، وتقوم بتنفيذها عن طريق استخدام القوة.

قد قوبل هذا التعريف بالنقد الشديد من جانب بعض علماء الاجتماع، ومن أهم الذين عبروا عن ذلك النقد هو سوركين حيث قسم نقده إلى ثلاث أفكار أساسية هي:

  • إن الدول كصورة من صور الجماعات المنظمة لم تظهر إلا في وقت متأخر نسبياً من تاريخ الجنس البشري، وقبل ظهورها كانت هناك عشائر وقبائل وجماعات طوطمية تقوم وظائفها، وليس من المعقول تصور وجود تلك الجماعات بدون قانون.
  • توجد في العديد من المجتمعات وفي المراحل الزمنية المتتابعة قوانين غير معترف بها من قبل الدولة مثل القوانين العرفية، والقوانين المخصصة بالمزارعين، وقوانين أخرى متعددة ظهرت ولم تكن في حاجة إلى اعتراف بشكل رسمي من الدولة، وفي العصر الحديث توجد في كل مجتمع من المجتمعات جماعات منظمة لها قوانينها الخاصة التي ليست لها علاقة بالدولة.
  • ذهب سوروكن إلى أن وجود الدولة يدل على وجود القانون، وأنه بدون المعايير القانونية لا يمكن أن توجد الدولة، ومعنى ذلك أن وجود القانون سابق على وجود الدولة، ومن ثم لا يمكن تعريف القانون عن طريق القول بأنه يرجع إلى قوة ملزمة تفرضها الدولة.

وذهب فريق آخر في تعريفه للقانون معتمداً على فكرة الإدارة العامة إلى أن المعايير القانونية هي تعبير عن هذه الإدارة، وقد انتقد سوروكن أيضاً هذا التعريف، وذهب إلى أنه إذا كان القانون يعتمد على الإدارة العامة، فإنه لا بدّ من استثارة أعضاء المجتمع أو أفراد الشعب فيما يخصهم من قواعد ومعايير، ولكن ذلك لا يحدث في الغالب، فالمعايير القانونية ليست مرتبطة بأية استثارة تتعلق بأشخاص في الدولة.

وذهب فريق ثالث إلى أن القوانين تستهدف حماية حرية أعضاء الجماعة، أو أنها توزع الحقوق والواجبات بطريقة عادلة، وتحمي المصلحة العامة ﻷعضاء المجتمع، وقد تعرض هذا التعريف أيضاً للنقد؛ ذلك ﻷن هناك معايير قانونية كانت تمنح السلطة غير المحدودة لشخص مستبد على شعبه، وهذه المعايير لا تقي منافع وحريات وحقوق المواطنين، وإنما تقي منافع ومصلحة الحاكم الظالم ويستند فريق رابع في تعريفه للقانون على فكرة مؤداها أن القانون يشتمل على مجموعة المعايير التي قام العقل بتطويرها.

وأن الصورة الراهنة التي تتخذها المعايير القانونية في أي مجتمع إنما تعكس درجة النمو التي وصل إليها عقل الإنسان في مجتمع ما أو آخر، ويعترض سوروكن على هذا التعريف، فيذهب إلى أن كثيراً من المعايير القانونية ظهرت وتطورت عن طريق المحاولة والخطأ وفي اعتماد على أي تفكير عقلي منظم أو على خطة مقصودة وموجهة، وما هو أكثر من ذلك أن هناك معايير قانونية مختلفة تقوم على معتقدات لا تتفق مع العقل، بل تتناقض معه، وتعتمد على الجهل الذي يتعارض مع التجربة الواقعية.

ويقسم القانون إلى جزئين رئيسيين هما القانون العام والقانون الخاص، ويتناول علماء الاجتماع القانون باعتباره أحد عوامل الضبط الاجتماعي، وقد حظيت عملية الضبط الاجتماعي باهتمام متزايد، هذا إلى جانب التركيز على عملية خلق مؤسسات وهيئات تعمل على تحقيق هذا النوع من الضبط، ولعل عبد الرحمن بن خلدون كان من أوائل العلماء الذين أشاروا إلى طبيعة العلاقة بين الضبط الاجتماعي، والقضايا التي يهتم بها علم الاجتماع القانوي.


شارك المقالة: