لقد كان المنافس والعدو الأكبر لإسبانيا هو فرنسا، ولقد حاولت إسبانيا والتي كانت تطوق أملاكها من الجنوب ومن الشمال وفي الأراضي المنخفضة ومن إيطاليا والراين بغزو فرنسا، إلا أنها فشلت في ذلك، وقد كانت هولندا تقوم بمحاولة حصولها على استقلالها من إسبانيا.
سبب انهيار إسبانيا في القرون الوسطى:
يمكننا القول أن الاستعمار الإسباني يختلف عن الاستعمار البرتغالي من حيث التجارة والاستعمار الاستراتيجي، فالاستعمار البرتغالي بطبيعته يشبه الاستعمار الإغريقي من حيث المبدأ التجاري والبحري، أما الاستعمار الإسباني يشبه الاستعمار الروماني القديم، فقد كان استعمار أرضي وعسكري وقاري، وقد تقاسمت البرتغال وإسبانيا في القرن السادس عشر ميلادي السيادة والقوة العالمية، فقد كانت القوة العظمى لإسبانيا؛ وذلك بسبب ضخامتها وجرمها، وكما نرى كيف قامت إسبانيا بتحطيم البرتغال والاستيلاء عليها، وكما عملت إسبانيا على الاستيلاء على التجارة العالمية.
وقامت إسبانيا بغزو إنجلترا وقد كانت إسبانيا في ذلك الوقت ذات قوة لا تقهر، فكانت الهزيمة الكبيرة والشهيرة لإسبانيا في عام 1588 ميلادي والتي وضعت حداً لإسبانيا كقوة بحرية؛ ممّا جعل ذلك بريطانيا آمنة في جزيرتها وتم بعد ذلك استقلال هولندا ووقفت فرنسا في وجه إسبانيا، ممّا عمل ذلك على ضعف وإنهاء أطماع إسبانيا وعمل على وقف سيادتها في تلك المناطق، وبذلك ضاعت إمبراطورية إسبانيا في أوروبا، كما ضاعت من قبلها إمبراطورية البرتغال في الشرق، ولم يتبقَ لها سوى إمبراطوريتها في العالم الجديد.
وبعد ذلك لم تلبث القوى الجديدة والتي كانت تتكون من (فرنسا، بريطانيا، هولندا) من ظهور قوتها في جُزر الهند الغربية، فقامت بريطانيا بانتزاع دولة جامايكا وجزر الأنتيل الصغرى في القرنين السابع عشر والثامن عشر ميلادي، وقامت فرنسا بالاستيلاء على جواديلوب المارتينيك، كما عملت بريطانيا وفرنسا لتقاسم هايتي، بينما خرجت هولندا والدنمارك ببعض الجزر الصغيرة، وبعد أن ظهرت أمريكا في القرن التاسع عشر ميلادي تم تقسيم الأراضي بين تلك الدول.
وبعد ذلك بدأ الدور العسكري في أوروبا يتحول من إسبانيا إلى فرنسا، وكما أصبحت هولندا هي أكبر دولة تجارية بعدما كانت البرتغال هي صاحبة القوة التجارية في أوروبا، وأصبحت تلك القوتان هما القوتان التي يحدث عليهما الصراع في أوروبا في القرون التالية.