ثقافة العربان في فلسطين:
ظهر في التاريخ الإسلامي مجموعة من الأشخاص كونوا قبيلة خاصة بهم تسمى قبائل العربان، بحيث اتخذت تلك القبائل من الصحراء مستقر لها على عدة عصور، فقد اتبعت عادات المجتمع الجاهلي وأسلوب معيشته؛ فقد كانوا يحملون على إبلهم آلات بسيطة يستخدموها في الصحراء، فقد كانوا يترحلون بين الواحات من أجل البحث عن الماء ومعهم الحيوانات من الماشية والماعز.
إنّ تلك القبائل تعرف في أدبهم وصدقهم الكبير، على الرغم من تواجد جزء منهم يرتكبون بعض أنواع الجرائم بما فيها الإغارة على القبيلة التي يراودها العداء والسرقة والنهب، فقد كان البدو لا ينصبون خيامهم في أي مكان؛ وذلك بسبب عدم توافر الأمن بشكل کامل، وعاشوا في خيامهم حياة الرحالة يغيرون أماكنهم كلما اقتضت الضرورة ذلك بحثا عن الماء والطعام لقطعانهم .
لقد استقرت هذه القبائل في بلدة العريش التي تقع على ساحل البحر المتوسط، وفي منطقة قلاة النحل التي تقع على الطريق بين مصر وفلسطين، بحيث انتشر عدد كبير من قبائل العربان حول صولطا ومعان وبلقا والقدس وصولاً إلى حدود مصر، وترشدنا معظم والوثائق التاريخية إلى معلومات بشكل مفصل عن أعداد البدو ومقدار قوتهم المسلحة؛ فقد بلغت أعدادهم في بعض الوثائق 59860 يسكنون 20585 داراً، بحيث يبلغ عدد فرسانهم بحوالي 4602 والمشاة حوالي 7650.
لقد استمر قسم من القبائل البدوية على عاداتهم التي دأبوا عليها مثل الإغارة على القرى والقيام بأعمال السلب والنهب، على الرغم من دخول فلسطين تحت حكم الدولة العثمانية، بينما التحق قسم آخر بالقوات المسلحة التابعة للحكام المحليين وأصبحوا من جنودهم، حتى إنّ مقاطعة لجون قد تركت أمانة لعائلة طورباي.
وفي عام 1584 ميلادي تم توسيع الأراضي التي منحت للشيخ البدوي أبي أويس مقابل حمايته الطريق الساحلي الذي يوصل إلى رأس العين، حتى أصبحت على شكل تيمار يبلغ إيراده السنوي 20000 أقجة، وكما هو متعارف عليه في تلك الفترة كانت إدارة الولاية تستفيد من البدو للحفاظ على الطريق المؤدي إلى الحج، وقد كان للبدو مع خدماتهم إسهامات اقتصادية أخرى، مثل تربية الخيول والأبقار والماشية، وتوفير الإبل ليتم استخدامه في عملية التنقل ونقل السلع.
وفي تلك الفترة تم تحول البدو الذين عرفوا بالقربان المسلحين إلى عنصر هدد الأمن والطمأنينة، بحيث رافق ذلك ضعف الدولة العثمانية، بالإضافة إلى ظهور الأزمات الاقتصادية في كل مكان بشكل كبير، وتذكر وثائق الأرشيف المعارك التي وقعت مع العربان.
لم تكتفي الإدارة المركزية بإصدار قرار لأمراء المقاطعة في هذا الشأن، بل عملت على تقديم المساعدة والدعم بشكل عام في الإطار المحلي من أجل مكافأتهم على نجاحهم، وكان من أبرز الأمثلة على ذلك المشاكل الكثيرة التي وقعت في عام 1605 ميلادي، ونجح أمراء مناطق الجون والصفد وعجلون في السيطرة على قطاع الطريق الذين كانوا سيبا في وقوع تلك المشاكل، مما أدى إلى زيادة مكانة الأمراء في تلك المنطقة، بالإضافة إلى رضا السلطان عليهم.
العربان في عام 1859 ميلادي:
وفي عام 1859 ميلادي وبناءً على ما جاء في الوثائق التاريخية، وقعت هناك مناوشات كبيرة بين العربان والقرويين، بحيث قام حاكم القدس في بذل جهوداً كبيرةّ من أجل تخفيف ذلك التوتر، بحيث عاش الأهالي في طمأنينة وأمان؛ فنال ثریا باشا رضا السلطان ومحبته له، لقد كان طريق الحج يمر من منطقة قبائل العربان في أراضي فلسطين، وهذا يمثل مصدراً كبيراً للرزق عندهم، فكانوا يمنحون من خلال الدولة خراجاً في كل سنة.
وكان الخراج الذي منحته الدولة العثمانية للعربان، بسبب عدم تتعرض قوافل الحج إلى أي خطر، وفي حال تراجع أو تخلف الدولة العثمانية عن دفع ذلك الخراج للعربان أو في حال رؤية العربان إنّ ما قامت بدفعه غير كافي، قام قطاع الطرق منهم بهجوم دموي على قوافل الحج وقتلوا الحجيج وسلبوا ما يمتلكون من أموال.
وفي أثناء انتهاء موسم الحج كانوا يقضون العربان أوقاتهم في الإغارة على أعدائهم، ويطلقون على الإغارة اسم الغزوة، وكانوا ينظرون إلى هذه الهجمات على أنها مصدر شرف وعزة لرجال القبيلة، لقد اتعب العربان الدولة العثمانية بشكل كبير من جهة الأمن والنظام العام؛ لذلك قامت الدولة في الأوقات التي يختل فيها الأمن العام بإنشاء مخافر للشرطة.
وفي عام 1906 ميلادي وبناءً على ما تم ذكره في المصادر التاريخية، إنّ قبيلة رميلان قد تعرضت لمجموعة عسكرية، كانت قد أرسلت لاستطلاع على أراضي الرفاه وأم الكلاب وجيسي، وهي من أراضي السلطان في منطقة القدس.