تحليل البيانات والتقرير النهائي للبحث الأنثروبولوجي

اقرأ في هذا المقال


يتطلب تحليل البيانات مراجعة دقيقة للبيانات التي تم جمعها من المجتمع المحلي، والمؤسسات المرتبطة بموضوع البحث الوحدة الصحية على سبيل المثال وحدات المعيشة.

تحليل البيانات في البحث الأنثروبولوجي:

التحليل ليس عملية تتم بعد الانتهاء من جمع البيانات، ولكنه عملية متصلة تشمل اختبار البيانات بمجرد الحصول عليها، وتصنيفها، وصياغة أسئلة إضافية، والتحقق من البيانات، والتوصل إلى نتائج. لذا يجب على القائم على البحث الأنثروبولوجي الاهتمام بالمراجعات الدورية للملفات واستكمال البيانات، والتحقق منها. كما أن البيانات التي تم جمعها يمكن أن تنبه إلى أهمية بيانات إضافية، وقد يتطلب ذلك تعديلاً في دليل جمع المادة.

والجدير بالذكر أن تلك الملاحظات الدقيقة الخاصة بالتحليل نستخدمها في تحليلنا لبيانات أبحاثنا. بالفعل يبدأ التحليل مع أول بطاقة من بطاقات الملاحظات الميدانية المدونة تدويناً فورياً. ولا شك أن لتلك الطريقة أهميتها القصوى في إدخال تعديلات هامة على الدليل، وتلك ميزة ينفرد البحث الأنثروبولوجي الذي يعتمد على الدليل كأداة من أدوات جمع المادة، وليس على الاستبيان.

ولعل أولى خطوات التحليل تبدأ بتصنيف البيانات في ثلاثة أجزاء، وإعداد تحليل وصفي يشمل:

1- المجتمع المحلي: حيث يقدم وصفاً تفصيلياً له.

2- وحدة المعيشة: حيث الاهتمام بتفاصيل كل وحدة من حيث خصائصها كتوزيعات النوع، السن، المهنة والخصائص الفيزيقية.

3- المؤسسة المدروسة: كالوحدة الصحية مثلاً وتدرجاتها المختلفة.

أما فيما يختص في تحليل البيانات وتقديمها فهي تحتوي توجيهات حول حبكة الكتابة، والتحليل الوصفي حيث قد أعطت سكريمشو الكثير من التقنيات الخاصة بحبكة الكتابة التي لابد أن تشمل تنظيم البطاقات بحيث تتضح العلاقات بين وحدات الدراسة ووصف ومقارنة الأحداث وصفاً للتناقض بين التوقعات.

والنمط الواقعي للأحداث، ومتابعة نمو أو تزايد متغيرات محددة عبر الوقت واستخدام العلاقات السببية، لوصف علاقات موجودة بين متغيرات. والاهتمام بتصنيف المادة الاثنوجرافية وفقاً للموضوعات الثقافية، كما يمكن الاستعانة بالخرائط والرسوم البيانية لإيضاح رؤى محددة في البحث مثلاً تصورات حول خطورة مرض معين.

أما عن التحليل الوصفي فإن التحليلات الإحصائية المعقدة سوف تكون غير ملائمة، ولكن يمكن استخدام طرق إحصائية بسيطة لإيضاح بعض سمات وحدات المعيشة أو المؤسسات أو بعض المعتقدات.

كما يمكن استخدام الجداول المتقاطعة لإيضاح الفروق بين مختلف المستويات السوسيواقتصادية ومختلف الاتجاهات فعلى الباحثين تصنيف الأسر إلى ثلاث مستويات سوسيواقتصادية “عالي، ومتوسط، ومنخفض” وتصنيف الاتجاهات إلى ثلاث مجموعات “إيجابي، ومختلط، وسلبي”.

كما يشمل التحليل الوصفي استخدام قوائم الاختبار التي تضم قائمة بالموضوعات أو الأحداث التي حدثت خلال جمع البيانات مثل تتبع وجود موضوع معين والتعرف على مدى انتشاره بين وحدات المعيشة. كما يتم استخدام تقارير عن استخدام الوقت، وقوائم حول الأدوار المختلفة، وأخيراً تجميعاً لبعض المتغيرات التي تبدو مترابطة.

وتنتهي مرحلة تحليل البيانات باستخلاص النتائج وكتابتها في تقرير يمكن أن يضم تعميمات (مثل أن الأم هي أول من يشعر بمرض الطفل) تدعم بأمثلة. كما يجب الاهتمام بأوجه الشبه والاختلاف واختبارها بعناية. ولعل التقنيات التالية تمكن القائم على البحث من تكوين تعميمات:

1- الاهتمام بالأعداد عدد أفراد وحدة المعيشة، والساعات المنفقة في نشاط معين، وعدد العاملين في الوحدة.

2- التنبه للموضوعات الفرعية بدقة.

3- منطقية البيانات بحيث لا تتعارض البيانات مع ما هو مقبول عقلاً مثلاً بيانات عن إحدى دول العالم الثالث بأنه لا يوجد طب شعبي.

حيث أخبر علماء الأنثروبولوجيا عن بعض الأبحاث التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي توصل أصحابها إلى نتائج كان بعضها لا يتفق والمنطق. على سبيل المثال أنه لا علاقة بين نوعية طعام الطفل وإصابته بسوء التغذية. ولكنهم هناك مع الأسف أكدوا تلك النتائج لأنهم قد توصلوا إليها من خلال الحاسب الآلي رغم أن هناك احتمالاً للخطأ في النتائج، يرجع إلى تغذية الحاسب الآلي بمعلومات خاطئة.

4- التنبه إلى العلاقات بين المتغيرات، والوصول إلى المتغيرات المؤثرة.

5- بناء علاقة منطقية باستخدام الأدلة، فالتعميمات والنتائج يجب أن تدعم بالأدلة وبالتصورات والمفاهيم النظرية.

وهكذا فلا بد أن تدعم البيانات ما تم التوصل إليه من نتائج وتعميمات وقد يستعين القائم على البحث في سبيل الوصول إلى تعميمات ونتائج ببعض التقنيات مثل زيادة عدد الوحدات المدروسة، والاهتمام بالحالات المتناقضة لمعرفة عوامل ذلك التناقض، والتأكد من تغطية التفاصيل في كل الحالات بنفس الاهتمام، كما يمكن اختيار عينة عشوائية لاختبار بعض القضايا، والتأكد من أن العينة تشمل متغيرات مناسبة.

ويجب على الباحثين بألا يهتموا بوحدات المعيشة التي يبدي أفرادها وداً أكبر فقط، فقد يكون الآخرون الأقل وداً مهمون أيضاً للبحث. وهي ملحوظة غاية في الذكاء فقد أثبتت التجربة الميدانية لعلماء الأنثروبولوجيا في البحث.

ويجب لفت نظر الباحثين إلى أهمية ملاحظة تأثير وجودهم على الأفراد، والمؤسسات أو المجتمع المحلي ككل، وأن يسجلوا تلك التأثيرات بعناية مثلاً إبداء المزيد من الاهتمام بالنظافة. ولي هنا تجربة مررت بها أثناء إجرائي لبحث حول الأطفال المصابين بالجفاف حيث كانت نصيحة الجانب الطبي القائم على البحث هو ضرورة أخذ موعد مسبق للزيارة.

وتُستكمل التوجيهات للقائمين على البحث بضرورة الاهتمام بميل الباحثين وفقاً لخصائصهم العامة النوع، الطبقة، السمات الشخصية؛ لأنها يمكن أن تؤثر على ملاحظاتهم. كما يجب تناول البيانات من منظورات مختلفة، بمعنى التفرقة بين ما يقوله الناس وما تتم ملاحظته. وأخيراً، لا بد من وزن ما تم التوصل إليه من نتائج وأدلة، وتقرير مدى التحقق من صدق البيانات بذكر إذا كان مصدر البيانات موثوقاً فيه للغاية أم غير ذلك، أو أن بعض البيانات أكثر صدقاً من غيرها.

التقرير النهائي للبحث الأنثروبولوجي:

إن تقرير البحث الأنثروبولوجي النهائي يحتوي على النتائج المتنوعة التي تعبر عن الروابط التي لها علاقة في رؤوس الموضوعات كدليل. حيث أن هناك وجوب التدوين بشكل واضح. كما أن الأشكال والخرائط من شأنها أن تجعل البيانات أكثر وضوحاً ودقة، وهي أيضاً تغني عن الشرح المطول. أن استخدام عبارات الإخباريين تجعل الفكرة أكثر تعبيراً عن الواقع. كما أنه من الضروري تلخيص النتائج الأساسية والتوصيات وكتابتها في بداية التقرير، مع إشارات لكل صفحة تحوي تفاصيل تلك النتيجة أو شواهد تؤكدها.

ويُنصح الباحثين أيضاً بألا يفكروا في ضرورة كتابة التقرير كاملاً وإنما جزءاً منه حتى يصبح العمل أكثر سهولة وسلاسة. كما أن المقدمة ليس من الضروري أن تكتب أولاً. بل يجب البدء بالأجزاء الأكثر سهولة ثم الأصعب.


شارك المقالة: