اقرأ في هذا المقال
- الفرق بين الضرب والعقاب
- دور العقاب في ظهور الجريمة
- آثار العقاب وعلاقته بظهور العنف
- شروط وشرعية العقاب للحد من الجريمة
العقوبة أو الردع هو إلحاق نوع من الألم أو الخسارة بشخص ما بسبب خطأ (أي انتهاك قانون أو أمر)، سواء كان طفلًا في أسرة أو فردًا في مجتمع أو غيره كعضو في مجموعة ينتمي إليها، فيعد الردع هو نوع من المنع بمعنى أنّ التهديد بالعقاب يفوق الرغبة في ارتكاب جريمة، ولكن الردع لا ينجح إلّا إذا كان الجاني يخشى عقوبة معقولة متوقعة، ومن هنا لا بد ن دراسته كآلية للحد من الجريمة.
الفرق بين الضرب والعقاب
من المهم التمييز بين الضرب والعقوبة الجسدية القاسية، فقد تم تعريفه في مؤتمر لعلماء النفس التنموي الردف على أنّه نهج للتأديب الجسدي غير المؤذي، ويتم إدارته بيد مفتوحة على الأطراف أو الأرداف، وعلى الأكثر لا تسبب هذه العقوبة إلّا قدرًا طفيفًا ومؤقتًا من الألم الجسدي، وأشكال العقوبة الجسدية الأشد التي تشمل الصفع والركل والدفع والضرب بأداة يمكن اعتبارها مسيئة وتعسفية.
تشير الأبحاث إلى أنّ النمذجة غالبًا ما تؤدي إلى التعلم التمييزي، حيث نتعلم أن ندرك (أو نميّز) بين الظروف التي يكون فيها الإجراء مناسبًا أو غير مناسب، فعند وضع الاعتبار مثال الوالد الذي يستخدم الضرب الخفيف التأثير (أي الضرب على الأرداف باستخدام يد مفتوحة) كعقاب أخير عندما يسيء الطفل ما قبل المدرسة التصرف، ولكنه لا يستخدم أبدًا العقاب البدني مع أطفاله الأكبر سنًا ويتحدث كثيرًا عن أهمية ألّا يكون الناس عنيفين أو عدوانيين مع بعضهم البعض.
دور العقاب في ظهور الجريمة
تتفق العديد من النظريات المعاصرة للسلوك المنحرف على أنّ سلوكيات الأبوة والأمومة الفعالة تقلل من احتمالية السلوك المنحرف، ففي السنوات الأخيرة جادل بعض الباحثين بأنّ هناك أدلة مقنعة لتعميم آخر فيما يتعلق بتأثير سلوك الوالدين على مشاكل سلوك الطفل، وهم يؤكدون أنّ الأبحاث قد أكدت أنّ الأطفال الذين يتعرضون للعقاب البدني معرضون لخطر السلوك المنحرف والإجرامي، ويجادلون بأنّ العقاب أو التأديب الجسدي له هذا التأثير لأنّ الآباء الذين ينخرطون في هذا السلوك يعلّمون أطفالهم عن غير قصد أنّ العدوان والإكراه هما نهجان شرعيان لحل المشكلات، وأنّ العقاب البدني يغذي الغضب ويولد المعارضة والتحدي.
وبالتالي بدلاً من ردع سوء السلوك فإنّه يعمل على تضخيم ميول الطفل المعادية للمجتمع، ويعتبر هؤلاء الباحثون التعرض للعقاب البدني أثناء الطفولة سببًا رئيسيًا لانحراف المراهقين وجرائم البالغين والعدوان، وعلى أساس مثل هذه الحجج اتخذت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والجمعية الأمريكية لعلم النفس مواقف حازمة ضد استخدام أي عقاب بدني، ويعتقد بعض الناس أنّ الدعم العلمي لهذا الموقف قوي جدًا لدرجة أنّ الكونجرس يجب أن يحذو حذو العديد من الدول الأوروبية ويمرر تشريعات تحظر على البالغين استخدام الأساليب الجسدية لتأديب الأطفال.
حاليًا يُحظر على الآباء استخدام العقاب البدني كشكل من أشكال التأديب في النمسا وقبرص والدنمارك وفنلندا وألمانيا وإيطاليا ولاتفيا والنرويج والسويد، كما يستخدم غالبية الآباء الأمريكيين أحيانًا العقاب البدني لتأديب أطفالهم، وآثار العقاب البدني هي مسألة تجريبية والاعتراضات الأخلاقية هي قضية منفصلة.
آثار العقاب وعلاقته بظهور العنف
غالبًا ما يستجيب الأطفال بالغضب والعدوان والتحدي عندما يدركون أنّهم عوملوا بشكل غير عادل، وتظهر الأبحاث السابقة أنّ العقاب البدني هو الأكثر ميلًا لأن يُنظر إليه على أنّه شرعي إذا كان معتدلًا، ويستخدم مع الأطفال الصغار ويتم إدارته من قبل والد دافئ ومهتم ويحدث في سياق ثقافي يشرعن العقاب البدني، وفي ظل هذه الظروف يكون التأديب الجسدي مناسبًا للعمل كرادع لمشاكل سلوك الطفل.
وعلى العكس من ذلك فإن العقاب أو التأديب الجسدي من المرجح أن يثير تصورات عن الظلم وسوء المعاملة عندما يكون شديدًا، أو موجهًا نحو الأطفال الأكبر سنًا أو يتم الاستغناء عنه من قبل الوالد الرافض أو يحدث في سياق ثقافي لا يوافق على العقاب البدني، وفي ظل هذه الظروف يكون التأديب الجسدي عرضة لتوليد العداء والتحدي ومشاكل السلوك الأخرى التي تؤدي في النهاية غالبًا للسلوك الإجرامي أو العنف.
لسوء الحظ لا تميز الكثير من الأبحاث حول العقاب البدني عادة بين عواقب الأشكال الخفيفة من العقاب البدني والأشكال الأكثر تطرفًا التي يمكن اعتبارها مسيئة، ومع ذلك فقد وجدت الدراسات القليلة التي أخذت الشدة في الاعتبار أنّ الأفراد الذين تعرضوا لمستويات معتدلة من العقاب البدني ليسوا أكثر عرضة للانخراط في السلوك المعادي للمجتمع من أولئك الذين لم يستخدم آباؤهم العقاب البدني، في حين أنّ الأشخاص الذين تعرضوا لعقوبة جسدية شديدة يظهرون مستويات أعلى بكثير من السلوك المعادي للمجتمع من أولئك الذين لم يتلقوا أي عقوبة أو عقوبة جسدية معتدلة.
أفادت العديد من الدراسات أنّ الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء الجسدي معرضون لخطر مجموعة متنوعة من السلوكيات المعادية للمجتمع بما في ذلك الانحراف وتعاطي المخدرات، وبشكل عام يكون الارتباط بين الأبوة القاسية والسلوك المعادي للمجتمع أقوى للأطفال الذين تعرضوا لإساءة شديدة.
آثار العقاب بناءً على عمر الفرد
من المرجح أن تختلف آثار التأديب الجسدي حسب عمر الطفل، وعلى الرغم من أنّ الضرب المعتدل قد يكون رادعًا لمرحلة ما قبل المدرسة إلّا أنّه من المتوقع أن يؤدي العقاب البدني إلى تصعيد السلوك المنحرف للأطفال الأكبر سنًا والمراهقين، ووجدت الدراسات السريرية التي أجريت على أطفال ما قبل المدرسة أنّ الضرب على الأرداف يزيد من الامتثال فضلاً عن فعالية الوقت المستقطع والتفكير المنطقي، في حين تميل تلك التي تركز على سلوك الوالدين خلال مرحلة الطفولة المتأخرة أو المراهقة المبكرة إلى إيجاد علاقة إيجابية بين الضرب والسلوك المعادي للمجتمع.
وقد يعتمد رد فعل الطفل تجاه العقاب البدني جزئيًا على الأقل على جودة العلاقة التي تربطه بمقدم الرعاية، فقد يكون الآباء الدافئون والداعمون قادرين على استخدام العقاب البدني للحصول على امتثال الطفل، ومن ناحية أخرى قد تعزز العقوبة الجسدية التحدي والعدوان عندما يتم تطبيقها من قبل الوالدين الباردين أو القاسيين أو غير المتورطين، وعلى الرغم من أنّ القليل من الدراسات تناولت هذه المشكلة، إلّا أنّ الأدلة تشير إلى أنّ العقاب البدني يميل إلى تصعيد مشاكل سلوك الطفل عندما يحدث في سياق علاقة مضطربة بين الوالدين والطفل، ومن غير المرجح أن تحدث هذه الآثار السلبية عندما يحدث التأديب الجسدي في بيئة عائلية دافئة وراعية.
آثار العقاب بناءً على عرق الفرد
هناك أيضًا اختلافات في آثار العقوبة البدنية حسب العرق، فقد أفادت العديد من الدراسات أنّ التأديب يستخدم على نطاق واسع ويقبله الآباء الأمريكيون من أصل أفريقي أكثر من الآباء الأمريكيين الأوروبيين، وعلاوة على ذلك تُظهر الأبحاث أنّ الأطفال الأمريكيين الأوروبيين غالبًا ما ينظرون إلى التأديب الجسدي على أنّه تعبير عن عداء الوالدين وتجاهلهم، بينما يميل الأطفال الأمريكيون من أصل أفريقي إلى قبول هذا الانضباط كتعبير صحيح عن قلق الوالدين.
تشير العديد من الدراسات إلى أنّ الأطفال الأمريكيين من أصل أفريقي يظهرون قدرًا أقل من العدوانية والتحدي والمزيد من الامتثال ردًا على العقاب الجسدي مقارنة بالأطفال الأمريكيين الأوروبيين، ويبدو أنّ العقاب البدني لا يميل إلى أن يكون له عواقب سلبية عندما تكون الأسرة جزءًا من ثقافة تضفي الشرعية على ممارسات الأبوة والأمومة هذه.
شروط وشرعية العقاب للحد من الجريمة
التأديب الجسدي مناسب لتعزيز الامتثال ويُنظر إليه على أنّه شرعي عندما:
1- يكون خفيفًا على سبيل المثال صفعة على الأرداف بيد مفتوحة.
2- تدار من قبل والد حنون وداعم.
3- أن يكون عمر الطفل بين 2 و6 سنوات.
في المقابل من المرجح أن يؤدي التأديب الجسدي إلى تعزيز التحدي والعدوان عندما:
1- يكون شديدًا.
2- تدار من قبل والد قاسي رافض.
3- أن يكون الطفل مراهقًا.
إنّ قرار استخدام العقوبات الجسدية لتأديب الأطفال ينطوي على أكثر من مسألة الفعالية، كما إنّها أيضًا مسألة أخلاقية، ففي حين يمكن لعلماء الاجتماع معالجة مسألة الفعالية فإنّ استخلاص النتائج الأخلاقية يعد خارج نطاق العلم، وفي النهاية يجب على كل فرد تحديد الظروف إن وجدت والتي قد يكون من المناسب بموجبها استخدام التأديب الجسدي.