الخدمة الاجتماعية في رعاية الشباب
إنَّ الخدمة الاجتماعية تعمل على رعاية الشباب من خلال ثلاث محاور هامَّة تتمثل في توفير الخدمات العلاجية والوقائية والإنمائية، ففي جانب الخدمات العلاجية نُساعد الشباب على حلّ مشكلاتهم الفردية من خلال تزويدهم بكل ما يُنمِّي ويقوِّي من شخصياتهم ومن ثقتهم بأنفسهم تِجاه حَلّ تلك المشكلات، ويستعين الأخصائي الاجتماعي هنا بعمليات خدمة الفرد في التعامل مع مشكلات الشباب، والمتمثلة في الدراسة والتشخيص ثم العلاج.
الخدمات العلاجية للشباب
إنَّ الخدمة الاجتماعية تُقَدِّم خدماتها العلاجية للشباب وذلك بمساعدتهم على حلّ مشكلاتهم الفردية التي تهدف إلى تنمية شخصياتهم وتقويَتها حتَّى يصبحوا قادرين على مواجهة ما يُقابلهم من مشكلات والتفكير في حلّها بصورة موضوعية بعد أن يستطيعوا فهمها والقيام بجوانبها المختلفة.
ولكي يقوم الأخصائي الاجتماعي بتلك الأدوار العلاجية فإنَّه قدّ يكتشف مشكلات الشباب الفردية وقد يأتون هم بأنفسهم إليه طالبين منه العون والمساعدة وعندئذ يُمارس عمليات خدمة الفرد الثلاثة وهي: الدراسة والتشخيص والعلاج، ويُقصد بالدراسة الإلمام بجميع الحقائق والمعلومات المُتَصلة بجوانب المشكلة سواء كانت معلومات وحقائق تتَّصل بالجانب الذاتي للعميل أو معلومات وحقائق تتَّصل بالجانب البيئي.
ثمَّ يقوم الأخصائي الاجتماعي بعد ذلك بتحليل تلك الحقائق وتفسيرها ليَخرج منها بأهم العوامل المؤثِّرة في الموقف، وقدّ تكون عوامل بيئية أو عوامل ذاتية وهذه العملية هي ما نُسميها التشخيص.
وعلى أساس التشخيص السليم لمشكلات الشباب يضع الأخصائي الاجتماعي الخطة العلاجية المناسبة لنوع المشكلة وشخصية العميل وتنقسم تلك الخطة العلاجية إلى نوعين من العلاج هما: العلاج الذاتي والعلاج البيئي وكُلاً من النوعين مُكَمِّل للآخر ولا يمكن لأيِّ خطة علاجية النجاح إلَّا إذا تكامل فيها نوعَي العلاج.
الخدمات الوقائية
أمَّا الخدمات الوقائية فتتمثل في الدور الذي يقوم به الأخصائي الاجتماعي من حيث تلافي الوقوع في المشكلات عن طريق الإسراع بتقديم خدماته الوقائية للشباب، خاصَّة بعد أن يستشعر من واقع خبرته وتجاربه ما يُعاني بعض الشباب من ضغوط وظروف بيئية غير مناسبة وعدم التكيّف مع المجتمع، فيبادر الأخصائي الاجتماعي إلى التعاون مع الجميع في ذلك، والتبصّر بحجم نتائج المشكلة إنّ وقعت فيقوم الشباب بدورهم في تفعيل جهود هم تِجاه الحيلولة دون ظهور تلك المشكلات.
الأخصائي الاجتماعي الذي يُمارس دوره المهني في رعاية الشباب يُلاحظ أنَّ هناك بعض الشباب يَقعون تحتَ ضغوط كثيرة قد تكون بيئية أو ذاتية قد تُسبِّب لهم العديد من المشكلات، والأخصائي الاجتماعي بإحساسه المهني وخبرته الفنية يحسّ بأنَّهم مُعَرَّضون للوقوع في تلك المشكلات، والأخصائي الاجتماعي خير من يعرف أنَّ الوقاية خيرٌ من العلاج لذلك نجده يُسرع في تقديم خدماته الوقائية حتى لو لمّ يُطلَب منه ذلك لأنَّ خدماته المختلفة ليست خدمات معروضة فقط لِمَن يَطلبها بل هي خدمات معروضة ومفروضة في آنٍ واحد ومن حقّ الأخصائي الاجتماعي أن يفرضها على الشباب في الوقت المناسب وذلك عندما يتعرض الفرد أو المجتمع لأضرار مؤكَّدة عندئذ يُصبح من واجبه التدخُّل ليمنع وقوع تلك الأضرار المؤكَّدة، وعندما يُقدِّم الأخصائي الاجتماعي خدماته الوقائية فإنَّه يبذل كلّ الجهود اللازمة سواء مع الشباب أنفسهم أو مع رفقائهم أو مع أُسرِهم حتى يتعاون الجميع في وضع خطَّة الوقاية اللازمة.
الخدمات الإنمائية الإنشائية
من جانب آخر تتمثل الخدمات الإنمائية في جهود الأخصائي الاجتماعي فيما يُعزِّز من عمليات البناء والإنماء للشباب بعد تزويده بالمهارات اللازمة، كالمقدرة على التأثير والإقناع، وتهيئة الشباب على تقبُّل واقعهم أولاً، ومن ثمَّ العمل على تغييره بالصورة الشمولية، وكسب ثقتهم به، بما يُمهِّد الطريق لإنماء قيم واتجاهات وخبرات الشباب وتدعيم علاقاتهم ببعضهم البعض من جانب، وعلاقاتهم بمجتمعهم من الجانب الآخر، وتعديل سلوكياتهم، واتجاهاتهم واكتساب معارف جديدة وتقنيات عصرية متكاملة ترسِّخ تفاعلهم مع مجتمعهم، ومن أجل إثراء نهضته.
وتشترك جهود الخدمة الاجتماعية مع جهود مؤسَّسات رعاية الشباب في تزويد الشباب بالقيم الصَّالحة بما يتماشى مع قِيَم ومعتقدات المجتمع وثقافته، بحيث تُعين الشباب على المشاركة في خطط وبرامج وأنشطة تلك المؤسسات من خلال استثمارهم لطاقاتهم وخبراتهم وتكوين مكتسبات ومهارات عقلية واتجاهات جديدة، كتحمُّل المسؤولية الاجتماعية، ولعب الأدوار الهامَّة بالمجتمع، وتنمية الشعور بروح الفريق الواحد والتعاون من أجل الهدف المشترك، حيث إثبات شخصياتهم وتنميتها والاستفادة من الرِّعاية المتكاملة التي يتلقونها، نفسيةً كانت أو جسميةً أو اجتماعية.
وإذا نجحت الخدمات الإنمائية فستنجح الخدمات العلاجية والوقائية وستَؤدِّي الخدمة الاجتماعية أدوارها على أكمل وجه في مجال رعاية الشباب ولن يتحقَّق ذلك إلا بوجود أخصائي اجتماعي مؤمن برسالته مُحِب لعمله ومُخلِص في أدائه.
ويمكن للأخصائي الاجتماعي أن يُقدِم ويُضيف الكثير من الإسهامات فيما يَخصّ إعانة الشباب نحو تحقيق أهدافه:
1 – إعداد الدراسات والبحوث الخاصَّة برعاية الشباب، وإضافة ما يمكن من مقترحات، أو برامج أو خطط تساعد في الارتقاء بتلك الرِّعاية.
2 – دعم الأنشطة الشبابية والارتقاء بها من خلال تنظيم المعسكرات والرحلات وتفعيل مشاركات الشباب بمختلف أنواعها.
3- الإسهام في إعداد الخطط والبرامج التي تهتم بالشباب، وتهدف إلى إنمائهم اجتماعياً وعقلياً ونفسياً وتأهيلهم ليلعبوا أدواراً مهمَّة في المجتمع.
4 – طرح مشكلات الشباب وما يحدث في حياتهم من نقص ومعوقات أمام الجهات والمؤسَّسات الأخرى الدَّاعمة لنهضة الشباب وتنميته بالطرق والوسائل والخطط الناجحة.
5 – تعريف الشباب بقضايا مجتمعهم ومشكلاته الحالية من مشكلات بيئية أواقتصادية أواجتماعية أوإسكانية أوصحيَّة وغيرها.
6 – دعم الشباب ومساعدتهم على التكيّف الاجتماعي وتعزيز انتمائهم لوطنهم ومجتمعهم وأُسرِهم وتعويدهم على الاعتماد على النفس.