طبقات وجماعات المقام نحو منظور بيير بورديو

اقرأ في هذا المقال


طبقات وجماعات المقام نحو منظور بيير بورديو:

يحصر ماكس فيبر استخداماته لتعبير طبقة في جماعات أو تجميعات قائمة على موقع الأفراد في التنظيم الاقتصادي، بهذا المعنى يقترب ماركس، إلا أن هذا لا يضيف أي مبدأ آخر يمكن بموجبه النظر إلى المجتمعات من أجل البحث عن بنى متضمنة فيها سوى تنظيم الإنتاج، أما فيبر فقد أدخل بالإضافة إلى التنظيم ما أسماه الفئات وباللغة الأكثر راهنية “جماعات المقام”.

إن جماعات المقام تتماثل مع الطبقات الاجتماعية بالمعنى الأكثر عمومية، إن تعيين مجموعة من الجماعات جماعات المقام في مجتمع ما ينظمها، يحدد ترسيمة تبعية، على نقيض ذلك، ومهما بدا في الأمر مفارقة، فليس من المؤكد أن تقود الطبقات كما طرحها فيبر بصورة آلية إلى ترسيمات التبعية، وبما أن الطبقات هي تجميعات أشخاص على قاعدة التشابهات في الولوج إلى أسواق العمل والسلع الاقتصادية، وبما أن طريقة قياس هذه التشابهات ليست محددة، فإن إمكانية التعدد الكبير للتجمعات المقبولة هي على الأقل نظرياً معقولة.

فإذا استندنا مثلاً إلى تحديدها على كمية الموارد وهي كمية تسهم بلا شك كثيراً في تعريف فرص الحياة، في المجتمع سلعي، ورتبنا الأشخاص بحسب شرائح المداخيل الرقيقة جداً، يصبح عدد الطبقات تقريباً لا نهاية له والفروق بينهما تصبح ضعيفة جداً، مما يؤدي بصورة مستغربة، بهذه الطبقات التي صيغت على هذا النحو، إلى تحليلات ذات منطق قريب جداً من منطق التحليلات المرتبطة بالتصورات وفق ترسيمات التدرج.

مهما يكن من الأمر، وعلى أثر التعقيدات التي أدخلها ماكس فيبر، إن المنظرين الحاليين للطبقات الاجتماعية يجب أن يقرروا ما هو المركز الذي يعطونه لجماعات المقام المحتملة.

فسيكون أول نموذج من الإجابة اعتبار أن مواقع الطبقة يجب أن تتحدد حصرياً بأنماط اندراجها في النظام الاقتصادي، وبمعزل عن الطريقة الدقيقة التي نعاين بها أنماط الاندراج هذه، يمكن تصور منظورين حول جماعات المقام، أحدهما هو القول بأن هذه التجمعات إذا وجدت، هي ذات أهمية ثانوية، أو على كل حال يجب تحليلها كملحقة أو ناتجة عن التنظيم بحسب الطبقات الاجتماعية المحددة إذن بالمكانة في التنظيم الاقتصادي.

جماعات المقام والمقام الاجتماعي:

وثاني نموذج هو اعتبار أن جماعات المقام والمقام الاجتماعي هي من نوع آخر من الظواهر تختلف عن الطبقات المحددة بالرجوع إلى التنظيم الاقتصادي، فيجب إذن ويمكن أن تدرس بمعزل عن سواها، الموقف الأول هو في التقليد الماركسي الذي يرى في الاقتصاد الإنتاجي البعد الأساسي لتنظيم المجتمعات، والثاني هو في التقليد الفيبري الذي يرى أن الاقتصاد الإنتاجي هو بعد إلى جانب أبعاد أخرى.

وهناك نموذج آخر من الإجابة يمكن تصوره وقليلاً ما يعرض حالياً في الحقيقة، وهو الذي يحاول الدمج بين المنظورين اللذين قدمهما فيبر لبناء ترسيمات التبعية، فالطبقات الاجتماعية عندها ستعرف بأنها المزج بين الموقع في النظام الاقتصادي والانتماء إلى جماعة المقام، إنه إلى حد ما الحل الذي تبناه بيير بورديو مع بالطبع العديد من الصفات الخاصة بمبدأ الدمج هذا، فالطبقات تتحدد بكميات رؤوس الأموال الاقتصادية والثقافية التي تملكها كميات تنتج بجزء من الأفعال الإدارية إلى حد ما، والتي تقوم بها كي تعرف نفسها.


شارك المقالة: