ظاهرة الاحتجاج في الشوارع

اقرأ في هذا المقال


يشرع علماء الاجتماع في دراسة وتحليل الظواهر الاجتماعية الديناميكية التي تهم المجتمع وأفراده، لذا قامو بدراسة شاملة حول ظاهرة الاحتجاج في الشوارع ببيان تاريخ هذه الظاهرة ومفهومها والجهود المبذولة لتحقيق أهدافها وأخيراً دراستها كمجال حيوي متعدد التخصصات.

تاريخ ظاهرة الاحتجاج في الشوارع

من وجهة نظر علماء الاجتماع إنه منذ التاريخ كان هناك احتجاج كبير ومستمر ضد الإدارة، وتعد ظاهرة الاحتجاج والمظاهرات في الشوارع من أكثر أشكال المعارضة وضوحًا للإدارة وسياساتها، حيث ويستعرض علماء الاجتماع في دراسة ظاهرة الاحتجاج في الشوارع الطريقتين الأكثر مركزية للدراسة على نطاق واسع، وهما:

بناء قواعد بيانات شاملة للفعاليات وإجراء مسوحات ميدانية للمشاركين في المظاهرات، وبعد مناقشة التطوير الأوسع لهذه الأساليب، يقدمون في هذه الدراسة تقييمًا تفصيليًا للمشاريع الأخيرة والجارية التي تدرس الموجة الحالية من الخلاف، ويتم تقديم التوصيات لمواجهة التحديات الرئيسية، بما في ذلك إتاحة البيانات للجمهور في الوقت الفعلي تقريبًا ، وزيادة صحة وموثوقية بيانات الحدث، وتوسيع نطاق استطلاعات الرأي الجماعية.

ووجد الباحثون الاجتماعيون أن معظم الدول شهدت موجة من الاحتجاجات، حيث شارك ملايين الناس في مسيرة واحتجاجات في عدد من الاحتجاجات الضخمة متعددة المواقع، بما في ذلك مسيرة المرأة عام 2017 و2018 و2019، ومسيرة العلم عام 2017، ومسيرة من أجل الحياة عام 2018، ومسيرة العائلات تنتمي معًا عام 2018، والإضراب الوطني للطلاب عام 2018، وإضرابات المناخ العالمية عام 2019، وكان النشاط المتزامن في مواقع متعددة أحد مكونات الاحتجاج على الأقل منذ حركة العولمة، وكان سمة ثابتة لهذه الظاهرة.

ما هي ظاهرة الاحتجاج في الشوارع

يرى علماء الاجتماع أن في زمن الاستقطاب السياسي الحاد، تُعد ظاهرة الاحتجاج في الشوارع وسيلة ملحوظة لمحاولة المواطنين إيصال آرائهم حول القضايا  والمسائل الرئيسية، وظاهرة الاحتجاج في الشوارع هو جزئيًا استجابة لمخاوف المواطنين من عدم تمثيلهم بشكل جيد من قبل المؤسسات الحكومية، ونتيجة لذلك ومن المهم فهم طبيعة هذه الظاهرة والاحتجاجات والرسائل التي تتنقله ومن يحتج؟ وعدد المرات؟ وما هي الرسائل التي يحاولون إرسالها؟ وكيف ترتبط الاحتجاجات إن وجدت بالأنشطة السياسية الأخرى؟ فمثلما يوجد علم طويل الأمد لقياس الرأي العام هناك أيضًا علم يتطور باستمرار لدراسة ظاهرة الاحتجاج في الشوارع.

وعلى عكس استطلاعات الرأي العام التي تنقل ما إذا كان الناس يدعمون فكرة أو مرشحًا فإن الاحتجاج يساعد في الإشارة إلى قوة الرأي حول موضوع ما وتوضيح ما يهتم به المواطنون بدقة أكبر، وتقدم هذه الدراسة لمحة عامة عن هذا المجال من البحث ثم تناقش طريقتين مركزيتين لدراسة الاحتجاجات في الشوارع التي كانت نشطة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

وقد قدمت الأبحاث السابقة مساهمات مكثفة لفهم الطرق التي أثر بها الاحتجاج على الحكومة والسياسة، وأظهر العلماء القيمة الاجتماعية للاحتجاج في مجموعة واسعة من المجالات، مثل النضال من قبل مجموعات الأقليات من أجل الحقوق الإجرائية والعدالة الموضوعية والنضال من أجل الديمقراطية ضد الحكومات الاستبدادية والجهود عبر الوطنية من أجل إنهاء الحرب والنزعة العسكرية وكذلك الحركات الرجعية التي تحاول عرقلة التغيير التدريجي.

وقد سلطت الدراسات في ظاهرة الاحتجاج في الشوارع الضوء على وظائف واختلالات النظم السياسية في موضوعات تشمل دور المؤسسات الإعلامية الرئيسية والمكانة المتطورة لوسائل الإعلام الجديدة في التعبئة الشعبية والتطور المشترك بين الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية، ودور الاحتجاجات في تشكيل السير الذاتية للناس وبناء شبكات المناصرة عبر الوطنية وتأثير الاحتجاج على نتائج السياسة العامة.

توسع ظاهرة الاحتجاج في الشوارع مع جهود تعاونية

كما وجد علماء الاجتماع أن توسع احتجاجات الشوارع يتزامن خلال اللحظة السياسية الحالية مع جهود تعاونية جديدة لدراسة ظاهرة الاحتجاج في الشوارع علميًا على نطاق أوسع، ومن بين أبرز هذه الجهود المشاريع المدعومة عبر الإنترنت لحساب أحداث الاحتجاج المترامية الأطراف وتصنيفها، فضلاً عن الاستطلاعات المنسقة في الاحتجاجات الموزعة عبر المكان والزمان، بما في ذلك استخدام التقنيات المحوسبة للمساعدة في جمع البيانات.

وتقدم مسارات البحث هذه فرصًا جديدة للتحقيق في الروابط بين الاحتجاجات والسياقات المحلية المتنوعة، والنشر في الوقت الفعلي لتكتيكات الاحتجاج عبر الفضاء والروابط بين الحركات الاجتماعية المختلفة التي تتقدم خلال نفس الفترة، وموضوعات أخرى ربما لم تكن بهذه السهولة.

دراسة ظاهرة الاحتجاج في الشوارع كمجال حيوي متعدد التخصصات

من المهم تسليط الضوء على إنه لا تركيز علماء الاجتماع على احتجاجات الشوارع ولا اهتمامهم بإحصاء الأحداث واستطلاعات الرأي للحشود يعني أن هذه الموضوعات والأساليب هي المقاربات الوحيدة لدراسة ظاهرة الاحتجاج في الشوارع، على العكس من ذلك فإن دراسة الحركات الاحتجاجية والاجتماعية هي مجال حيوي متعدد التخصصات يحتضن مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأساليب المنهجية.

على سبيل المثال هناك أدبيات اجتماعية غنية تبحث في العلاقة بين الإنترنت والنشاط الاجتماعي، ولم يتم فحصه في مناقشة للاحتجاج في الشوارع، ومع ذلك نظرًا لمركزية احتجاجات الشوارع بالنسبة للحركات الاجتماعية هذه الأساليب بالنسبة للمنح الدراسية السابقة والحالية تهدف إلى الاستفادة من فرصة التوسع في المشاريع الناشئة التي تهدف إلى تنسيق العمل في الاحتجاجات في الشوارع.

ويشرع علماء الاجتماع في هذه الدراسة في تفصيل جهدين يوثقان أكبر عدد ممكن من أحداث الاحتجاج التي تم الإبلاغ عنها ومشاركة هذه البيانات مع عامة الناس والباحثين، وبعد ذلك مناقشة المشاريع التي أجرت مسحًا للمتظاهرين في الشوارع في المسيرات بأنفسهم.

ومن جهود المؤرخين الاجتماعيين بدأ العلماء في تجميع كتالوجات أحداث واسعة النطاق للحشود والمظاهرات والإضرابات وأعمال الشغب والظواهر ذات الصلة، وكإبتكار منهجي ونظري مكنت ممارسة بناء قواعد بيانات الأحداث لتوثيق حدوث الاحتجاجات وخصائصها العلماء من فحص مجموعة واسعة من الأسئلة، وتوفر قواعد بيانات الأحداث ترميزًا موحدًا للسمات الأساسية للأحداث بما في ذلك من وماذا ومتى وأين ولماذا الأحداث.

وبوجود هذه البيانات في متناول اليد يمكن للعلماء تتبع صعود وهبوط الحركات والتغيرات في الأهداف أو التكتيكات والنمط الجغرافي للاحتجاج، كما تم استخدام بيانات الأحداث لوصف العنف السياسي وتفسيره والتنبؤ به، من أعمال الشغب في المناطق الحضرية إلى اندلاع الحرب الأهلية، وعادةً ما يجمع الباحثون الاجتماعيون بيانات الأحداث مع البيانات الزمنية والمكانية الأخرى للإجابة على أسئلة حول الروابط بين العمل الجماعي والمؤسسات السياسية والاجتماعية.

تم تجميع أقدم قواعد بيانات الأحداث لتوثيق نشاط الإضراب الذي بدأ في أواخر القرن التاسع عشر، وتم تبني هذه الأساليب على نطاق أوسع منذ الستينيات بالتزامن مع زيادة الاهتمام الأكاديمي بسياسة الاحتجاج.


شارك المقالة: