علاقة علم الاجتماع بعلم النفس:
يعتبر علم الاجتماع (أو سوسيولوجي) حديث لا يزيد تاريخه مائة وثلاثين سنة وذلك ﻷنه يستند إلى أن أول استخدام لكلمة (اجتماع)، حيث كان في كتاب أوجست كونت (الفلسفة الايجابية)، وقد كان قصد كومت هو التعبير بكلمة (اجتماع) عن الدراسة العلمية ومجال البحث العلمي المختصة للقوانين الأساسية للظواهر الاجتماعية.
ويدرس علم النفس الإنساني بكافة أنواعه، الظاهر منه والباطن، الشعوري منه واللاشعوري، والفطري منه والمكتسب، كما يهتم علماء النفس بدراسة العمليات العقلية كالإدراك والتصور والتخيل، والتفكير، والتعليم، ويركزون على دراسة المشاعر والعواطف والدوافع، والحوافز وغير ذلك، وتجري دراسة كل هذه الموضوعات والجوانب في إطار الشخصية التي ينظرون إليها على أنه كل متكامل.
وهناك تقارب واضح بين علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وهو الذي يدرس السلوك الاجتماعي الناشئ عن انخراط الإنسان في التفاعلات الاجتماعية، فعلم النفس الاجتماعي يهتم بدراسة مجموعة من الموضوعات التي تحتل أهمية جوهرية في التحليل السوسيولوجي مثل الاتجاهات، والجماعات والرأي العام والفعل الاجتماعي، وقياس العلاقات، وبهذا فإن علم النفس الاجتماعي يشترك مع علم الاجتماع في دراسة الشخصية الإنسانية داخل السياق الاجتماعي، والانتماءات الشخصية والطبقية والمهنية وغيرها من الأمور التي تؤثر على سلوك الفرد وتفاعله الاجتماعي.
كذلك فإن بعض علماء النفس يهتم بدراسة أثر البيئة أو المناخ على بعض العمليات العقلية كالإدراك والتصور والتخيل، أي أنهم يهتمون بالمضمون الاجتماعي والثقافي لهذه العمليات، ويقول عالم الاجتماع الأمريكي وليم أوجيرن، أن علم الاجتماع قد أدرك أهمية دراسة الشخصية، كما أدرك علم النفس أهمية دراسة الثقافة، ومن هنا قام الترابط بين هذين العلمين.
وهناك اتجاه في علم الاجتماع يعرف باتجاه الفعل الاجتماعي، وقد اهتم أنصار هذا الاتجاه بتحليل الفعل الاجتماعي إلى مكوناته الأساسية بهدف الوقوف على دوافعه وأبعاده وموجهاته وآثاره على الفرد والجماعة والمجتمع، وأيضاً موضوعات كالقيم والتنشئة الاجتماعية، والعلاقات المتبادلة بين العوامل الثقافية والعوامل السيكولوجية، هذا ورغم اختلاف مداخل الدراسة في علم النفس عنها في علم الاجتماع، إلا أن مثل هذه الاختلافات تتلاشى عن الممارسة الفعلية، بحيث يصعب التمييز بين ذوي المهارات في التحليل السوسيولوجي وذوي المهارات في التحليل السيكولوجي.