عملية التمثيل والتكيف في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


عملية التمثيل في علم الاجتماع:

استعار علماء الاجتماع هذا الاصطلاح من علم البيولوجيا، إذ أن التمثيل الغذائي في هذا العلم تعني امتصاص الجسم للعناصر الغذائية وتمثلها في أعضائه بحيث أصبحت من مكوناتها، وبنفس المعنى يستخدم هذا الاصطلاح في علم الاجتماع فهو يعبر عبر عملية امتصاص وهضم الأفراد لعناصر ثقافية وحضارية ونظم اجتماعية دخيلة على تراث ثقافتهم الأصلية، بحيث تنصهر العناصر الجديدة وتمزج بالعناصر الثقافية الأصيلة، وبذلك يتم تقبل الأفراد والجماعات لسمات ثقافية من جماعات أخرى نتيجة للاحتكاك والاتصال الاجتماعي بينهم، وتتم هذه العملية بصورة تدريجية تطويرية.

ويعتبر التمثيل هو النتيجة التي تنتهي إليها عمليتا الصراع والتكيف، وبمقتضى هذه العملية تتلاشى الاختلافات، وتتوحد مواقف الأفراد وتحقق وحدتهم وتصبح مواقف الجماعات غير المتماثلة، وتصبح الأهداف الذاتية واحدة بالنسبة للجميع، فيشتركون جميعاً في مشاعر واحدة، ويتجسدون حياة ثقافية واحدة.

والتمثيل كعملية اجتماعية ليس مقصوراً على النواحي المتعلقة بالتراث الثقافي بل تسيطر على مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية، فالزوج والزوجة يبدآن حياتهما الزوجية وهما غير متماثلين في طباعهما وسلوكهما وعاداتهما، وبمرور السنين يتم تماثلهما ويتحقق بينهما التماثل والتفاهم.

وقد تبدو عملية التمثيل عملية سلبية أي تتم من جانب واحد، بمعنى أن الفرد في اندماجه بالمجتمع الجديد، إنما يكون قد تقبل حضارة وثقافة غيره دون أن يضيف إليها شيئاً من عنده أي أن الفرد سلبي يأخذ ولا يعطي.

عملية التكيف في علم الاجتماع:

يعتبر التكيف عملية توفيق على التساهل والتحمل والتضحية من جانب الأفراد، فكل شخص يتدرب على قبول النظم والأوضاع الاجتماعية، ولو أدى ذلك إلى تنازله عن جزء من مصالحة الخاصة، فالتكيف عملية أخذ ورد ودين بين أفراد الجماعة، وبذلك يحدث الانسجام والملائمة بين الإدارات الفردية المتصارعة، أو بين الهيئات والجماعات المتعارضة في مصالحها الطائفية أو المهنية، أو بين تقاليد قديمة وتقاليد مستحدثة.

وتلعب عملية التكيف دوراً كبيراً في تسهيل قبول الإنسان لظروف البيئة التي يعيش فيها، ويصبح قطعة منها، فلا يشعر بوطأة نظمها، بل تتأصل هذه النظم التشابه بين الظروف الاجتماعية التي تواجه جميع أفراد الجماعة بحيث يستطيعون القيام بفاعليات مختلفة ولكن بحد أدنى من التصادم والتنافر.

ويتضمن التكيف تغيير في العادات والتقاليد والنماذج الثقافية المتصلة بها، كما يؤدي إلى تماسك الجماعة ﻷنه يقرب أفرادها من بعضهم، ويقضي على الفتن والمشاحنات والتصارع في الجماعة.

وتظهر أهمية عملية التكيف بشكل واضح، عندما تهاجر جماعة من بيئتها الأصلية إلى بيئة اجتماعية أخرى مختلفة عنها في تراثها الثقافي، ففي هذه الحالة تواجه الجماعة المهاجرة صراعاً داخلياً عنيفاً بين التراث المتأصل فيها، وبين أوضاع البيئة الاجتماعية الجديدة، ويظل الصراع قائماً إلى أن يتم التكيف.


شارك المقالة: