ما هو أساس حرب الوردتين؟

اقرأ في هذا المقال


كان نظام الحكم في إنجلترا ينص على تولي الابن الأكبر الحكم بعد وفاة والده، وعندما توفي الملك “هنري الأول” ملك إنجلترا كان لا بُدّ وحسب القانون الإنجليزي بأن يتولى أبنه الحكم من بعده، إلا أن الملك “هنري الأول” لم يكن لديه وريث من الذكور، فتم إختيار إبن إبنته الملك “هنري الثامن” لتولي الحكم من بعده، إلا أن وحسب قانون العرش الإنجليزي لا يحقق لابن ابنته بتولي حكم العرش في إنجلترا؛ ممّا أدى ذلك إلى حدوث حرب السلطات في إنجلترا.

أساس حرب الوردتين:

في القرن الخامس عشر ميلادي تم حينها خلع الملك “ريتشارد الثاني”، فأصبح العرش الإنجليزي حينها محطاً للخلافات، فقد كان هناك عدة خلافات من قِبل أبناء الملك “إدوارد الثالث”؛ وذلك من أجل إدعاء كل واحد منهم أنه هو الأحق في تولي حكم عرش إنجلترا، وقد كانت طبقة النبلاء ومالكي الأراضي الإنجليزية هم من يقومون بإثارة الحرب في إنجلترا، حيث كانت تلك الطبقة الارستقراطية لها تأثير سياسي كبير في إنجلترا؛ وذلك بسبب ما كانوا يملكونه من أراضي وعقارات وخدم وعبيد، كما أنهم كانوا يقومون بتحريض وتجهيز الجنود لخوض تلك الصراعات؛ وذلك من أجل المحافظة على مكانتهم في إنجلترا.

وفي تلك الفترة كان ملوك إنجلترا يقومون بطلب المساعدة العسكرية من النبلاء الإنجليز ومالكي الأراضي في إنجلترا، فقد كان ملوك إنجلترا حينها يحرصون على أن تكون علاقتهم علاقة طيبة مع الطبقة الاستقراطية؛ حيث أنهم كانوا يخافون أن يحدث انشقاق في الطبقة الأرستقراطية؛ ممّا يؤدي ذلك إلى التأثير على حكمهم وعلى استقرار  إنجلترا.

كما توجد هناك عدة أسباب أدت إلى حدوث حرب الوردتين، حيث أنه بعد أن تم هزيمة إنجلترا في حرب المئة عام أصبح أصحاب الأراضي في إنجلترا يعانون من الخسائر التي تعرضوا تعرضوا لها، كما أصبحت الطبقة الوسطى في إنجلترا أكثر نفوذاً وقوة، فأصبحت إنجلترا تعاني من عملية نقص صناعة الصوف والأقمشة، فاضطرت حينها إلى استيراد الأقمشة الصوفية من الدول المجاورة لها.

وأثناء فترة حكم الملك “هنري السادس” والذي كان لا يزال رضعياً حينها وكان يتم حكم إنجلترا من قِبل مستشار المملكة زادت المشاكل والمظاهرات؛ وذلك بسبب الفوضى والفساد التي كانت تعاني منه إنجلترا في تلك الفترة، كما كانت طبقة الفقراء تشكك في شرعية الحكم في إنجلترا وكانت غابة على السياسية التي يتم إتباعها في حقهم.

وزادت بعد ذلك أعمال الشغب والعنف في إنجلترا وخاصة من قِبل الجنود الذين عادوا من معركة إنجلترا مع فرنسا، حيث أنهم كانوا يعانون من قلة المال والغذاء، فألجوا إلى أعمال العنف والسرقة وخاصةٍ بعد تعودهم على ذلك أثناء فترة حرب المئة عام والتي كانت بين إنجلترا وفرنسا، فقام النبلاء في إنجلترا باستغلال تلك الفئة وقاموا بدفع لهم الأموال حتى يقوموا بحمايتهم وحماية سلطتهم.

وفي فترة الحروب الأهلية في إنجلترا كان النبلاء يقومون بالقتال إلى جانب جنود المشاة؛ وذلك من أجل تشجيعهم على خوض تلك الحرب، فقد كان النبلاء يتعرضون للخطر الكبير خلال تلك المعارك، وعندما كان يتم أسرهم كانوا يعاقبون أشد عقوبة وكما كان يتم انتزاع جميع أملاكهم لصالح الدولة.

وعندما تم تولي الملك “هنري السادس” الحكم في إنجلترا كان حينها صغيراً وتم وضع المستشارين لإدارة أمور الدولة، وقد كان هؤلاء المستشارين دائم الخلاف والخصام؛ ممّا دفع ذلك أحد أعمام الملك “هنري السادس” لتولي إدارة مملكة إنجلترا ولكي يقوم بحماية أبن أخيه وحماية عرشه بسبب الإدارة السيئة من قِبل الحكومة والمستشارين، وبعد اعتلاء الملك “هنري السادس” عرش إنجلترا، خسرت إنجلترا الكثير من أراضيها أمام فرنسا؛ ممّا أدى ذلك إلى الغضب في الشارع الإنجليزي، وقام المعارضين بشنّ حملات ضد هنري السادس؛ بسبب سوء إدارته.

وقام الدوق “ويليام دي” والذي يعتبر أحد قادة معركة حرب المئة عام باعتقال عم الملك “هنري السادس”؛ وذلك بسبب خيانته، وقد توفي عم الملك هنري السادس في السجن وتعتبر وفاته هي نقطة بداية حرب الوردتين، ولم يكن للملك “هنري السادس” دور كبير في حل النزاعات وفي حكم إنجلترا؛ وذلك بسبب إنه كان يعاني من عدة صراعات مع المرض وقد كان يقال بأنه كان فاقداً للعقل خلال فترة حكمه ولم يعد قادراً على إدارة أمور دولته.

وفي تلك الفترة ظهرت عدة مظاهرات في إنجلترا؛ وذلك بسبب سوء المعاملة التي كان يتعرض لها أصحاب الأراضي والتي كانوا يتعرضون لها من قِبل مستشاري الملك، فلم تتمكن المحاكم في إنجلترا حينها من إنصاف أصحاب العقارات والأراضي؛ ممّا دفعهم ذلك إلى القيام بأعمال الشغب كما قاموا بالاستيلاء على أجزاء من مدينة لندن، فقاموا حينها بأعمال السرقة في مدينة لندن، حتى تم طردهم من قِبل سكان المدينة، وبعد كل تلك الأحداث عاد “ريتشارد الثالث” إلى إنجلترا وقام بالمطالبة بأعمال الإصلاح في الحكومة.

إلا أن تلك القرارات لم تكن مرحبة لدى الطبقة الأرستقراطية في إنجلترا، فتم حينها إخضاع “ريتشارد الثالث” إلى المحكمة وتم إجباره بعدم حمل السلاح ضد المحكمة الدستورية في إنجلترا، وقد أصبحت إنجلترا تعاني في تلك الفترة من عدة خلافات فيها وخاصة خلافات طبقة النبلاء مع المحكمة الدستورية في إنجلترا، حيث أصبح النبلاء لا يقومون باحترام نظام الحكم في إنجلترا، فقد كانت إنجلترا في تلك الفترة تعاني من عدة صراعات بين الأسر الحاكمة في إنجلترا.

كما كان هناك عدة صراعات بين طبقة النبلاء ومالكي الأراضي وبين الأسر الحاكمة أيضاً، فقد كان كل واحد منهم يحاول السيطرة على الحكم في إنجلترا وعلى حماية نفسه وسلطته، وقد استمرت تلك الخلافات لفترة طويلة، ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى استمرار تلك الصراعات؛ هو كان هناك أعداد كبيرة من الجنود الإنجليز الذين شاركوا في الحرب ضد فرنسا والذين تم التخلي عنهم بعد الحرب، فقام النبلاء باستغلالهم وتحريضهم لخوض تلك الصراعات والحروب.

كما كان للمحاكم المحلية في إنجلترا دور كبير في استمرار تلك الصراعات، حيث أن المحاكم كانت تقوم بالوقوف إلى جانب أنصارها وتقوم بتحضير الشهود لهم، فقد كانت الرشاوي والفساد منتشر بشكل كبير في إنجلترا خلال فترة حكم الملك “هنري السادس” وكما أن أيضاً الملك “هنري السادس” لم يكن عادلاً خلال فترة حكمه، حيث أنه كان يقوم بتعيين أقربائه في البلاط الملكي الإنجليزي، والذين كانوا يقومون بالتحكم في السلطة وإصدار القرارات، وقد أدت كل تلك الأمور إلى حدوث حرب أهلية في إنجلترا.

كما تم أيضاً سلب أملاك وأموال “ريتشارد الثالث” وعائلة “يوراك” من قِبل عائلة وأقرباء الملك “هنري السادس”؛ ممّا أدى ذلك إلى غضبهم وتمردهم، في تلك الفترة كان الملك “هنري السادس” يعاني من فترات لفقدان الوعي والعقل، فتم حينها عقد مجلس لحتى يتم تولي ابنه الحكم من بعده، وعلى الرغم من الملك “هنري السادس” كان يعود للحظات إلى وعيه، إلا أن لم يكن قادراً على اتخاذ أي قرار.

حيث أن حكمه وسلطته كانت بيد أقربائه وبيد زوجته الملكة “مارغريت” والتي قامت حينها بالتحالف مع النبلاء باتخاذ قرار بإخراج “ريتشارد الثالث” من القصر الملكي الإنجليزي؛ وذلك خوفاً من زيادة نفوذه وخوفاً من سيطرته على العرش الملكي والذي كانت تعتبر بأن العرش الملكي في إنجلترا من حق ابنها.


شارك المقالة: