يعود تاريخ بولندا إلى ما قبل التاريخ، فقد تناوب على حكم بولندا منذ بداية تأسيسها الكثير من الدول وكما تناوب على حكمها الكثير من العائلات الحاكمة الأوروبية، فقد عانت بولندا منذ بداية تأسيسها للكثير من الغزوات والتقسيمات لأراضيها.
تاريخ بولندا القديم:
تم تأسيس دوقية ليتوانيا والتي تقع في شمال أوروبا في جهة الجنوب الشرقي من بولندا، والتي كان يحكمها حينها مجموعة من الدوقات من بعض الدول الأوروبية، فقد كان يحكمها دوقات من المجر ومن أوكرانيا، في تلك الفترة تعرضت دوقية ليتوانيا للخطر؛ وذلك نتيجة ظهور دولة روسيا كدولة عظمى في ذلك الوقت، على الرغم من أنّ الديانة الأرثوذكسية التي كانت متبعة حينها في ليتوانيا نفسها هي الديانة المتبعة في روسيا، قامت روسيا حينها بالعرض بالاتحاد معها، إلا أنّ ليتوانيا رفضت الاتحاد مع روسيا وفضلت بدلاً من ذلك في الاتحاد مع دولة بولندا.
بعد اتحاد ليتوانيا مع بولندا قامت بالاعتراف بملك بولندا حاكماً عليها، كما قامت بإرسال مبعوثين خاصين بها إلى البرلمان البولندي ليقوموا بتمثيلها في علاقاتها الخارجية، وعلى الرغم من ذلك الاتحاد بقيت ليتوانيا محافظة على عقائدها وقوانينها وبقي لها سلطة الحكم الذاتي في داخل أراضيها، حيث لم يكن لبولندا أيّ تدخلات في حكمها الداخلي، إنما كانت تقوم بولندا بإدارة الأمور الخارجية لدولة ليتوانيا.
في تلك الفترة كانت بولندا تتبع نظام حكم ملكي وراثي؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب طبقة النبلاء في بولندا والذين رأوا في نظام الحكم المتبع بأنّه نظام ظالم وفيه تعدي على حقوقهم وأملاكهم الإقطاعية، على الرغم من أنّ الملوك الذين قاموا بحكم بولندا حينها كانوا يتصفون بالتسامح والعدل، قامت طبقة النبلاء في بولندا حينها بالمطالبة بأن يكون نظام الحكم في بولندا نظام ملكي انتخابي وراثي، فقامت حينها طبقة النبلاء البولندية بتأسيس جمهورية من النبلاء وجعلوا من الحكام البولنديين عبارة عن خدم في البرلمان.
في بداية تاريخ بولندا كان البرلمان يحتوي على مجموعة من طبقة النبلاء والطبقة الأرستقراطية والأعيان، فقد كان نظام الحكم فيها مبني على النظام الديمقراطي والارستقراطي والملكين وقد كان يربطه عدة قوانين مصالح مشتركة؛ ممّا أدى ذلك تقسيم السلطة والعمل على إضعاف النظام الإقطاعي البولندي، خلال تلك الفترة كانت بولندا داخلة مع صراعات مع كلاً من روسيا والسويد.
وقد كان أساس تلك الصراعات نظام الحكم الوراثي في تلك الدول، فقد كان يتم انتخاب الملك من قِبل طبقة النبلاء، فقد كان الملوك في أوروبا يقومون بدفع الأموال إلى النبلاء للحصول على أعلى نسبة من الأصوات، فقامت فرنسا حينها بدفع الأموال بشكل كبير لدى طبقة النبلاء حتى تمكنت حينها من شراء التاج البولندي لإحدى ملوكها.
من خلال تلك الفترة أصبحت بولندا تعاني من أنظمة فاسدة فيها من قِبل طبقة النبلاء والبرلمان لديها، والذين كانوا يقومون بالمتاجرة بحكمهم لصالح الدول الأوروبية، فتم حينها انتخاب الملك “ستيفين باثوري” ملكاً لبولندا من قِبل المجلس الوطني البولندي؛ وذلك من أجل استعادة مجد وشرف بولندا، إلا أنّ طبقة النبلاء كانت غير راضية عن ذلك القرار، وخاصة عندما قام الملك “ستيفين باثوري” بمطالبة طبقة النبلاء لدفع الأموال لمساعدة الدولة في حربها على روسيا، فلم يقوم النبلاء بدفع إلا القليل من الأموال.
في تلك الفترة رأى ملك روسيا بأنّه غير قادر على مواجهة بولندا فقام بطلب الصلح مع بولندا، إلا أنّ الملك “ستيفين باثوري” قرر بغزو روسيا والعمل على ضمها إلى أراضي بولندا، كما قرر بالقيام بطرد الأتراك من قارة أوروبا وأنّ يقوم بإعادة حكم أوروبا الشرقية إلى حكم البابا.
في تلك الفترة بدأت روسيا تعاني من حالة من الضعف والانهيار، فقام ملك السويد بتجهيز جيوشه لغزو روسيا، فسار ملك السويد حينها حتى تمكن من الوصول إلى مدينة موسكو، إلا أنّ جنوده حينها قاموا بالتمرد وعدم استمرارهم في القتال معه؛ وذلك بسبب على عدم حصولهم على أجورهم.
كلفت تلك الغزوات السويد الكثير من الأموال والتي لم يتمكنوا حينها من السيطرة على بولندا والتي قامت حينها بالدفاع عن أراضيها بكل قوة، كانت بولندا في تلك الفترة تقوم بالتجهيز لغزو المناطق الجنوبية، فقامت السويد باستغلال انشغال بولندا في غزوها وقامت بغزو ليفونيا والتي تعتبر إحدى المدن التابعة للإمبراطورية الروسية، وتمكنت حينها السويد من السيطرة على بولندا.