الجمهوريات البحرية: هي مجموعة من المدن الإيطالية التي ازدهرت في القرون الوسطى، وقد كان يوجد بين تلك المدن عدة منافسات تجارية وعسكرية، كما قامت تلك المدن ببناء الأساطيل العسكرية الخاصة بها لكي تقوم بحماية نفسها وتقوية تجارتها الخارجية، وقد وجدن تلك المدن نفسها في مكان للتنافس التجاري؛ ممّا دفعها ذلك إلى مشاركتها في الحروب الصليبية.
الجمهوريات البحرية:
تعتبر الجمهوريات البحرية في إيطاليا من الجمهوريات التي تعتبر مستقلة في حكمها الذاتي، وقد نشأت تلك المدن منذ عهد الإمبراطورية البيزنطية، على الرغم من أنّ تلك المدن كانت مستقلة في حكمها الذاتي، إلا أنها كانت حينها متشابهة في نظام حكمها، وقد تمتع التجار في تلك الجمهوريات بقدر كبير من السلطة.
كما قامت تلك الجمهوريات بالمشاركة في الحروب الصليبية، كما قامت الجمهوريات البحرية بالاستيلاء على الكثير من الأراضي، حيث استولت حينها على الكثير من المستعمرات التجارية في قارة أفريقيا، وقد كانت جمهورية البندقية حينها تمتلك الكثير من الأراضي في اليونان وقبرص.
أثناء فترة النمو الاقتصادي في أوروبا قامت المدن الساحلية في أوروبا على تطوير الطرق التجارية، وقد تعرضت تلك المدن إلى الكثير من الغارات الخارجية، حيث قامت حينها ببناء أساطيل عسكرية، وأصبحت تلك الجمهورات تخوض حروباً هجومية، حيث أنها كانت حينها تسعى في السيطرة على الدول التجارية في قارتي أفريقيا وآسيا، وقد كانت الحكومات في الجمهوريات تتمتع بالحكم الذاتي والتي كان التجار هم الذين يقومون بقيادة تلك الحكومات، ومع بداية توسع القارة الأوروبية أصبحت الجمهوريات البحرية تتبع نظام مالي وتجاري.
كما كان للحملات الصليبية دور كبير في توسعة الجمهوريات البحرية، حيث كانت الحملات الصليبية حينها تقوم باعتماد الأسطول الإيطالي في عملية النقل البحري، وقد استفادت الجمهورية البحرية من الحملات الصليبية ونشطت حينها عملياتها التجارية، حيث قامت الكثير من المدن الإيطالية بالانتقال إلى السواحل الإيطالية وقامت بتأسيس قواعد الموانئ تجارية، وقد كان يتم إدارة تلك الجمهوريات من قِبل إيطاليا، خلال تلك الفترة بقيت جمهورية البندقية محافظة بشكل كبير على استقلالها خلال فترة العصور الوسطى.
تعتبر جمهورية “أمالفي” الإيطالية من أول الجمهوريات الإيطالية التي قامت بتطوير تجارتها في الإمبراطورية البيزنطية، وقاموا خلال فترة القرن العاشر ميلادي بتأسيس قواعد تجارية في جنوب إيطاليا، وتمكنوا حينها من إلغاء سيطرة التجار العرب على التجارة البحرية، في تلك الفترة تمكنت جمهورية بيزا من السيطرة على بحر طونة وقد قامت حينها بالتحالف ضد المسلمين وقد تمكنت جمهورية بيزا في القرن الثاني عشر ميلادي من السيطرة على غرب البحر الأبيض المتوسط، دَخلت جمهورية بيزا بعد ذلك بصراعات مع إحدى الجمهورية البحرية الإيطالية وقامت حينها بالتنازل عن بعض المدن في جمهوريتها.
في القرن العاشر ميلادي تم تأسيس جمهورية جنوة وقد قام السكان بالدخول إليها عن طريق البحر، قامت جمهورية جنوة بالتحالف مع جمهورية بيزا، تم في ذلك الوقت إجتماع كبير للوردات في إيطاليا؛ لكي يتم العمل على تأسيس حكومة قوية في الجمهورية، في تلك الفترة قامت جمهورية جنوة بالمشاركة في الحملة الصليبية الأولى؛ ممّا أدى ذلك إلى تميزها وزيادة أهميتها في المنطقة، في تلك الفترة خاضت جمهورية جنوة حرباً ضد جمهورية البندقية وتمكنت حينها من هزيمة البندقية واعتقال دوقها، إلا أنّ الصراعات بقيت مستمرة حتى تمكنت البندقية من الانتصار عليها والسيطرة على التجارة في المنطقة.
خلال القرن الخامس عشر ميلادي كانت جمهورية جنوة تعاني من سيطرة الدول الأوروبية وانتشار الأمراض والمجاعات، إلا أن رغم تلك الظروف بقيت جمهورية جنوة مسيطرة على حكمها الذاتي وكما كانت حينها تعتبر من الجمهوريات الداعمة لإسبانيا؛ ممّا أدى ذلك إلى منح الطبقة الأستقراطية أهمية كبيرة في تلك الفترة، بقيت جمهورية جنوة محافظة على قوتها حكمها الذاتي لفترة طويلة حتى بدأت الحروب النابليونية وتم سقوطها حينها.
في عام 421 ميلادي تم تأسيس جمهورية البندقية والتي قامت عند تأسيسها بتقوية علاقاتها التجارية والتحالف مع الإمبراطورية البيزنطية وقد كانت جمهورية البندقية حينها تتمتع بالحكم الذاتي، بدأت البندقية بعد ذلك بخوض الحروب ضد القراصنة وتمكنت حينها من توسعة أراضيها ومستعمراتها وأصبحت فيما بعد تسيطر على الحركة التجارية في البحر الأبيض المتوسط، قامت البندقية بالمشاركة بعد ذلك بالحملة الصليبية الرابعة والتي كان لها دور كبير في تنشيط تجارتها وهيمنتها في المنطقة.