ما هي الحرب الكارلية الأولى؟

اقرأ في هذا المقال


الحرب الكارلية الأولى: هي حرب أهلية حدثت في إسبانيا؛ من أجل المطالبة بعودة نظام الحكم الملكي في إسبانيا وإلغاء الحكم الليبرالي في المقاطعات الإسبانية.

الحرب الكارلية الأولى:

مع بداية القرن التاسع عشر ميلادي كانت إسبانيا تعاني من مشاكل سياسية أثناء قيام حرب الاستقلال الإسبانية، حيث قام البرلمان الإسباني بوضع دستوراً جديداً وقد كان الدستور الجديد يتميز بالسمة الليبرالية؛ ممّا أغضب الملك “فيرناندو السابع” والذي عند قدومه قام بإطلاق قانوناناً ملكياً جديداً وأمر بإعادة محاكم التفتيش الإسبانية، خاضت إسبانيا بعد ذلك حرباً بحرية مع فرنسا ضد البحرية الإنجليزية، وقد عَملت تلك الحرب على تدمير البحرية الإسبانية وأدت إلى خسائر فادحة لدى الشعب الإسباني؛ وذلك بسبب عمليات النهب التي كانوا يتعرضون لها.

بدأت الإمبراطورية الإسبانية بعد ذلك تتعرض للانهيار؛ ممّا أدى إلى انهيار التجارة في المستعمرات الإسبانية في قارة أمريكا الشمالية والفلبين، في ذلك الوقت بدأت المكسيك تقوم بالثورات ضد المستعمرة الإسبانية رغم محاولة الجيش الإسباني المحافظة عليها لكنه لم يتمكن من ذلك، وأصبحت خزائن الإمبراطورية الإسبانية فارغة؛ وذلك بسبب فقدانها مستعمراتها، وأصبحت إسبانيا تعاني من مشكلة تجنيد الجنود، وقد أصبحت تعاني من عدم الاستقرار في أراضيها.

سعى الليبراليون بعد ذلك إلى اللجوء إلى الإقراض المالي الدولي؛ وذلك لمنع الانهيار الاقتصادي في الإمبراطورية الإسبانية، وقام الليبراليين الموجودون في إسبانيا بالتواصل مع ليبراليين لندن وباريس وطلبوا منهم مساعدتهم مالياً، فقامت بريطانيا بدعم الحكم الليبرالي في إسبانيا؛ وذلك من أجل استعادة الديون المتراكمة على إسبانيا، وفي عام 1823 ميلادي تم تشكيل تحالف دولي ووضع “فيرناندو السابع” ملكاً لإسبانيا، إلا أنّه قام برفض سداد الديون المتراكمة على إسبانيا بسبب الليبراليين.

لم يكن للملك “فيرناندو السابع” أبناءً ذكوراً وقد كان لديه إناث فقط فقام بإصدار قانون يسمح للإناث بتولي حكم العرش في إسبانيا، وعند وفاته تولت زوجته الملكة “ماريا كريستينا” الحكم في إسبانيا كوصيه عن ابنتها الملكة “إليزابيث” وقد كانت تتبع النظام الليبرالي؛ ممّا أدى ذلك إلى خوف النظام الاستبدادي والذين أخذوا بالسعي في البحث عن وريث آخر؛ ممّا ادى ذلك إلى حدوث صراعات بين الجيش والكنيسة وتمت بعد ذلك عملية طرد المتمردين من الدوائر الحكومية.

ومع تولي “فرانسيسكو” الحكم في إسبانيا دخل الانفتاح إلى إسبانيا تم إرجاع المنفيين إلى البلاد والذين كانوا في بريطانيا وفرنسا وأصبحوا يطالبون بعودة الحكم الليبرالي في إسبانيا ودمج النظام المالي الإسباني مع النظام المالي الأوروبي، إلا أنّ الوضع المالي السيء والديون المتراكمة على إسبانيا بسبب الحروب لم تقوم لم تمكن إسبانيا من استعادة قوتها الاقتصادية، في تلك الفترة كانت إسبانيا على وشك لحدوث حرب في أراضيها؛ ممّا دفعها إلى طلب الحماية المالية من الحكومة البريطانية والفرنسية وعَملوا على تشكيل تحالف.

ولعل أحد أسباب قيام حرب الكارلية في إسبانيا هي العودة إلى الحكم الملكي في إسبانيا، فقد كان الشعب الإسباني يفضل الحكم الملكي؛ وذلك لما فيه من امتيازات اجتماعية ومالية ودينية لهم، وبعد تلك الأحداث تم تأسيس دولة إسبانيا المركزية، وقد كان شعب الباسك من الشعوب المقيمة في إسبانيا، فأراد ملوك إسبانيا إلغاء امتيازاتهم وإضعاف الامتيازات التي كان يتمتع بها نبلاء الباسك، فقد كانت شعوب الباسك في نظر الإسبان عبارة عن قطيع على الرغم من أنّهم كانوا مجموعة من النبلاء والأحرار.

بدأت التجارة الفرنسية والإسبانية بالتأثر وذلك مع بداية حرب الاستقلال الأمريكية الإسبانية، ومع بداية القرن الثامن عشر ميلادي بدأت الأساطيل البحرية الإسبانية في الانهيار، في تلك الفترة أخذ شعوب الباسك الليبراليين بالوقوف ضد القوانين الإسبانية المفروضة عليهم؛ ممّا دفع حكومة مدريد الجديدة إلى إصدار قوانين جديدة لضم المقاطعات الإسبانية تحت قانون موحد والعمل على إلغاء مؤسسات الباسك؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب شعب الباسك.

أحداث حرب الكارلية الأولى:

قام شعب الباسك الموجودين في شمال إسبانيا بالتحالف مع الملك “كارلوس” والذي وعدهم بالوقوف إلى جانبهم ودعم قوانينهم، فقد كان لرجال الدين في الباسك دور كبير في إدارة بلادهم، فقامت الباسك بإسقاط الحكم الإسباني الليبرالي على أراضيها، فسعوا إلى استعادة الحكم الذاتي على أراضيهم والذي كان موجوداً قبل حرب الخلافة الإسبانية، في تلك الفترة قام الليبراليين والمعتدلين في إسبانيا بالوقوف إلى جانب الملكة ماريا كريستينا والذين سعوا في فرض السيطرة على المؤسسات والجيش في إسبانيا.

قامت بريطانيا والبرتغال وفرنسا أثناء الصراع بدعم الحزب الليبرالي في إسبانيا، فقامت بإرسال الأموال والجنود لهم، فقد كان الليبراليين يملكون القوة العسكرية التي تساعدهم ف النصر ولكن كانوا يعانوا من ضعف الحكومة لديهم وقد كانت تلك الأمور تساهم في فشلهم، فقام الليبراليين بتجهيز جنودهم وأطلقوا عليهم اسم القبعات الحمراء، أما الجيش الكيرلي فقد قام بتجهز جنوده والذي ضم الكثير من المتطوعين المغامرين من كافة الدول الأوروبية، وقد كانت الحرب الكارلية ذات أحداث دموية والتي كان يتم إعدام الكثير من المواطنين فيها وبعدة طرق.

كانت الحرب الكارلية عبارة عن حرب طويلة ومتعبة للطرفين، وتمكن شعب الباسك من خلالها من تحقيق  عدة انتصارات والاستيلاء على العديد من المقاطعات الإسبانية، أثناء الحرب كانت معظم الدعومات الأوروبية تتجه لدعم الحزب الليبرالي والذين أرادوا انتصار الحزب الليبرالي وسيطرته على الحكم في إسبانيا، إلا أنّ الليبراليين تم هزيمتهم في مناطق الشمال رغم الدعومات الأوروبية، أما في مناطق الجنوب الإسبانية تمكن الليبراليين من تحقيق انتصارات كبيرة ضد الباسك، استمرت الحرب لفترة طويلة وسعى الليبراليين إلى إنهائها بالحصول على قلعة كارلية، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.

نتائج حرب الكارلية:

كان لحرب الكارلية عدة آثار سلبية على الباسك والتي أدت إلى الانهيار الاقتصادي وانتشار الفقر والأمراض فيها، كما أدت إلى موت الكثير من سكانها؛ ممّا دفعهم إلى قبول معاهدة سلام مع الليبراليين والتنازل عن مطالبهم وحقوقهم، وبعد تلك الاتفاقية أصبح إقليم الباسك اقليم مهمش في إسبانيا وتعرضهم للظلم والاضطهاد من الحكم الليبرالي؛ ممّا دفع الكثير من القادة والجنود الكارلية الهروب خارج إسبانيا، فقام بعظهم بالهروب إلى البرتغال وفرنسا لتوفر الحماية لهم.

ومع نهاية الحرب أصبحت تم إنهاء الحرب في إقليم الباسك، قامت الباسك بالمحافظة على الخدمة العسكرية والضرائب مقابل اتحادها مع إسبانيا وتم بعد ذلك تقسيم إقليم الباسك إلى عدة مقاطعات، وقامت مظاهرات عسكرية في الباسك؛ ممّا أدى إلى الانهيار العسكري فيها وبدأت المجاعات والفقر في الانتشار؛ ممّا دفع الكثير من شعب إقليم الباسك في الهجرة إلى أمريكا.


شارك المقالة: