اقرأ في هذا المقال
أين تقع مدينة شكودرا؟
شكودر أو شكودرا، المعروفة تاريخيًا باسم (Scodra) أو (Scutari)، هو خامس مدينة من حيث عدد السكان في جمهوريّة ألبانيا وعاصمة البلديّة والمحافظة التي تحمل الاسم نفسه، إنّها واحدة من أقدم المدن في البلقان ولها تأثيرات ثقافية واقتصاديّة ودينيّة قويّة في شمال ألبانيا، كان موقعها ذا أهمية استراتيجيّة طوال تاريخها، غالبًا ما ساعد المدينة على ثروتها أو جعلها موضوع صراعات بين القوى الأجنبيّة.
تمتد شكودر عبر سهل مبيشكودرا بين مستنقعات المياه العذبة في بحيرة شكودر وسفوح جبال الألب الألبانيّة، مثل معظم جبال الألب الديناريّة، تسود الجبال صخور الحجر الجيري والدولوميت، البحيرة التي سميت على اسم مدينة شكودر، هي أكبر بحيرة في جنوب أوروبا، يحيط بالمدينة من ثلاث جهات أنهار قير من الشرق ودرين من الجنوب وبونا من الغرب.
تاريخ مدينة شكودرا:
تمّ تأسيس المنطقة التي تتوافق مع أراضي شكودر في القرن الرابع قبل الميلاد من قبل قبائل الإيليرية القديمة من (Ardiaei) و (Labeates) يتضح من المصنوعات اليدويّة والنقوش المكتشفة في قلعة روزافا، خلال تلك الفترة، عُرفت المدينة باسم سكودرا، في الفترة الأخيرة من مملكة الإيليرية، تحت حكم سلالة لابيات، كانت بمثابة العاصمة الملكية للمملكة، تم تطويرها تاريخيًا على تل (130) مترًا (430 قدمًا)، في موقع استراتيجي في التدفق الخارجي لبحيرة شكودر إلى بونا.
ضم الرومان المدينة بعد الحرب الإليرية الثالثة في عام (168) قبل الميلاد، عندما هُزم جينتيوس على يد القوة الرومانية أنيسيوس جالوس، في القرن الثالث الميلادي، أصبحت شكودر عاصمة بريفاليتانا، بسبب الإصلاح الإداري للإمبراطور الروماني دقلديانوس.
مع انتشار المسيحية في القرن الرابع الميلادي، تمّ تأسيس أبرشية شكودرا وتولى الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول عام (535) م، خلال العديد من الحقب المختلفة، احتفظت بمكانتها كمدينة رئيسية في المنطقة الأوسع، نظرًا لموقعها الاستراتيجي بالقرب من البحر الأدرياتيكي ومدن الموانئ الإيطاليّة، ولكن أيضًا مع الطرق البرية إلى المدن والبلدات الهامة الأخرى في المناطق المجاورة.
متى حكم العثمانيون مدينة شكودرا؟
بعد حصارين أصبحت شكودر آمنة كأرض عثمانيّة، أصبحت مركز السنجق وبحلول عام (1485) كان هناك (27) موقدًا للمسلمين و (70) للمسيحيين، على الرغم من أنّه بحلول نهاية القرن التالي كان هناك أكثر من (200) موقد مسلم مقارنة بـ (27) مسيحيًا على التوالي، المناورات العسكريّة التي قام بها العثمانيّون عام (1478) تعني أنّ المدينة أصبحت محاصرة بالكامل من قبل القوات العثمانيّة، السلطان محمد الفاتح وضع الحصار بنفسه، تم إلقاء حوالي عشرة مدافع ثقيلة في الموقع.
تمّ إطلاق كرات ثقيلة مثل (380) كجم (838 رطلاً) على القلعة (لا تزال هذه الكرات معروضة في متحف القلعة)، ومع ذلك قاومت المدينة، غادر السلطان محمد الفاتح الميدان واستمر قادته في الحصار، بحلول الشتاء، استولى العثمانيّون واحدة تلو الأخرى على جميع القلاع المجاورة: مقاطعة لجة (Lezhë) و (Drisht) و (Žabljak Crnojevića)، أدى هذا، إلى جانب المجاعة والقصف المستمر، إلى خفض الروح المعنوية للمدافعين.
من ناحية أخرى، كان العثمانيّون محبطين بالفعل من المقاومة العنيدة، تقع القلعة على تل محمي بشكل طبيعي وكل محاولة هجوم أسفرت عن خسائر كبيرة للمهاجمين، أصبحت الهدنة خيارا لكلا الطرفين، في (25) كانون الثاني (يناير)، أنهت اتفاقية بين الفينيسيّين والإمبراطوريّة العثمانيّة الحصار، وسمحت للمواطنين بالمغادرة سالمين واستولى العثمانيون على المدينة المهجورة، بعد أن كانت الهيمنة العثمانية آمنة فر الكثير من السكان، حوالي القرن السابع عشر، بدأت المدينة في الازدهار كمركز سنجق سكوتاري (كانت السنجق وحدة إداريّة عثمانيّة أصغر من ولاية).
أصبحت المركز الاقتصادي لشمال ألبانيا، حيث كان الحرفيون ينتجون النسيج والحرير والأسلحة والمصنوعات الفضية، اشتمل البناء على منازل حجرية من طابقين، والبازار، والجسر المركزي أو الأوسط (أورا إي ميسيت) فوق نهر كير، تم بناؤه خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، بطول يزيد عن (100) متر (330 قدمًا)، مع (13) قوسًا من أكبرها (22) مترًا (72 قدمًا) وعرضها (12) مترًا (39 قدمًا).
لعبت مدينة شكودر دورًا مهمًا خلال عصبة بريزرين، حركة التحرر الألبانيّة، شارك أهالي شكودر في معارك لحماية الأراضي الألبانيّة، حارب فرع عصبة بريزرين لشكودر، الذي كان له وحدته المسلحة الخاصة، من أجل حماية بلاف، وجوزيني، وهوتي، وغرودا، والحرب من أجل حماية أولسيني.
كانت مكتبة بوشاتي، التي بُنيت خلال أربعينيات القرن التاسع عشر، بمثابة مركز لفرع جامعة بريزرن لشكودر، تمّ جمع العديد من الكتب في مكتبات المبشرين الكاثوليك العاملين في شكودر، تمّ تشكيل جمعيات أدبيّة وثقافيّة ورياضيّة، مثل بشكيمي (“الاتحاد”) وأجيمي (“الفجر”)، صدرت أولى الصحف والمطبوعات الألبانيّة المطبوعة في ألبانيا من مطبعة شكودر.
بدأت عائلة مصوري ماروبي العمل في شكودر، والتي خلفت وراءها أكثر من (150.000) سلبي من فترة حركة التحرير الألبانيّة، وظهور العلم الألباني في فلورو، والحياة في المدن الألبانية خلال نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن الماضي، القرن ال (20).
خلال حروب البلقان، عانت مدينة شكودر من احتلال إلى آخر، عندما هزم العثمانيّون من قبل مملكة الجبل الأسود، قاومت القوات العثمانيّة بقيادة حسن رضا باشا وإسعاد باشا لمدة سبعة أشهر محيط المدينة من قبل قوات الجبل الأسود وحلفائهم الصرب، استسلم إسعاد (الذي قتل حسن في ظروف غامضة على يد إساد باشا توباني في كمين داخل المدينة) أخيرًا للجبل الأسود في أبريل (1913)، بعد أنّ عانى الجبل الأسود من عدد كبير من القتلى بأكثر من (10000) ضحية.
اضطرت الجبل الأسود لمغادرة المدينة إلى البلد الجديد ألبانيا في مايو (1913)، وفقًا مؤتمر سفراء لندن، خلال الحرب العالميّة الأولى، احتلت قوات الجبل الأسود شكودر مرة أخرى في (27) يونيو (1915)، في يناير (1916)، استولت النمسا والمجر على شكودر وكانت مركز منطقة احتلالها، عندما انتهت الحرب في (11 نوفمبر 1918، احتلت القوات الفرنسية شكودر بالإضافة إلى مناطق أخرى بها عدد كبير من السكان الألبان.
مدينة شكودرا حديثا:
بعد الحرب العالميّة الأولى، كانت الإدارة العسكريّة الدولية لألبانيا مقرًا مؤقتًا في شكودر، وفي مارس (1920)، تمّ وضع شكودر تحت إدارة حكومة تيرانا الوطنية، في النصف الثاني من عام (1920)، قاوم شكودر تهديدًا آخر، وهو التدخل العسكري لقوات مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين.
شكودر كانت مركز الحركات الديمقراطية في الأعوام (1921-1924)، فازت المعارضة الديمقراطيّة بأغلبية الأصوات في الجمعية الدستوريّة، وفي (31) مايو (1924)، استولت القوى الديمقراطيّة على المدينة وتوجهت من شكودر إلى تيرانا.
خلال أوائل التسعينيات، كانت شكودرا مرة أخرى مركزًا رئيسيًا، هذه المرة للحركة الديمقراطيّة التي أنهت أخيرًا النظام الشيوعي الذي أسسه إنور خوجة، في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (العقد)، تشهد المدينة ولادة جديدة حيث يتم رصف الشوارع الرئيسية وتطهير المباني وإعادة تسمية الشوارع.
شكودرا كانت مدينة رئيسية تحت الحكم العثماني في جنوب شرق أوروبا، احتفظت بأهميتها حتى نهاية حكم الإمبراطوريّة في البلقان في أوائل القرن العشرين، ويرجع ذلك إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربطها مباشرة مع البحر الأدرياتيكي والموانئ الإيطالية، وكذلك بسبب الطرق البرية المؤدية إلى المركز العثماني المهم الآخر، وهو بريزرين.
كانت المدينة ملتقى مهمًا للثقافات المتنوعة من أجزاء أخرى من الإمبراطوريّة، بالإضافة إلى التأثيرات القادمة غربًا من قبل التجار الإيطاليّين، كانت مركزًا للإسلام في المنطقة، وأنجبت العديد من العلماء والشعراء والإداريين، وخاصة من عائلة بوشاتي، في القرن الثامن عشر، أصبحت شكودر مركزًا لـ (باشالوك) شكودر، في ظل حكم عائلة بوشاتي، التي حكمت من (1757) إلى (1831).
كان لديها أكثر من (3500) متجر، وكانت الملابس والجلود والتبغ والبارود من بين المنتجات الرئيسية لشكودرا، تم إنشاء إدارة خاصة للتعامل مع التجارة، ومحكمة تجارية، ومديرية لخدمات البريد مع دول أخرى، فتحت دول أخرى قنصليات في شكودر منذ عام (1718)، خدم أوبوت وأولسيني كميناءين لشكودر، ولاحقًا في شنجين (سان جيوفاني دي ميدوا). افتتحت المدرسة اليسوعية واللجنة الفرنسيسكانية في القرن التاسع عشر.
قبل عام (1867) كان شكودر (إيشكودرا) سنجق لروميليا إيالت في الإمبراطوريّة العثمانيّة، في عام (1867)، اندمج شكودر سنجق مع سكوبي (Üsküp) سنجق وأصبح شكودر ولاية، تم تقسيم ولاية شكودر إلى شكودر وبريزرين وسنجق ديبرا، في عام (1877)، انتقلت بريزرين إلى ولاية كوسوفو ومرت ديبار إلى ولاية المنستير، بينما أصبحت بلدة دوريس سنجق.
في عام (1878)، كانت بلدتا بار وبودغوريتشا تنتمي إلى الجبل الأسود، قدر المفكر العثماني الألباني سامي فراشوري خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر أن عدد سكان شكودر بلغ (37000) نسمة يتكون من ثلاثة أرباعهم من المسلمين والباقي مسيحيون يتألفون في الغالب من الكاثوليك وبضع مئات من الأرثوذكس، في عام (1900)، تم تقسيم ولاية شكودر إلى شقودر و سنجق دوريس.