مشكلة هروب القاصرات من المنزل

اقرأ في هذا المقال


تعتبر مشكلة هروب القاصرات من المنزل من المشاكل الاجتماعية التي حازت على اهتمام علماء الاجتماع، إذ قاموا بدراسة الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلة وأيضاً درسوا مخاطرها وكيفية التعامل معها.

مشكلة هروب القاصرات من المنزل

تشير تقديرات علماء الاجتماع إلى أن مشكلة هروب الأطفال القصر الذين يهربون من المنزل تحدث في كل دول العالم وكل يوم تقريباً، وتظهر الأبحاث أن هذا يمكن أن يحدث لأي شخص فمشكلة هروب الأطفال القصر تحدث في الأسر الغنية وكذلك الأسر ذات الدخل المنخفض، كما أن هذه الأبحاث تشير إلى أن الهروب أكثر شيوعًا بين الفتيات منه بين الأولاد.

فلماذا تهرب القاصرات من المنزل؟ يرى البعض أن غالبًا ما تهرب القاصرات بسبب وجود مشاكل في المنزل أو في المدرسة، وتم التعامل مع بعض هذه القضايا الخطيرة جداً في المنزل بسبب الإهمال وإدمان المخدرات والكحول خاصة من قبل آبائهم، وبسبب بعض المشاكل مثل العنف وسوء المعاملة تُجبر الفتيات القاصرات على مغادرة المنزل بسبب قيام والديهم أو مقدمي الرعاية لهم بأعمالهم وسوء معاملتهن، وتحاول فتيات آخريات من الفرار والهروب من المشاكل المشتركة مثل البلطجة، كما أن الصعوبات التي تكتنف العلاقات والشعور بالوحدة أو التفكك الأسري تعتبر أيضاً من الأسباب التي أدت إلى ظهور مشكلة هروب القاصرات.

كما تهرب العديد من الفتيات القاصرات فجأة دون أي تخطيط مسبق مما يعني أنهن ربما لم يفكروا في المكان الذي سيذهبون إليه، أو أين سينامون أو كيف سيتمكنون من إعالة أنفسهم، وهذا يعني أن العديد من القاصرات ينتهي بهن المطاف في الشوارع، حيث غالبًا ما تكون المشاكل التي يواجهونها أسوأ من تلك التي عانوا منها في المنزل، وفي كثير من الحالات ينتهي  بهن الأمر بمفردهن في الشوارع ويتعرضن لخطر الاستغلال الجنسي والإدمان على المخدرات والكحول وسوء المعاملة والعنف.

مخاطر مشكلة هروب القاصرات من المنزل

تجد العديد من القاصرات الاتي يهربن أنفسهن في مواقف محفوفة بالمخاطر للغاية وهم غير مستعدين لها على الإطلاق، ومن هذه المخاطر ما يلي:

1- الاعتداء والاستغلال

مع عدم وجود المال وعدم وجود من يلجؤون إليه، تكون الهاربات معرضات بشدة للبالغين الذين قد يحاولون استغلالهن، وقد يبدأ من خلال أن يُعرض عليهن مكان للإقامة أو شيء ليأكلنه وكأنه شريان حياة لطفلة خائفة ووحيدة، ولكن بالنسبة لبعض الفتيات القاصرات تأتي عروض المساعدة هذه بثمن باهظ ويتعين دفعة واحدة، وقد وجد علماء الاجتماع أن الاستغلال للقاصرات تم من ذوي الخبرة.

2- المخدرات والكحول

غالبًا ما تستخدم القاصرات الهاربات الكحول أو المخدرات لإخفاء آلامهم وتمكينهم من تحمل الأشياء التي يتعين عليهم القيام بها للبقاء على قيد الحياة، وكل واحدة من الفتيات القاصرات الذين تمت مقابلتهم في دراسة مشكلة هروب القاصرات من المنزل استخدمن المخدرات والكحول إلى حد ما.

2- التشرد

كلما طالت مدة بقاء الفتيات القاصرات في الشوارع أو حولها، زاد انفصالهم عن المجتمع مما يجعلهم يعانن الكثير من انعدام الثقة الشديد في البالغين وغالبًا ما يصبحن بلا مأوى مع تقدمهم في السن، يمكن أن ينتهي بهن الأمر على منحدر زلق من مساكن الطوارئ، ويتنقلون وأخيراً يصبحن عرضه التشرد ويعيشون في الشوارع .

3- الجريمة

تلجأ بعض الفتيات القاصرات إلى الجريمة من أجل البقاء، وغالبًا ما يتم استخدامهن لتداول المخدرات عبر المدن أو يتم إجبارهن على السرقة من المتاجر، ومع ذلك فمن الشائع أن تصبح القاصرات الهاربات ضحايا للجريمة، حيث تشير الدراسات إلى وقوع أكثر من فتاة قاصر من بين كل ثلاثة فتيات قاصرات في ضحية لأعمال العنف في الشوارع.

4- الأمراض العقلية

تقول العديد من القاصرات اللاتي هربن من منازلهن إنهن لم يُسمع صوتهن أو أنهن يعانون من تدني احترام الذات، وبمجرد خروجهن إلى الشوارع غالبًا ما يتم تجاهلهن أو نقلهن، وهذا تذكير يومي لهن بأنهن لا قيمة لهم، والتعامل مع ضغوط العيش القاسي ومحاولة البقاء على قيد الحياة جعلهم يعانون من مشاكل في الصحة العقلية، وغالبًا ما يكون انهيار العلاقات مع والديهم عاملاً في الهروب ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل مثل الاكتئاب.

علامات مشكلة هروب القاصرات من المنزل

من الصعب وضع قائمة شاملة بالعلامات التي تدل على أن القاصرات يفكرن في الهروب من المنزل، وذلك لأن كل شخصية تتعامل مع المشاكل أو يتعاملوا مع التوتر بطرق مختلفة، ولكن هناك قائمة بالأشياء التي يجب الانتباه إليها:

1- علامات التحذير من عدم العودة إلى المنزل في حالات الغضب.

2- البقاء خارجًا بعد الموعد المتفق عليه.

3- عدم الرغبة في العودة إلى المنزل من المدرسة أو نادي الشباب أو منازل الأصدقاء.

4- البقاء في منازل الأصدقاء بشكل متكرر، أو البقاء مع أفراد الأسرة الآخرين لتجنب العودة إلى المنزل.

5- التغيب عن المدرسة أو يكون الأداء أقل جودة في المدرسة.

6- التصرف بشكل مختلف تمامًا على سبيل المثال التصرف بشكل أكثر عدوانية أو الانسحاب.

7- تطوير اهتمامات جديدة خارج المدرسة مثل الخروج مع جمهور جديد أو بدء علاقة جديدة.

8- اكتشاف وظهور علامات الكذب.

9- ظهور علامات على تعاطي المخدرات أو الكحول.

10- أن تكون شديدة السرية عند استخدام الإنترنت.

كيفية التوجيه فيما يتعلق بمشكلة هروب القاصرات من المنزل

قد يكون التحدث حول موضوع الهروب من المنزل أمرًا صعبًا حيث يجد الكثيرون إنه غير مريح عندما يحاول آباؤهن طرح قضايا صعبة أو التحدث عن المشاعر، لذلك هناك بعض النصائح حول كيفية طرح الموضوع.

إذ يقترح علماء الاجتماع إنه من الطرق الجيدة لطرح المشكلات الصعبة مع المراهقين والقاصرات هو استخدام كتاب أو فيلم أو مقال في مجلة أو قصة صابونية لطرح الموضوع بشكل عرضي، على سبيل المثال تدور حول واقع العيش في الشوارع، وتحكي عن رواية لمراهقة تهرب من المنزل، كما إن ربط المحادثة بشيء خيالي يجعل من السهل التحدث عن القضية بعبارات أكثر عمومية، بدلاً من أن تبدو متطفلاً أو مثل الاستجواب.

كما يوجه علماء الاجتماع الأهالي إلى الانتباه للحقائق حيث يمكن أن تبدو الفتيات القاصرات أحيانًا بالغين وحكماء دنيويًا، ومن السهل على الأهالي نسيان أنهم ما زالوا أطفالًا، وقد يكونون في الواقع ساذجات للغاية بشأن ما تنطوي عليه الحياة في الشوارع، فقد يرون الهروب بطريقة رومانسية كفرصة لبداية جديدة وطريقة للابتعاد عن قواعد المنزل وروتينه، وقد يفترضون حتى أن هناك الكثير من الأماكن الآمنة التي يمكنهم الذهاب إليها، وقد يكون الواقع بمثابة صدمة.

لذلك عليهم أن يكونوا مستعدين للتحدث عن المشكلات الصعبة الأخرى للهروب مثل التعرض للتحرش وتعاطي المخدرات، إذ لا يمكن التعامل مع الهروب من المنزل كموضوع واحد في عزلة.

كما يجب على الأهل عدم القلق بشأن وضع الأفكار في رؤوسهم فأعطاهم فكره حول مخاطر الهروب تجعلهم يلقون من المفهوم والأهم من ذلك إذا كانوا يفكرون في الهروب فإن التحدث معهن حول هذا الأمر يمنح فرصة لمنع هذه النتيجة.

كما يقول علماء الاجتماع أن على الأهل خلق جو تشعر به الفتيات القاصرات بعدم الخوف من ردة فعلهم على ما يقولونه، فمن المهم أن يكونوا متقبلين قدر الإمكان، فربما عدم تقبلهم يضعهم لاحقاً بأسوأ السيناريوهات رعباً.

المصدر: علم المشكلات الاجتماعية، الدكتور معن خليل، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 1998المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مداخل نظرية، أساليب المواجهة، الدكتور عصام توفيق قمر،2000علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري، دار المعرفة الجامعية، القاهرة،1998الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم، طالب عبد الكريم،2012


شارك المقالة: