اقرأ في هذا المقال
- مُبايعة إبراهيم بن عبد الله في عهد المنصور
- الأحداث التي جرت في (باخمرى)
- ازدهار بغداد في عهد المنصور
- عائلة أبو جعفر المنصور
مُبايعة إبراهيم بن عبد الله في عهد المنصور:
وصل إبراهيم بن عبد الله إلى البصرة مُتخفياً بعد أن اتفق وأخوه على الخروج في وقتٍ واحد. وكان وصوله إليها عام (143 هجري)، واختبأ بها، ثم خرج وبايعه الناس، وقد دعا لأخيه محمد، وكان عامل البصرة للمنصور هو (سفيان بن معاوية)، وكان يؤيد إبراهيم ضمناً، وبدأت أعداد تفد إلى البصرة لمبايعة إبراهيم، والمنصور يرسل من يكمن لهم بالطريق ويقتلهم.
وخرج إبراهيم في غرة شهر رمضان، وحاصر الأمير سفيان بن معاوية، فطلب منه الأمان، فأمنه وسجنه مُقيداً، وأراد بذلك أن يُبرئ ساحته عند الخليفة، كما انتصر على جعفر، ومحمد ابني سليمان بن علي عم المنصور، وأرسل إلى الأهواز الرسل فبايعه أهلها، ودخلوا في طاعته، ثم أخذها من محمد بن الحصين بعد انتصاره عليه، كما أخذ فارس، والمدائن، وواسط، والسواد كافةً.
وبلغه قتل أخيه محمد الذي لم يستمر في حركته أكثر من (74) يوم ونعى إلى الناس أخاه في يوم العيد، وهذا ما جعل الناس يزداد حقدهم على المنصور، لكنه في الوقت نفسه داخلهم شيء كبير من الخوف والجبن، إذ أيقنوا بالهزيمة. كانت جنود الخليفة متفرقةً بعضها في إفريقية مع محمد بن الأشعث، وبعضها الآخر في الحجاز مع عيسى بن موسى، وبعضها في الري أرسلها مع ابنه محمد المهدي، وليس عنده سوى ألفي فارس وأهل الكوفة ينتظرون به الدائرة لينضموا إلى إبراهيم.
فبعث إلى ابن أخيه عيسى بن موسى أن أقبل بمن معك، وبعث إلى ابنه أن أرسل خازم بن خزيمة إلى الأهواز ليخلّصها من إبراهيم، وقد تمكن فعلاً من الانتصار على المغيرة عامل إبراهيم عليها. كما بعث إلى كل مدينةٍ خرجت عن طاعته قوة تردها.
الأحداث التي جرت في (باخمرى):
خيم إبراهيم خارج البصرة وجعلها بقيادة نملة بن مرة ومعه ابنه حسن بن إبراهيم، ثم ذهب هو باتجاه الكوفة، ونزل في (باخمرى)، وجاءه عيسى بن موسى في خمسة عشرة ألفاً وعلى مقدمته حميد بن قحطبة في ثلاثة آلاف. وكان جيش إبراهيم عظيماً إلا أن الآراء قد اختلفت فيه فمنهم من يرى الذهاب إلى الكوفة من خلف جيشها بطائفة من أهل البصرة والنيل من الخليفة وتسلم الأمر، ومنهم من يرى حفر خندق، ومنهم يرى مُباغتة عيسى بن موسى، ومنهم من يرى الكراريس واخر الصفوف.
وتصافّ العسكران في (باخمرى)، ونشب القتال، وهزمت مقدمة عيسى بن موسى بإمرة حميد بن قحطبة وفلوا منهزمين، وثبت عيسى بن موسى في مائة من أصحابه، وحجز الفارين نهر فعادوا، وعاد القتال من جديد فهزم جيش إبراهيم وثبت هو في خمسمائة من أتباعه، ثم قتل إبراهيم مع من قتل، وكان ذلك في (25) من شهر ذي الحجة من عام (145) أي أن أمره قد دام مائة وخمسة عشر يوماً وكانت دعوته فى بداية الأمر لأخيه محمد فلما جاءه نبأ مقتله دعا لنفسه.
وعندما علم المنصور بخبر مقتل إبراهيم بكى بكاء مُرّاً والواقع أن المنصور قد أخطأ إذ أساء التصرف مع عبد الله بن حسن حتى أحرجه فأخرج ولديه محمداً وإبراهيم، وكان مع آل حسن جباراً قاسياً ولكنه الملك، ولا بدّ برأيه من المحافظة عليه واللين فيه يخرجه من يديه، والقسوة تثبته، فقبح الله الدنيا وزخرفها وغرورها.
ازدهار بغداد في عهد المنصور:
بنى مدينة بغداد، وسكنها في صفر من عام (146 هجري)، حيث تمّ البناء وكان سورها دائرياً وعرّضه خمسون ذراعاً فى أسفله، وعشرون فى أعلاه وله ثمانية أبواب، وكذا السور الداخلي، إلا أن الأبواب الداخلية والخارجية غير مُتقابلة، ونقل الأبواب من مدينة واسط، كما حاول نقل القصر الأبيض من المدائن إلى بغداد. كما بنى سوراً لمدينة الكوفة، وأنشأ مدينة الرافقة، ووسع المسجد الحرام (139 هجري).
عائلة أبو جعفر المنصور:
عندما حجٌ المنصور عام (149 هجري)، استخلف على الكوفة ولي عهده ابن أخيه عيسى بن موسى، وطلب منه قتل عمه عبد الله بن علي، فحذّرَ عيسى مغبة ذلك؛. ونُصح بألا يفعل، خوفاً من مطالبة المنصور له بدمه، ففعل وخبأه، ولم يقتله خوفاً من القصاص منه، ولما عاد أبو جعفر طالبه بدمه. وأراد قتله فأحضره عندئذٍ، فسجن المنصور عمه عبد الله، ثم لم يلبث أن مات في السجن، واختلف في موته أكان قتلا أم موتاً، أم تهدّم السجن عليه. كما خلع ابن أخيه عيسى بن موسى من ولاية العهد، وولى مكانه ابنه محمد المهدي، وبعد مُدةٍ عاد فرضي عن ابن أخيه وجعله ولياً للعهد بعد ابنه.
ذهب للحج عام (158 هجري)، وما أن جاوز الكوفة حتى أحسّ بالمرض، الذي اشتد عليه فتوفي في مكة في (7) ذي الحجة. تزوج أبو جعفر أروى بنت منصور فولدت له محمداً (المهدي) وجعفر الأكبر، كما تزوج فاطمة بنت محمد من ولد طلحة بن عبيد الله فولدت له
عيسى، ويعقوب، وسليمان، وتزوج امرأةً أُمويةً أنجبت له فتاةً اسمها العالية، وله جعفر الأصغر من أُمّ ولدٍ كرديةٍ، وصالح المسكين من أُمّ ولدٍ روميةٍ والقاسم من أُمّ ولدٍ أيضاً. وتوفي ابنه جعفر الأكبر في حياة أبيه. وحاول أبو جعفر تولية أبي حنيفة النعمان القضاء فأبى.
كان المنصور في أول الصباح يتصدّى للأولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولايات، والعزل، والنّظر في المَصالح العامّة، فكان إذا قام بصلاة الظهر دخل المنزل واسْتراح إلى صلاة العصر، فإذا قام بصلاتها جلس لأهل بيته، ونظر في مصالحهم الخاصة، فإذا صلى العشاء نظر في الكتب والرسائل الواردة من الآفاق، وجلس عنده من يسامره إلى ثلث الليل، ثم يقوم إلى أهله فينام في فراشه إلى الثلث الآخر، فيقوم إلى وضوئه وصلاته حتى يتفجر الصباح، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيجلس في إيوانه.