نظام الإقامة والاقتصاد والملكية والنظام السياسي في الأنثروبولوجيا الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


في هذا المقال سوف نتناول مواضيع نظام الإقامة والنظام الاقتصادي ونظام الملكية والنظام السياسي في الأنثروبولوجيا الاجتماعية.

نظام الإقامة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية:

يميل نظام الإقامة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية إلى التغير. فمن الأخذ بنظام الإقامة المشتركة مع عائلة الأب، بعد زواج الابن، في الجيلين الأول والثاني نظراً للتبعية الاقتصادية باشتغال الأبناء بنفس حرفة الأب، إلى سيادة نظام الإقامة المنفصلة في الجيل الرابع نظراً للاستقلال الاقتصادي للأبناء عن آبائهم بعملهم بحرف ووظائف غير حرفة الآباء.

في حين نجد أن مجتمع القرية يميل إلى الثبات النسبي عن مجتمع المدينة من الماضي إلى الحاضر في استمرار الأخذ بالنظام السكني المشترك مع أهل الزوجة لفترة ٣ إلى ١٠سنوات، بعدها ينتقل للسكن بالقرب من أسرة والده نظراً لاشتراك الأبناء مع آبائهم في حرفة واحدة وجميعهم يشتركون في حيازة جماعية للأرض. وبالرغم من عمل الجيل الأخير بعض الشباب بالوظائف الحكومية فإن هذا لم يغير من نظام السكن المشترك أو العمل بالحرفة التقليدية بالزراعة بعد العودة من العمل الوظيفي.

ونجد أن مجتمع البدو أكثر تمسكاً بنظام الإقامة المشتركة مع أهل الزوجة لفترة ٣سنوات، بعدها ينتقل للسكن بجوار خيمة أبيه نظراً للتبعية الاقتصادية. باستثناء بعض البيوت من القبائل التي استقرت بالقرب من المدن والقرى. وظهر في الجيل الأخير السكن المنفصل بحكم الإقامة بجوار العمل بعد انقضاء الإقامة مع أهل الزوجة.

النظام الاقتصادي في الأنثروبولوجيا الاجتماعية:

يتميز النظام الاقتصادي في المدينة في الجيلين الأول والثاني بنمط الحرفة التقليدية المتمثل في التجارة والصناعة اليدوية والنشاط السياحي، من خلال سيطرة طابع الاحتكار العائلي على مبدأ الوراثة فيما بين أعضاء الوحدة القرابية العائلة المشتركة. في حين تغير نمط النشاط الاقتصادي وظهر التنوع فيه باعتماده التوصيف والوظيفي بالتالي ضعف الاحتكار والسيطرة العائلية والوراثية فيما بين أعضاء العائلة المشتركة نتيجة لدخول التعليم بمستوياته المختلفة وكثرة المشاريع الصناعية التي خلقت فرصاً أخرى للعمل غير الحرف التقليدية.

وساعدت هذه الظروف على تقوية الزراعة الفردية في الجيلين الثالث والرابع وأدى تمكين أعضاء الجيل الثالث من الاستقلال عن حرفة الآباء والعمل إما في نفس الحرفة أو بحرفة أخرى، بعيداً عن السيطرة العائلية، في حين فضل البعض العمل في الوظائف الحكومية المتنوعة.

ونجد مجتمع القرية أقل ميلاً للتغير في نمط النشاط الاقتصادي التقليدي المتمثل في حرفة الزراعة وتسويق محاصيلها واعتمادهم على مبدأ الوراثة من الأجيال القديمة إلى الجيل الحالي. وما زال مجتمع القرية يزاول العمل الزراعي حتى الجيل الأخير جنباً إلى جنب مع العمل بالوظائف الحكومية والخدمات، نتيجة لدخول التعليم حتى المرحلة الإعدادية في القرية، وخروج البعض منهم لاستكمال دراسته حتى مرحلة التعليم المتوسط (ثانوي، فني) في المدينة، ثم اشتغالهم بالعمل الحكومي بعد حصولهم على شهادات.

كما نجد مجتمع البدو أكثر ثباتاً عن مجتمعي القرية والمدينة من حيث استمرار اشتغال أعضائه بالحرفة التقليدية المتمثلة في الرعي والتجارة القائمة على مبدأ الوراثة بين الأجيال، باستثناء البعض من شباب الجيل الأخير لبعض البيوت التي سكنت بالقرب من المدن والقرى، والتي ظهر فيها ميل البعض إلى تفضيل العمل الحكومي والخدمات والعمل في المشاريع الصناعية نتيجة لحصول بعضهم على شهادات متوسطة ساعدتهم على الالتحاق بتلك الوظائف الحكومية.

نظام الملكية في الأنثروبولوجيا الاجتماعية:

تغير نمط الملكية في المدينة من الجيل الأول والثاني من نمط الملكية الجماعية لجميع أعضاء الجماعة القرابية العصابية المتمثلة في الأسرة المشتركة إلى سيطرة نمط الملكية الفردية في الجيل الثالث والرابع. ويحدث ذلك باستقلال كل عضو في الأسرة المشتركة بعد وفاة رئيس العائلة نتيجة كثرة النزاعات بين الأخوة ومطالبة كل عضو منهم بتحديد نصيبه وانفصاله عن الملكية الجماعية.

كما ظهر في الجيل الرابع تفضيل أعضاء المجتمع نتيجة لدخول التعليم بجميع مراحله لحصولهم على شهادات، مما أدى إلى تقوية النزعة الفردية والميل إلى الاستقلال الاقتصادي وتفضيلهم نمط الملكية الفردية على النمط الجماعي منعاً للمشاكل بين الأعضاء الأقارب المشتركين وهذا بدوره أثر في ظهور نوع من الانفصال في الملكية.

ونجد أن مجتمعي القرية والبدو أكثر ثباتاً نسبياً من مجتمع المدينة باستمرار نمط الملكية الجماعية قديماً إلى وقت إجراء البحث، وذلك بالرغم مما تعرض له مجتمع القرية من دخول التعليم وحصول البعض من الجيل الأخير على شهادات أهّلتهم للعمل بالحكومة.

كذلك ظهر في الجيل الأخير في البيوت التي سكنت بالقرب من القرى والمدن. تفضيل شباب الجيل الأخير العمل بالحكومة وبالخدمات التي تتميز بثبات الدخل في صورة المرتب الشهري بعكس ما تتميز به حرفتهم التقليدية من صعوبة نتيجة لقسوة البيئة الصحراوية. ومع ذلك لم يؤثر التعليم والاشتغال بالعمل الحكومي في ضعف نمط الملكية الجماعية في مجتمع البدو.

النظام السياسي في الأنثروبولوجيا الاجتماعية:

اختلف تحديد بناء أساس القوة في مجتمعات البحث الثلاثة: المدينة، والقرية، والبدو، على أساس من قوة العصبية للجماعة القرابية والمستوى والمكانة الاقتصادية، أو التعليم والمراكز الوظيفية. وبذلك سنجد المدينة أكثر المجتمعات ميلاً إلى التغير من القديم إلى وقت إجراء البحث.

ففي الماضي كانت تعتمد المدينة على الإدارة التقليدية المتمثلة في العمدة وشيخ البلد، من خلال تطبيق القانون العرفي. ومن ناحية أخرى نمط الأسلوب الانتخابي في الجيلين الأول والثاني لاختيار القادة السياسيين يخضع لأساس القوة العصبية للجماعة القرابية والمكانة الاقتصادية من خلال اعتمادهم على مبدأ الوراثة والاحتكار لعائلات معينة دون غيرها من بين عائلات المدينة.

في حين نجد في الجيل الرابع تغيراً في نمط الإدارة في مجتمع المدينة من الشكل التقليدي إلى الاعتماد على الأجهزة الحكومية والمؤسسات المتخصصة والمحاكم القضائية وأقسام الشرطة، والتي تقوم على أساس التعليم والتوصيف الوظيفي في اختيار الأجهزة الإدارية والحكومية.

بالإضافة إلى الاعتماد على أسلوب الانتخاب الحر في اختيار القادة السياسيين لمجتمع المدينة لتحقيق المصلحة العامة، وضعف بناء القوة على أساس القوة العصبية والمكانة الاقتصادية وإحلال عامل التعليم بدلاً منه، وتقديم المصلحة العامة للمجتمع على المصلحة الفردية للطبقة الحاكمة، بالإضافة إلى تقبل المجتمع لاشتراك المرأة في المجالس السياسية والحزبية.

أما القرية فهي أكثر ثباتاً نسبياً عن مجتمع المدينة من حيث استقرار نمط الإدارة التقليدية على أساس عامل الوراثة من القديم إلى وقت إجراء البحث، المتمثل في العمد والمشايخ والخفراء واعتمادهم على القانون العرفي لحفظ الأمن الداخلي. كما يميل نمط الأسلوب الانتخابب في القرية لاختيار القادة السياسيين على أساس القوة العصبية للجماعة القرابية ومقدار الحيازة.

أما بالنسبة لمجتمع البدو، فهو أميل إلى الثبات النسبي عن المجتمعين السابقين في سيادة نمط الزعامة في الحكم والتي تقوم على مبدأ الوراثة بالتدرج من زعامة وحدة البيت (لأكبر العاصبين سناً) حتى شيخ القبيلة. وما زال المجتمع يعتمد على القانون العرفي بالرغم من هجرة بعض البيوت من فروع القبيلة للسكنى بالقرب من المدن والقرى.

والآن بدا واضحاً طبيعة العلاقة بين كل من نظام القرابة ونظام الزواج، فمن الطبيعي لأي دراسة أنثروبولوجية جادة أن تلقي الضوء على طبيعة هذا النظام الأخير مستهدفة الوقوف على مدى الدور الذي يضطلع به في تعميق أواصر الروابط القرابية.


شارك المقالة: