اقرأ في هذا المقال
- ما هي نظرية الاختيار العقلاني
- ممارسة الاختيار في نظرية الاختيار العقلاني
- أسس اختيار ارتكاب الجريمة لدى الفرد
هناك العديد من النظريات حول الأسباب التي تجعل الناس يبدأون في ارتكاب الجرائم والاستمرار في ارتكابها والامتناع عن ارتكابها، وتؤكد بعض هذه النظريات أنّ الجريمة ترجع إلى مجموعة من السمات الشخصية التي تميل الشخص إلى ارتكاب الجرائم، ويجادل بعض العلماء بأنّ الجريمة تحدث عندما تقود ثقافتهم الناس إلى الرغبة في شيء ما، ولكن يُحرمون من الوصول إلى وسائل تحقيق هذه الأشياء، أما الردع أو نظرية الاختيار العقلاني للجريمة، ومن الممكن أن نسميها (RCT) ليست من هذه الأشياء، لأنّ نظرية الردع يمكن اعتبارها نوعًا فرعيًا من (RCT)، فما هي هذه النظرية؟ وعلى ماذا تقوم؟ وما هي أسسها؟
ما هي نظرية الاختيار العقلاني
إنّ الموطن الحديث لنظرية الاختيار العقلاني يتواجد في مقال كتبه الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل جاري بيكر في عام 1968، ويتضح مفهوم موقف نظرية الاختيار العقلاني (RCT) هو أنّ السلوك الإجرامي لا يختلف عن السلوك غير الجنائي من حيث أنّه سلوك يختار الأشخاص عن قصد القيام به، أي أنّهم ليسوا مجبرين أو مكرهين على ارتكاب جريمة، والسبب في اختيارهم لارتكاب جريمة هو أنهم يعتقدون أنّه سيكون أكثر فائدة وأقل تكلفة بالنسبة لهم من السلوك غير الجنائي.
ممارسة الاختيار في نظرية الاختيار العقلاني
يعد السلوك الإجرامي حسب ما تفترض نظرية الاختيار العقلاني أنّه مثل السلوك القانوني لا تحدده عوامل بيولوجية أو نفسية أو بيئية تعمل على الشخص وتجبره على ارتكاب جرائم، تجادل النظرية بأنّ الناس يختارون طواعية عن عمد ارتكاب أعمال إجرامية مثل السطو وسرقة السيارات والاعتداء تمامًا، كما يختارون عمداً القيام بأشياء أخرى مثل العمل في محل بقالة أو الذهاب إلى الكلية أو استخدام العقاقير الترويحية.
في هذه النظرية تكون الأفعال الإجرامية هي نتاج الاختيار، مما يعني أنّ الناس يتخذون قرارات بشأن ارتكاب الجرائم، ويُنظر إلى نظرية الاختيار العقلاني -ونظرية الردع- على أنّها نتاج الاختيار البشري، وتقدم للبشر ما يسمى في الوكالة الميدانية لعلم الجريمة، ويتصرف الأشخاص ذوو الوكالة كما لو كان لديهم حرية الاختيار أو الإرادة الحرة بشأن مسارات العمل التي يمكنهم اتخاذها -فهم يعملون كوكلاء نيابة عنهم، وقد يُنظر إلى الجانب الآخر من الفاعلية على أنّه حتمية- ويتصرف الناس بطريقة معينة ليس لأنّهم يريدون ذلك أو يختارون القيام بذلك ولكن لأنّ سببًا ما قد تصرف عليهم لإجبارهم على التصرف بطريقة معينة.
أسس اختيار ارتكاب الجريمة لدى الفرد
تؤمن نظرية الاختيار العقلاني بأنّ الجريمة ناجمة عن اتخاذ الناس خيارات لارتكاب الجرائم، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يرتكب بعض الناس الجريمة لبعض الوقت فقط؟ وبعبارة أخرى ما هو الأساس الذي يتم على أساسه الاختيار لارتكاب جريمة (وضمنًا غير جريمة)؟ الإجابة هي أنّه عند اتخاذ القرار بارتكاب جريمة يسترشد الناس بمراعاة تكاليف وفوائد السلوك الإجرامي وتكاليف وفوائد السلوك البديل غير الإجرامي، وبعبارة أبسط يأتي النشاط الإجرامي مصحوبًا بكل من التكاليف والفوائد (التي تتم مناقشتها على الفور)، وتفترض النظرية أنّه عندما يفكر الناس في ارتكاب جريمة فإنّهم يأخذون في الاعتبار التكاليف والفوائد ذات الصلة.
ومع ذلك هناك تكاليف وفوائد لعدم ارتكاب جريمة وتفترض النظرية أنّه قبل اتخاذ القرار يأخذ الناس بعين الاعتبار تكاليف ومزايا غير الجريمة أيضًا، والنظر في مثال بسيط كالتالي: إذا كان المرء بحاجة إلى المال الذي يحتاجه إلى إرضائه، فهناك (لنفترض من أجل البساطة) طريقتان يمكنه التصرف فيهما لتلبية هذه الحاجة، إحدى هذه طرق الحصول على المال الذي يعتقد أنّه بحاجة إليه هي بيع المخدرات، ويتضمن هذا قرارًا متعمدًا لبيع الأدوية للحصول على المال الذي يحتاجه، وقبل أن يقرر القيام بذلك يضع في اعتباره تكاليف وفوائد بيع الأدوية.
الطريقة الثانية التي يمكنه من خلالها الحصول على المال الذي يعتقد أنّه بحاجة إليه هي الحصول على وظيفة في مصنع أو قيادة سيارة أجرة أو العمل في موقع بناء، وهذا الخط الثاني من السلوك سيوفر له ما يحتاجه من المال، ولكنه يتضمن أيضًا تكاليف وفوائد مختلفة، ووفقًا لنظرية الاختيار العقلاني قبل أن يقرر أي من السلوكين يجب القيام به يعتبر تكاليف وفوائد كل من النشاط الإجرامي وغير الجنائي.
من الملاحظ هنا أنّ نظرية الاختيار العقلاني أوسع وأكثر عمومية من نظرية الردع؛ لأنّه بينما تجادل نظرية الردع بأنّ السلوك الإجرامي يتأثر بتكاليف الجريمة (العقوبات الرسمية وغير الرسمية)، تجادل نظرية الاختيار العقلاني بأنّ قرار ارتكاب الجريمة يتأثر بالمكافآت المتوقعة للجريمة وتكاليف وفوائد غير الجريمة كذلك، وهناك بعض الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها هنا مثل: ما هي تكاليف ومزايا الجريمة وغير الجريمة التي يجب أخذها في الاعتبار؟ ما الذي يحدد قراري في النهاية؟