الحركة الفنية الرمزية

اقرأ في هذا المقال


ما هي الحركة الفنية الرمزية؟

الحركة الفنية الرمزية: هي حركة ازدهرت في أواخر القرن التاسع عشر للرسم ما بعد الانطباعية، في جميع أنحاء أوروبا بين عامي (1886) و (1900) في كل مجال من مجالات الفنون تقريباً. حيث ظهرت في البداية في الأدب، بما في ذلك الشعر والفلسفة والمسرح، ثم انتشرت إلى الموسيقى والفنون البصرية.

كان للفن الرمزي روابط قوية مع (Pre-Raphaelites) ومع الحركة الفنية الرومانسية، بالإضافة إلى حركة الجمالية. مثل كل هذه الحركات، كانت الحركة الفنية الرمزية في جزء كبير منها رد فعل ضد الطبيعة والواقعية، وأصبحت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالرسم الأسطوري بجميع أنواعه. حيث سعى الواقعيون والطبيعيون إلى تصوير الواقع البصري بكل شجاعته الموضوعية، وبالتالي ركزوا على العادي بدلاً من المثالي.

كما وسعى الرمزيون إلى واقع أعمق من داخل خيالهم وأحلامهم ووعيهم. من بين الرسامين الرمزيين المشهورين غوستاف مورو  عام (1826-98)، وأرنولد بوكلين عام (1827-1901)، وفرديناند هودلر عام (1853-1918)، وماكس كلينجر عام (1857-1920)، وبول غوغان عام (1848-1903)، وجيمس إنسور عام (1860-1949)، وإدوارد مونش عام (1863-1944)، وأوديلون ريدون عام (1840-1916)، وبوفيس دي شافانيس.

وعلى الرغم من قصر عمر هذه الحركة الفنية، كان للحركة الفنية الرمزية تأثير قوي على الفن الألماني في القرن التاسع عشر، وكان لها تأثير كبير على الفنانين الأوروبيين في القرن العشرين، لا سيما أولئك المشاركين في (Les Nabis) و (Art Nouveau)، وكذلك الحركات التعبيرية والسريالية. كما وأثرت على فنانين مثل ويسلر وجورجيو دي شيريكو، وجوان ميرو، وبول كلي، وفريدا كاهلو، ومارك شاغال.

وخلال فترة التسعينيات، استخدم عدد من الرسامين الصينيين – أعضاء في حركة الواقعية السخرية في بكين – زخارف رمزية للتعبير عن عدم اليقين السياسي والاجتماعي الذي نشأ بعد حملة القمع في ميدان تيانانمن في جمهورية الصين.

حيث تميزه فترة الحركة الفنية الرمزية بأنها قد كانت فترة عززت فيها الوضعية إلى وصول عالم أفضل، قائم على العقل والتكنولوجيا. وحزن كثير من الناس على الأرواح التي كانوا يعرفونها من قبل، حيث انتقل عدد لا يحصى من الناس إلى المدن للعمل في تلك الفترة. وأحدث التغيير الهائل الذي أحدثته الثورة الصناعية هذا الصدام الكبير بين العالم التقليدي الرمزي والواقع الجديد بقيمه المختلفة. وخاصة في البلدان الكاثوليكية.

كما وتم التشكيك في مفاهيم ما كان يعتبر عادتاً خيرًا وشرًا. ولاحظ الفيلسوف الألماني والتر بنيامين وقال: “يظهر الشيطان حيث تتلامس الحداثة مع الكاثوليكية”. بدءًا من الحركة الأدبية، سرعان ما تم تحديد الرمزية مع فن جيل الشباب من الرسامين الذين أرادوا أن يعكس الفن المشاعر والأفكار بدلاً من تمثيل العالم الطبيعي بطريقة كائن. حيث انهم قد توحدوا من خلال التشاؤم المشترك والضجر من التدهور في المجتمع الحديث.

خصائص الحركة الفنية الرمزية:

استلهم الرسامون والنحاتون الرمزيون من الأدب والشعر في ذلك الوقت، فضلاً عن التاريخ والأساطير  والقصص التوراتية وأساطير الماضي. وفي التعبير عن أنفسهم، منح الفنانون الرمزيون موضوعاتهم (على سبيل المثال، النساء، الذكور البطوليين، الزهور، المناظر الطبيعية، الحيوانات)، معاني أسطورية أو غيرها من المعاني الباطنية.

إذ تحول العديد من الفنانين إلى المنشطات مثل الكحول والمخدرات لتغذية خيالهم. وشملت الموضوعات الرمزية المفضلة: القضايا الحسية، والمشاعر الدينية، والتنجيم، والحب، والموت، والمرض والخطيئة، بينما كان الانحطاط سمة مشتركة.

1- مكافحة المادية:

جزء من حقبة ما بعد الانطباعية، كانت الرمزية في نواح كثيرة لرد فعل ضد التحضر والمادية بلا روح في العصر الفيكتوري. حيث رفضت الحدود التمثيلية الضيقة للمذهب الطبيعي، مفضلة التجول في مجالات أوسع من التصوف والمثالية والرومانسية والظلامية. أما فلسفيًا، سعت إلى الحقائق الأعمق التي تكمن تحت السطح الطبيعي أو الانطباعي.

2- شيء صغير:

الحركة الفنية الرمزية هي حقًا شكل فكري من أشكال التعبيرية. إذ لا يكتفي الفنانون الرمزيون باستخدام اللون والشكل للتعبير عن مشاعرهم، بل يضخون مؤلفاتهم بالرسائل والمراجع الباطنية. حيث أن هذا المحتوى السردي هو الذي يحول العمل الفني إلى عمل فني رمزي.

نهاية الحركة الفنية الرمزية:

المثالية الكامنة وراء الرمزية هي السبب الحقيقي وراء التخلي عنها لاحقًا. حيث تسببت الحرب العالمية الأولى في خيبة أمل رهيبة، وتم رفض وانتقاد الجمال الساذج للفن الرمزي. كما وسادت الحداثة عندما ذهب الفنانون في اتجاهات جديدة تمامًا لمعارضة عنف الحرب وتدميرها والتعامل مع صدماتها، وظهرت حركات مثل دادا والسريالية، كل منها بطريقته الخاصة بسبب عناصر الحركة الفنية الرمزية، وذلك أثناء استكشاف طرق جديدة والبحث عن إجابات في الفن غير العقلاني والبدائي.


شارك المقالة: