التطوّر التاريخي لدراسة الوقت ودراسة الحركة يُعتبر من أقدم وأكثر وسائل قياس العمل انتشار، حيث تطوَّرت دراسة الوقت والحركة تطوّر كبير وواضح. والذي طوّر دراسة الوقت هو فرديريك تايلور أمّا دراسة الحركة هو فرانك جلبرث وزوجته ليليان.
تطور قياس العمل:
- عرض فردريك تايلور المبادئ الأساسية لدراسة الوقت في حوالي عام 1885، ووجهه الانتقادات للنظريات المضادة من أساتذة المدرسة القديمة، وبفضل جهوده انتصر على أساتذة المدرسة القديمة ونالت آراؤه على الاهتمام والتقدير الذي تستحقه، وأصبح يطلق عليه اسم مؤسس أو أب دراسة الوقت، فهو مؤسس حركة الإدارة العلمية.
وأثناء عمل فردريك تايلور في في مصانع مدفيل للحديد، كان يُركّز اهتمامه على دراسة الموضوعات المهمة في الصناعة ويحاول إيجاد الحلول لها. ومن هذه الموضوعات كيفية زيادة الإنتاج والحصول أكبر ناتج من العمال والبحث عن أفضل طرق للقيام بإنجاز الأعمال؛ لأن فردريك تايلور كان يعمل في البداية كعامل مصنع كان لديه معرفة أن العمال بمقدرتهم الإنتاج أكثر من ما ينتجون، لكنهم متكاسلين ويأخذون الأمور بأسلوب سهل وكانوا يعتقدون أنه إذا قاموا بزيادة الإنتاج، فإن سعر القطعة سوف ينخفض وينتج عنه أنهم سوف يجبرون على القيام بالعمل أكثر بنفس قيمة الأجر.
وكان لديه علم بما يُفكّر به العمال، أنه كلّما زاد الإنتاج من قِبل العمال قد يعمل على تخفيض عدد العاملين ووجود حالة البطالة بين العمال، لكن كان له عقل علمي مُفكّر فوصل إلى نتيجة أن الصعوبة التي تكمن في أن ظروف التي يجري فيها العمل اليدوي والآلي، وأن وسائل القيام بالعمل لم يسبق أن درست دراسة علمية ولا يوجد لها قواعد تنظّمها.
وفي سنة 1898 إنتقل تايلور إلى مصانع بيثلهم للحديد والصلب، حيث قام بدراسة هامة في نقل خامات الحديد والفحم والتجريف في أكوام، ولاحظ أن العمال الذين يقومون بالتجريف ونقل الخامات من عربات السكّة الحديدية إلى الأفران في المصنع، يستخدمون أنواع متنوعة من المجارف ومن قبل لم يتم تحديد أفضل أنواع المجارف التي يجب أن تستخدم في العمل. وأخذ تايلور على عاتقه بأن يكتشف أفضل أنواع المجارف بحيث يعمل العامل بنشاط دون تعب ويكون إنتاجه أكبر.
وبعد أن قام بالدراسة اكتشف كلّما نقصت سعة الجاروف ووزن الحمل، كلّما زاد الإنتاج في اليوم الواحد وأن الإنتاج يستمر في الزيادة كلّما نقص حمل الجاروف حتى يصل إلى (21) رطل للجاروف، وبعدها يبدأ يأخذ الإنتاج اليومي في التناقص. وبعدها قام المصنع بتوفير الجاروف المناسب. وكرّس تايلور وقته لمعرفة أفضل وسائل زيادة الإنتاج بطرق علمية، تقوم على أساس الملاحظة الدقيقة وقياس الوقت واختيار أفضل الطرق لتنفيذ العمل.
وبعد أن قام بالعديد من الدراسات توصّل أنه من الممكن أن يتم تقسيم العملية الصناعية إلى عناصرها وخطواتها الأساسية، ثم اختيار أفضل الطرق للقيام بكل خطوة من هذه الخطوات، مع قياس الوقت اللازم لإنجازها وتحديدها تحديد دقيق وقام بوضع العديد من المبادئ الإدارة العلمية، وتمَّ تطبيق آراؤة وأفكاره بنجاح في الكثيرمن المنظّمات. - فرانك جلبرث وزوجته ليليان، يرجع لهما فضل تطوير دراسة الحركة كانوا يقومان بأبحاثهما في دراسة الحركة، في نفس الوقت الذي كان فيه تايلور يجري أبحاثه لدراسة الوقت. وبدأ فرانك حياته العلمية كعامل عند مقاول في الولايات المُتَّحدة الأمريكيّة، وارتقى في المهنة حتى أصبح من أكبر المقاولين وأكثرهم نجاحًا.
أمّا كيفية اكتشافه لدراسة الحركة كان يتعلم بناء حرفة الطوب، لاحظ أن معلمي البناء والعمال يستخدمون طرق متنوعة عند تنفيذهم للأعمال، ولاحظ حركاتهم أثناء العمل تختلف من بناء إلى آخر، وبعدها بدأ بدراسة وتحليل الحركة لمعلمين البناء؛ بهدف معرفة الحركات الأساسية العلمية والتخلص من الحركات غير الهامة، وبعد قيامه بالدراسة اكتشف أن هناك (18) حركة، يتم القيام بها عند وضع الطوبة الواحدة في مكانها وتمكَّن من جعلها (5) حركات للطوبة الواحدة.
ووضَّح أن كل الأعمال اليدوية يمكن أن يتم تقسيمها إلى عدد قليل من الحركات التي تتكرر مرة بعد مرة، وأنه بدراسته لتحليل الحركات يمكن أن يوصل إلى طريقة أفضل للقيام بالعمل، حيث يتم تحقيق الهدف بأقل جهد. وشملت دراسات جلبرث وزوجته دراسة الحركات في البناء والنجارة وعدّة عمليات معقدة، تدخل في الصناعة وخط التجميع في المصانع.
ودراسات جلبرث وزوجته سلسة واسعة من النشاطات، بما فيها دراسة العمل الروتيني والتعب وأسبابه وخرائط سير العمل، ولأجل دراسة حركة العمل فقد ابتكروا طريقة تصوير حركات العامل بآلة فتوغرافية خاصة، توصَّلوا من خلالها بما يُسمَّى بصورة دورة العمل وإلى الصورة الزمنية لدورة العمل، صورة دورة العمل هي عبارة عن طورة للعامل عند قيامه بالعمل، ويمكن تحقيق هذا بواسطة تسليط الضوء على العامل وتصويره أثناء العمل.
أمّا الصورة الزمنية لدورة العمل هي صورة مشابهة لصورة دورة العامل، ما عدا أنه باستخدام الضوء المتقطع يمكن تحديد سرعة واتجاه الحركة، وقام بتسجيل كل الحركات التفصيلية التي يبذلوها أثناء قيامهم بالأعمال ونتج عن الدراسه الحصول على معلومات تفصيلية عن كل الحركات الممكنة.
وكان الهدف من الدراسات هو رفع مستوى الكفاية والإنتاجية، عن طريق إيجاد أفضل طريقة للقيام بالعمل بأسرع وقت وأقل جهد، فاهتم بدراسة الأسباب التي تؤدي إلى إجهاد العامل وتوفير أفضل ظروف العمل للعامل، حيث توصّل إلى أنه يمكن التقليل من تعب العامل، عن طريق تحديد أوقات راحة العامل وتقليل العبء عليه.