ما هي نظرية تالکوت بارسونز في الإدارة؟

اقرأ في هذا المقال


نظرية تالکوت بارسونز (T.Parsons):

يرى المفكر بارسونز أن الإدارة تعتبر عملية اجتماعية، ويؤكد بارسونز في نظريته على أن المنظمات الاجتماعية يجب أن تقوم بتحقيق عدد من النقاط، وهي كما يلي:

  • التأقلم أو التكيف (Adaption): بمعنى أن يتکیّف النظام الاجتماعي مع المطالب الحقيقية في البيئة الخارجية للمنظمة.
  • تحقيق الهدف (Objective Achievement): بمعنى أن يتم تحديد الأهداف والعمل على تجنيد جميع كل الوسائل لكي يتم الوصول إلى تحقيقها.
  • التكامل (Integration): أي تطبيق وتنظيم عدد من العلاقات بين أعضاء التنظيم؛ بحيث تضمن التنسيق بينهم وتوحيدهم في كلٌ متكامل.
  • الكمون (Latency): لكي يحافظ التنظيم على استمرار الحوافز والإطار الثقافي.

حيث إن التنظيمات الرسمية الإدارية على الرغم من أنها تقوم بخدمة أهداف متنوعة، فهي في الحقيقة جزء من الإطار الاجتماعي العام، وتقوم البيئة الخارجية باستخدامها لتحقق أهدافها الكبرى، وينظر بارسونز أيضًا إلى التنظيمات الإدارية الرسمية على أنها الجهاز الأساسي في المجتمعات الحديثة لجند القوى وتكتل الجهود؛ لكي يتم خدمة الأغراض الجماعية والعمل على تحقيقها.

فكل تنظيم إداري رسمي في حد ذاته يعتبر جزء من المجتمع الكبير، وله الأجهزة  المعنية لحل المشاكل الأربع الرئيسية السابقة، وبناءً على هذا فلكل تنظيم إداري وسائله التي تساعده على التكيف مع البيئة وتجنيد مصادره التي تتطلب استمراره في أداء الوظائف وتحقيق الغايات، وحتى تتمكن المنظمة الإدارية الرسمية من حل مشاكل التكامل عليها أن تجد الآليات المتنوعة التي تحكم ولاء الأعضاء وتستثير الحماس والنشاط لديهم.

وعليها أيضًا أن تجد الوسائل التي تنسّق بين العمليات المتنوعة لأجهزتها وفروعها، وأخيرا يجب أن يتوافر للمنظمة ما يمكنها من مواجهة مشاكلها في الكمون، وهذا يعني أن تعمل باستمرار على كسب التأييد لها واجتذاب الآراء والعمل على التفافها حول المبادئ والقيم التي تقوم على أساسها أهداف المنظمة.

مستويات بارسونز في وظيفة التركيب الهرمي للتنظيم الرسمي:

يميز بارسونز بين ثلاثة مستويات وظيفية في التركيب الهرمي للتنظيمات الرسمية الإدارية وهم:

  • المستوى الأول: وهو المستوى الفني (Professional) حيث يصنع بالفعل إنتاج المنظمة، وأعضاء هذا المستوى تتعلق مهامهم الأساسية بأداء الواجبات والأعمال الفنية للموظفين في المصنع أو الأطباء في المستشفيات أو المعلمين في المدارس.
  • المستوى الثاني: وهو المستوى الإداري (Managerial) ومن مهامه الرئيسية هي الوساطة بين الأقسام المتنوعة في المنظمة وتنسيق الجهود بينها.
  • المستوى الثالث: وهو مستوى المصلحة العامة (Public interest level)، وهو كل ما يتعلق بالنظام الاجتماعي الخارجي، ويبدو أن المستوى الأول له علاقة بالأساس بمشاكل التكيف وتحقيق الهدف، والثاني مشاكل التكامل أما المستوى الثالث فيتعلق بمشاكل الكمون.

ويذكر بارسونز أن العلاقة بين هذه المستويات الثلاثة ليس من الضروري أن تكون علاقة تسلطية، وإنما هي علاقة متبادلة بشكل مستمر. وأن هناك انفصال واضح في التسلسل الهرمي للسلطة والمسؤولية بين المستويات الثلاثة، ومن غير الممكن أن يشرف المدير على عمل المرؤوس إلا في نطاق مستوى واحد، إذ أن الاختلاف الوظيفي بين هذه المستويات كبيرة جدًا ويصعب معها القدرة على الإشراف الأعلى على الأدنى.

وعلى سبيل المثال يتمكن المدراء الفنيون أن يواجهوا عمل المرؤوسين الفنيين، ولكن لا يتسنى للمدراء الإداريين هذا التوجيه بنفس الأسلوب لعدم توافر الكفاءة أو المعرفة المهنية لديهم. والواقع أنه ليس من الصواب أن نقول بأن المدراء يقومون بتفويض المسؤولية للفنيين؛ لأنهم يقومون بالواجبات والمسؤوليات تجاه القرارات الفنية، وعلى المدراء أن يكونوا معتمدين على أحكام الفنيين في قيامهم بمسؤولياتهم الإدارية.

كذلك نجد أن مجلس الإدارة لا يقوم بالإشراف على اتخاذ القرارات الإدارية، لكنه يقوم بالاهتمام بتكيف المنظمة وتوجيهها تبعًا للظروف الخارجية من خلال تحديد الأهداف والسياسة العامة للمنظمة وعلاقاتها الخارجية. أما المسائل والأمور التي لها علاقة بالسياسة والتنظيمات الداخلية، فإنه يجب أن يسمح فيها بحرية التصرف والحكم الشخصي على المدراء.

ومع أن نظرية بارسونز هذه لم تسلم من النقد من حيث أنها لا تقوم على تقديم نظرية كاملة وشاملة، وإنّما هي مجرد إطار نظري، فإنها تتمتع بأهمية خاصة في مجال الإدارة حيث أن التنظيمات الإدارية لا تعمل في فراغ وإنّما في أوساط اجتماعية تؤثر فيها وتتأثر بها.

وعلى الرغم من التقدم العلمي في ميدان الإدارة، فإن أغلب الدراسات قد تم إغلاقها لدراسة العلاقة بين التنظيمات الإدارية وعلاقتها البيئية والاجتماعية.


شارك المقالة: