يزداد عقد عمل إدارة الموارد البشرية في منظمات الأعمال الدولية بالمقارنة مع عملها في المنظمات المحلية، ويعود هذا بسبب الفروع الخارجية العديدة وانتشارها الجغرافي الكبير وارتفاع عدد الموظفين فيها من الجنسيات المتنوعة من البيئات المتنوعة التي تضم عادات وتقاليد وديانات عديدة.
مصادر الحصول على الموارد البشرية الدولية
مما يزيد عمل إدارة الموارد البشرية تعقيد أن عمل هؤلاء الموظفين سوف يكون في بيئة متنوعة تمامًا عن بيئة الدولة الأم من كل الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يحتاج توفير مجموعة أخرى من المهارات للموظفين في الخارج منسجمة والقدرة على تحقيق التوافق بين المصلحة العليا لمنظماتهم وبين المصالح الوطنية بالنسبة للدولة المضيفة والموظفين المحليين. وتعتبر المصادر التالية هي الاتجاهات والسياسات المطبقة في توظيف الموظفين وخاصة فئة الوظائف العليا في المنظمات الدولية:
1. التوظيف من البلد الأم
هذا التعبير يشير إلى الموظفين المواطنين الذين يكونون تابعين للبلد الذي يوجد بها مقر قيادة المنظمة، حيث تحتفظ المنظمات الدولية بالوظائف الأساسية في المنظمة الخارجية لمواطني الدولة الأم، حيث يعكس هذا الاختيار أهمية معرفة الموظفين المختارين بثقافة المنظمة الأم، وبذلك يقصد تاريخها وسياساتها وانظمتها ورسالتها وأهـدافها والممارسات المقبولة لديها والتقاليد الطبقة.
مميزات اتجاه التوظيف من البلد الأم
- يعتبر الموظفين الوافدين من الدولة الأم خبراء في المجال الذي يعملون به ويعلمون جيدًا كيفية سير العمل في الدولة الأم فهم يقومون بنقل هذه المعرفة إلى الموظفين في الخارج.
- تستفيد المنظمة الأم في إكساب الموظفين لديها المعرفة والمهارات المتواجدة في الدولة الأجنبية المضيفة ويقدمونها للدولة الأم.
- يتعلّم الموظفين من البلدان المضيفة أمور عديدة مثل ثقافة الأفراد في الدولة الأجنبية، وطريقة عمل الأسواق الدولية، وطبيعة الزبائن وكيفية تقبلهم لمنتجات المنظمة.
- ضمان ولاء الموظفين خاصة في حالة الأزمات بين المنظمة الدولية والدولة المضيفة أو بين الدولة الأم والدولة المضيفة.
سلبيات اتجاه التوظيف من البلد الأم
- الكلفة المرتفعة بسبب الاختلاف الكبير غالبًا في مستوى الرواتب بين الدولة الأم وبين الدولة المضيفة، بالإضافة إلى تكلفة الانتقال والسكن وبدل الاغتراب.
- حاجة هؤلاء الموظفين للتأقلم مع البيئة الجديدة ومكوناتها المتنوعة.
- إن اختيار هؤلاء الموظفين من الدولة الأم يكون على حساب الموظفين في الدولة المضيفة قد ينتج عنه شعور لدى الأخرين بعدم الرضا؛ لأن فرص تقدمهم الوظيفي محدودة أو قد تكون معدومة.
قد يكون هذا الاتجاه جيد في البدايات الأولى للمنظمة في الدولة المضيفة إلا أن توسع الأعمال الدولية يجبرها على تعيين العديد من مواطنين الدولة الأجنبية المضيفة في وظائف إدارية عليا، فبعد أن تكون المنظمة الأم وإدارة فروعها بالخارج قد تعرفت على الأوضاع الجديدة والعناصر البشرية المتواجدة، يصبح بالإمكان الاعتماد بشكل تدريجي على تعيين الخبرات المحلية من الدولة المضيفة في المناصب الإدارية العليا لضمان توفير نوع من التفاعل فيمـا بين نشاطات المنظمة الأم وفروعها الخارجية من جهة والمجتمعات والبلدان المضيفة وفعالياتها الاجتماعية و الإدارية والاقتصادية من جهة أخرى.
2. التوظيف من البلد الأجنبي المضيف
وهنا يتم تعيين الموظفين من الدولة المضيفة وخاصة في المناصب القيادية العليا، ويتم اختيارهم على أسس ومعايير الخبرة العملية والشهادات الأكاديمية والكفاءة والنزاهة والحيادية.
مزايا اتجاه التوظيف من البلد الأجنبي
- سهولة تنفيذ أعمال المنظمة في الدولة المضيفة؛ بسبب معرفة الموظفين الكاملة بلغة الدولة وثقافته.
- التقليل من قوة الشعور القومي المعادي للمنظمات الدولية.
- التقليل من العبء المالي الناجم عن استعمال الموظفين من الدولة الأم.
سلبيات اتجاه التوظيف من البلد الأجنبي
- عدم إمكانية هؤلاء الموظفين على فهم سياسة المنظمة في الدولة الأم وطبيعة عملها.
- عدم القدرة على تفاهم الموظفين مع المنظمة الأم، بسبب تنوع الثقافات والممارسات التي يمكن أن تكون صعبة بسبب وجهات نظرهم حول بعض المفاهيم في التدريب والإنجاز والمساواة وأخلاقيات العمل والإنتاجية.
3. التوظيف من بلد ثالث
هنا يتم اختيار الموظفين في المناصب الإدارية العليا وخاصة فئة المدراء من دولة تختلف عن دولة المنظمة الأم وكذلك الدولة المضيفة، ويتم اللجوء إلى هذا النوع كمحاولة للتخلص من بعض سلبيات الخيارين السابقين منها الكلفة العالية والشعور القومي المناهض وقلة الخبرة والكفاءة وفي العادة يتم الاختيار في هذا النوع من نفس المنطقة الجغرافية التي تقع فيها الشركة الأجنبية وخاصة لفئة المدراء.
فمثلاً يتم تعين مدير أردني لفرع شركة أجنبية في السعودية ، والميزة الرئيسية من استخدام هؤلاء المدراء من دول متنوعة من العالم، هي أن عملية تأقلم المدير من بلد ثالث تكون أسهل بكثير من تأقلم غير المحلي القادم من بيئة وثقافة مختلفة، كما أن تكاليف الرواتب والتعويضات والمكافآت سوف تكون أقل من رواتب المدير غير المحلي لكن أكثر قليلاً من تعويضات المدير المحلي، بالإضافة إلى تواجد الخبرة اللازمة للعمل الدولي.
وبشكل عام فإنه يوجد مجموعة من العوامل التي قد تلعب دور محدد في اختيار الموظفين من الدولة الأم أو من الدولة المضيفة أو من دولة ثالثة، نذكر منها:
- تكاليف تعيين الموظفين وخاصة المدراء من الدولة الأم أعلى بكثير من تكاليف تعيين الموظفين والمدراء المحليين؛ بسبب اختلاف الرواتب الكبير بين الدولتين والحاجة إلى إضافة نفقات النقل والانتقال والشحن والسكن وبدل الاغتراب بالنسبة للموظف أو المدير الوافد إلى الدولة المضيفة.
- حاجة الموظفين والمدراء الوافدين إلى الدولة المضيفة للتأقلم مع البيئة الجديدة ومكوناتها المتنوعة، وبالتالي فقد يحتاج الموظفين في الخارج إلى فترة طويلة، حتى يتكيفوا مع الوضع الجديد، وتكون في هذه الفترة الإنتاجية ليست بالمستوى اللازم، وفي حال عدم قدرتهم على التأقلم فإن ذلك سوف يعرض المنظمة بخسارة قد تكون كبيرة في الوقت الذي لا يحتاج الموظف أو المدير المحلي إلى كل هذه المسائل، على اعتبار أنه يدرك جيدًا احتياجات البيئة المحلية ويتعامل معها بشكل مباشر، ومن المنظور الذي يحقق المنافع المتبادلة للمنظمة الأجنبية وللمجتمع المحلي.
- النشاط الذي تعمل فيـه المنظمة الدولية له دور كبير في اختيار الموظفين، فمثلاً عندما تمارس المنظمة الدولية نشاطها في مجال الخدمات مثل المصارف والتأمين، فإنه من المفضّل تعيين المدراء من البلد الأصلي للمنظمة الام أو من دولة ثالثة في حالة ضعف الموظفين وخبراتهم في الدولة المضيفة؛ لأن هذا النوع من الأنشطة يحتاج إلى مهارات وكفاءات مختصة ومتميزة، وعندما تكون درجة التقنية والتكنولوجيا المستعملة في العمليات الإنتاجية والإدارية المتطورة وتزيد عملية الاعتماد على الكوادر الأجنبية من الدولة الذي طورت فيه تلك التكنولوجيا.