بما أن الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية تعتبر مدخل يجعلها تساهم في تحقيق غايات منظمات الأعمال، وأنها تعتبر أداة لإحداث التغيير الإيجابي، فيوجد مجموعة من النماذج التقليدية والنماذج المعاصرة للإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، التي يعتبرها الكثير من الباحثين في علم الإدارة مدخل إلى وصول الموارد البشرية لأداء تنافسي مميز بناءً على اقتصاد قائم على الكفاءة والمعرفة والجودة.
نماذج الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية
أولا نموذج التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية
تم تصنيف هذا النموذج كنموذج كلاسيكي للإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، ويعتبر من أكثر النماذج ثراء بالأبحاث ولقد تم تطويره وفق مرحلتين، كان في البداية يركز الباحثين مقاربة تخطيط الموارد البشرية التي في أكثر الأوقات عرفت بإدارة التنبؤية للموارد البشرية، هذه المقاربة أثارت الجدل في الفترة ما بين (1960-1970)؛ لأن إدارة الموارد البشرية تدخل ضمن استراتيجية المنظمة.
هذا الأمر أدى منذ (1980) إلى نشوء مقاربة التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، والتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية يسمح للمنظمة بالحصول على احتياجاتها من الموارد البشرية بالكم والنوع اللازمين وفي الوقت الصحيح لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
لقد تطورت هذه المقاربة بدعم من مدرسة هارفد القائمة على الإدارة الاستراتيجية، ومدرسة متشيغن التي تهتم بالعلاقات الإنسانية، إذ تلتقي هاتان المدرستان أولاً في تحديد المسؤوليات والمهام الإدارية وفي اقتراح نماذج إدارة الموارد البشرية الضرورية لتحقيق غايات المنظمة.
وثانيًا في التأكيد على أهمية بناء موائمة بين استراتيجية المنظمة الداخلية والخارجية خلال مسار التخطيط الاستراتيجي، بالتالي ينظر إلى التخطيط الاستراتيجي على أنه نشاط يمكن من خلاله دمج إدارة الموارد البشرية مع باقي الأنشطة التسييرية والإدارية بما يحقق غايات المنظمة.
ثانيا نموذج محاسبة الموارد البشرية
ظهر هذا النموذج في ستينات القرن الماضي لعدد من الأسباب منها حاجة المنظمة الماسة لنظام معلومات يعمل على مراقبة وحساب تكلفة الموارد البشرية والقيمة الاستثمارية لهم، وتم تطوير هذا النموذج بدعم من نماذج التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية.
هذا النموذج يركز على معالجة المعلومات الاقتصادية والمعلومات المالية خلال الأنظمة المحاسبية التي تهتم بتقييم الأصول البشرية، إن هذا النموذج يسعى إلى تقديم المعلومات الضرورية عن العنصر البشري بالمنظمة.
ثالثا نموذج إدارة الكفاءات
باتت الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية ترتبط بشكل رئيسي بإدارة الكفاءات، وبالتالي فإن التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية والتنمية والتكوين وتقييم الأداء تعتبر نماذج للتسيير الذي يختص بكفاءات المنظمة، والذي يمثل مساهمة تنظيمية في استقطاب الموارد البشرية وتنميتها.
فنموذج الكفاءات يجعل من استراتيجية الموارد البشرية طريقة فعالة ومناسبة لها دور في بناء موارد وأصول استراتيجية للمنظمة، الذي يسمح بتحقيق اندماج كفاءة الموارد البشرية في المنظمة، مما يتيح ظهور معارف جديدة وتثمين فدرات وكفاءات متاحة ومتراكمة.
إن نموذج إدارة الكفاءات تعتبر أحد النماذج الحديثة للإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية والذي يجعل من القدرة والكفاءة التسييرية والتنظيمية عنصر رئيسي لكفاءة المنظمة التي تعطي المسؤولية للمسيرين على امتداد السلم التنظيمي والاستقلالية لكل الموظفين بالمنظمة بما يكون لها دور في خلق القدرات التنافسية.
رابعا نموذج إدارة المعرفة
تعتبر المعرفة مورد استراتيجي يسهم تسييرها في امتلاك ميزة تنافسية، ولقد أعدت الدراسات والممارسات الإدارية في تطوير إدارة المعرفة، تتمثل إدارة المعرفة في عدد من الأساليب التنظيمية والتكنولوجية التي تسعى إلى خلق وتجميع وتخزين وتنظيم المعرفة واستخدامها في المنظمة، وتبسيط الوصول لها عند الحاجة، وترتبط عملية تثمين الموارد البشرية والكفاءات بالقدرة على إدارة المعرفة بطريقة فعالة.
خامسا نموذج إدارة الجودة الشاملة
يعتبر نموذج إدارة الجودة الشاملة من أهم نماذج الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، وتعتبر إدارة الجودة الشاملة مدخل شامل للتغيير يقوم بتهيئة الموارد البشرية والقدرات في بيئة العمل التي تقوم على المشاركة الجماعية داخل المنظمة، أساسها التحسين والتطوير الدائم بهدف تحقيق الميزة التنافسية في الأداء وتحقيق احتياج الزبون.
إذًا إن نموذج إدارة الجودة الشاملة هو نظام تسيري يهتم بتقديم قيمة للعملاء عن طريق إيجاد بيئة يتم فيها التحسين والتطوير الدائم للقدرات التي يتميز بها العنصر البشري وتنميتها، مع الالتزام بإرضاء الزبون ودعم العمل الجماعي وهذا بالتالي يحقق غايات المنظمة وامتلاك الميزة التنافسية.
وأخيرًا فإن نماذج الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية هي نموذج التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، نموذج إدارة المعرفة، نموذج إدارة الكفاءات، نموذج محاسبة الموارد البشرية، نموذج إدارة الجودة الشاملة.
