ما الفرق بين التمويل المالي الإسلامي والإجارة؟

اقرأ في هذا المقال


عقد الإجارة من العقود المالية المباحة في الإسلام، الذي يقوم على بيع المنفعة، ويرتبط بعقد البيع والتمويل بالأصول الثابتة، من حيث القرارات الاستثمارية والمضمون في التصرّف والملكية، إلّا أنها تختلف عن التمويل المالي الإسلامي بشروطها الشرعية من خلال بعض الأمور التي تختص بها.

مضمون عقد الإجارة:

يتضمن عقد الإجارة في الإسلام بيع المنفعة، وهو بذلك يشبه البيع، وينقسم القرار الاستثماري في عقد الإجارة إلى قسمين يمثّل كل منهما قراراً استثمارياً مستقلاً عن الآخر، فالقرار الأول يكون من قِبل المالك (صاحب المال) الذي يقوم بشراء المال العيني كالآلات مثلاً، ويعمل على تهيئتها وبيع منفعتها، ويتوقف دوره بالتصرف بالمال عند تجهيزه للاستعمال. والقرار الثاني ينحصر في ملكية المستأجِر الذي يقوم باستخلاص المنفعة من المال، الذي يصبح في ملكيته تِبعاً لعقد الإجارة، وهذا كإنتاج سلعة تُعدّ مادة أولية لإنتاج سلعة أُخرى، مع الأخذ بالفرق بين الخدمة والسلعة.
كما تشبه الإجارة التمويل بالأصول الثابتة، لأنّها تتضمن وضع المال العيني تحت تصرّف غير المالك، لتمكينه من الحصول على منفعة المال، وتحافظ الإجارة على تقييد التصرف بالمال تِبعاً للملكية بصورة دائمة، بخلاف التمويل المالي الذي يفصل بين الملك والتصرف.

الفرق بين الإيجار المالي والإيجار التشغيلي:

ينقل الإيجار المالي مخاطر المال المستأجَر ومسؤولياته إلى المستأجِر، وتكون مدة العقد على الأغلب موافقة للعمر الإنتاجي للمال، وتحسب قيمة الأجرة الدورية بأسلوب يتم من خلاله رد المبالغ التي استثمرها المؤجّر، بالإضافة إلى مقدار متّفق عليه من الربح ومناسب للطرفين.
أمّا الإيجار التشغيلي فيكون محدّد بمدة زمنية، أقل بكثير من العمر الإنتاجي للعين المؤجَّرة، ويتحمل فيه المؤجّر أغلب المخاطر اعتماداً على ملكيته للعين، وقد لا يتضمن العقد خياراً للشراء، بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة لعقد الإجارة.

خصائص عقد الإجارة الشرعية:

  • قد تستمر الإجارة الشرعية لأي فترة زمنية، بوجود منفعة يمكن الحصول عليها واستخلاصها من العين المؤجرة.
  • ويمكن اعتبار عقد الإجارة عملية استثمارية تقوم على التملك، الذي يمنح حق التصرّف والبيع، ويجب الالتزام بالمبادئ العامة التي تتعلّق في تحديد سعر المنفعة، وتسهيل الاتفاق على نسبة محدّدة من الربح الذي يستحقه المؤجّر، خلال الفترة الزمنية لعقد الإجارة.
  • يتحمّل المؤجّر (صاحب المال) ما قد يتعرّض له المال من مخاطر، نتيجة استمرارية الملكية، ولا يمكن تجنّب المخاطر وإن قلت، رغم وجود خدمات التأمين والصيانة في الوقت الحالي؛ ممّا يُتيح للمؤجّر حق تقدير المخاطر التي يمكن حدوثها، وإضافة مقابل مادّي على الأجرة عند إنشاء عقد الإجارة.

نقاط الاختلاف بين التمويل المالي الإسلامي والإجارة:

هناك بعض النقاط المهمّة التي يمكن اعتبارها فروق أساسية، للتفريق بين التمويل المالي الإسلامي ومضمون عقد الإجارة، والتي تم تحديدها بناءً على مضامين كل منهما، ودراسة الأحكام الخاصة بالتمويل الإسلامي ومقارنتها بأحكام عقد الإجارة، ويمكن تحديد ذلك بما يلي:

  • تتمثل العلاق بين طرفي عقد الإجارة بنوع من البيع، فلو قرر صاحب المال استثمار أمواله عن طريق الإجارة فعليه أن يقوم باتخاذ قرارين، وهما تملّك العين التي يُريد تأجيرها، ثمّ تأجير العين التي تملّكها، وبالمقابل يقوم المستأجر باتخاذ قراري الاستئجار، واستخلاص المنفعة من المال والاستفادة منها، أمّا في التمويل المالي يكون قراراً استثمارياً واحداً، يتم اتخاذه من قِبل العامل المستثمر وهو التصرّف بالمال، بشكل منفرد عن صاحب المال (المالك).
  • في الإجارة يكون العائد الذي يستحقه صاحب المال محدّد ومعروف منذ بداية إجراء العقد، أمّا في التمويل المالي فيشترك صاحب المال مع العامل بنسبة من الربح الناتج، دون تحديد مقدار معيّن.
  • تنحصر الإجارة على المال العيني الذي يتّصف بالأجل الطويل، ويمكن للتمويل المالي الإسلامي أن يكون على الأموال العينية الثابتة، أو الأصول المتداولة، أو الأموال النقدية.
  • المنفعة في عقد الإجارة تكون إنتاجية أو استهلاكية، أمّا في التمويل المالي الإسلامي فتكون العلاقة إنتاجية فقط وتقوم على الربحية.

نقاط التشابه بين التمويل المالي الإسلامي والإجارة:

يتفق التمويل المالي الإسلامي مع عقد الإجارة في بعض من الأمور، والتي تتمثّل فيما يلي:

  • يتم تقييد المستأجر في عقد الإجارة بنوع المنفعة أو الخدمة التي يشتريها من المؤجّر، وكذلك هو الحال في التمويل المالي الإسلامي، حيث يتم تقييد العامل بنوع النشاط الاستثماري الذي سيقوم به.
  • يتحد هدف المؤجّر في عقد الإجارة، مع هدف صاحب المال في عقود التمويل المالي الإسلامي، والذي يتمثّل بالاسترباح.

الفرق بين التمويل الربوي والإجارة:

ومن خلال ما سبق الحديث عنه يمكن تحديد الفرق الذي يفصل بين عقد الإجارة والتمول الربوي، والذي يتمثّل في استمرار ملكية المؤجّر للمال العيني، وتحمُّل الأخطار التي قد يتعرض لها المال العيني، والتدخّل بالقرار الاستثماري الذي يقع على ماله الذي يملكه في عقد الإجارة، أمّا في التمويل الربوي فيخرج المال من ملكية المُقرِض بالربا بعد تسليمه للمقترِض.

المصدر: النظم الإسلامية، علي ابراهيم، 2018النظم المالية في الإسلام، قطب ابراهيم محمد، 1996موجز النظام المالي الإسلامي، عبدالله بن علي صغير، 2019مفهوم التمويل في الاقتصاد الإسلامي، منذر قحف، 2004


شارك المقالة: