النظريات المتماسكة للتبرير المعرفي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


وفقًا لنظرية التماسك للتبرير المعرفي فإن الاعتقاد أو مجموعة من المعتقدات لها ما يبررها، أو يتم الاحتفاظ بها بشكل مبرر، فقط في حالة انسجام الاعتقاد مع مجموعة من المعتقدات، تُشكل المجموعة نظامًا متماسكًا أو بعض الاختلاف في هذه الموضوعات.

النظريات المتماسكة للتبرير المعرفي في علم النفس

تتمثل النظريات المتماسكة للتبرير المعرفي في علم النفس في التمييز بين نظرية التماسك في التبرير وبين نظرية التماسك في الحقيقة، حيث أن نظرية التماسك في التبرير هي نظرية لما يعنيه أن يتم تبرير اعتقاد محدد أو مجموعة من المعتقدات، أو أن يتم تبرير الذات في التمسك بالاعتقاد أو مجموعة المعتقدات التي يعتني بها الفرد أو فريق معين.

تتمثل النظريات المتماسكة للتبرير المعرفي في علم النفس فيما يعنيه أن يكون الاعتقاد أو الاقتراح الذي يجده الفرد أمام قدرته في اتخاذ القرارات صحيحًا، حيث يؤيد علماء النفس الاتساق الحديث لنظرية التماسك للتبرير دون الدفاع عن نظرية التماسك للحقيقة، بدلاً من ذلك فهم إما يفضلون نظرية المطابقة للحقيقة أو يأخذون مفهوم الحقيقة كأمر مسلم به، على الأقل لأغراض تحقيقاتهم المعرفية.

نظرية التماسك مقابل التأسيسية للتبرير المعرفي في علم النفس

تتمثل المشكلة المركزية في نظرية المعرفة في شرح متى يكون لدينا ما يبرر اعتبار أن الافتراض صحيحًا، حيث أنه ليس من الواضح على الإطلاق ما هو التبرير المعرفي، وقد تبين أن التفسيرات النفسية لهذه الفكرة تنطوي على إشكالية شديدة، ويمكن تفسيرها من خلال التمييز بين نظرية التماسك مقابل التأسيسية للتبرير المعرفي في علم النفس.

تتمثل نظرية التماسك مقابل التأسيسية للتبرير المعرفي في علم النفس من خلال التقليد المستوحى من العالم رينيه ديكارت، بأن المعتقدات المبررة هي تلك التي تكون إما صحيحة بديهيًا أو مستنتجة من حقائق بديهية، ولكن كما يُقال في كثير من الأحيان فإن القليل مما نأخذه لأنفسنا للاعتقاد المبرر يلبي مجموعة شروط تعتبر تقريباً صارمة.

العديد من معتقداتنا المبررة ظاهريًا كما يُعتقد عمومًا، لا تستند إلى حقائق بديهية ولا يمكن اشتقاقها بالمعنى المنطقي الصارم من الآخرين في الأشياء التي نؤمن بها، وهكذا فإن الصورة العقلانية التي جاءت خلف اعتقادات العالم رينيه ديكارت للتبرير في النظرية المعرفية تبدو مقيدة للغاية تتمثل في مشاكل مماثلة تلاحق المحاولات التجريبية لترسيخ كل معرفتنا في بيانات الحواس المزعومة وغير القابلة للشك.

اعتمادًا على كيفية فهمها تكون البيانات الحسية إما غير قابلة للشك أو غير مفيدة بما يكفي لتبرير جزء كافٍ من معرفتنا المزعومة، حيث يعتبر التوصيف الدقيق للمؤسسة التأسيسية مسألة خلافية إلى حد ما، فهناك شكل محدد من أشكال التأسيسية التي بموجبها تمتلك بعض المعتقدات مصدرًا غير واقعي للدعم المعرفي لا يتطلب أي دعم من جانبها.

يمكن أن يكون هذا الدعم غير قابل للتنفيذ ويمكن أن يتطلب مكملات لتكون قوية بما يكفي للمعرفة، هذا النوع من الدعم غير المتعذر ينهي ارتداد التبرير المعرفي، للقيام بذلك قد لا يضطر الشخص إلى اللجوء إلى الدليل الذاتي أو عدم الشك أو اليقين، ومنها تختلف وجهات النظر التأسيسية هذه حول مصدر الدعم غير التقليدي، ومدى قوة الدعم بمفرده لمثل هذه النظرية، والدور الذي يلعبه في تماسك التبرير إن وجد.

أدت الصعوبات المتعلقة بالعقلانية والتجريبية حول التبرير إلى اعتقاد العديد من علماء النفس المعرفي أنه يجب أن يكون هناك خطأ جوهري في الطريقة التي تم بها تأطير النقاش، مما دفعهم إلى رفض البنية التبريرية التأسيسية الكامنة وراء العقلانية والتجريبية على حد سواء.

بدلاً من تصور بنية معرفتنا على نموذج الهندسة الإقليدية، مع البديهيات الأساسية والنظريات المشتقة، يفضل علماء المعرفة صورة شاملة للتبرير لا تميز بين المعتقدات الأساسية أو التأسيسية أو غير الأساسية أو المشتقة.

إن مجرد رفض النظرية التأسيسية ليس في حد ذاته نظرية بديلة؛ لأنه لا يترك لنا أي تفسير إيجابي للتبرير المعرفي، باستثناء استعارة موحية عن شبكات الاعتقاد، هناك اقتراح أكثر تناقضًا جوهريًا وهو أن ما يبرر معتقداتنا هو في النهاية الطريقة التي يتعاملون بها معًا أو تتشابك معًا لإنتاج مجموعة متماسكة والنقطة التي تميز نظرية التماسك هي ببساطة الادعاء بأن لا شيء يمكن اعتباره سببًا للاعتقاد باستثناء معتقد آخر.

هناك اعتراض جاد على أن أي نظرية تماسك للتبرير أو المعرفة يجب أن تواجهه على الفور، يطلق عليه اعتراض العزلة في كيف يمكن لمجرد حقيقة أن نظامًا ما متماسكًا، إذا تم فهم هذا على أنه أمر داخلي محض وأن يقدم أي توجيه للحقيقة والواقع على الإطلاق؛ نظرًا لأن نظرية التماسك في شكلها الأساسي لا تحدد أي دور أساسي للتجربة، فليس هناك سبب كبير للاعتقاد بأن نظامًا متماسكًا للاعتقاد سيعكس بدقة العالم الخارجي.

نظرية التماسك المتمثلة في الانحدار للتبرير المعرفي في علم النفس

في حساب المعتقد الحقيقي المبرر التقليدي للمعرفة لا يمكن القول بأن الشخص يعرف هذا الاقتراح بأنه صحيح دون وجود أسباب وجيهة للاعتقاد بذلك، إذا علم الفرد أنه سينجح في امتحان الغد، فلا بد أن لديه أسباب وجيهة للاعتقاد بأن الأمر كذلك، عند التفكير الآن في أسباب هذا الفرد من المفترض أنها ستتألف من معتقدات أخرى لديه على سبيل المثال المعتقدات حول مدى أدائه الجيد في وقت سابق، ومدى جودة استعداده للاختبار وما إلى ذلك.

لكي يعرف هذا الفرد أنه سيجتاز الاختبار يجب أن تكون هذه المعتقدات الأخرى التي يقوم عليها الاعتقاد الأول للنجاح أشياء يعرفها الشخص أيضًا، حيث أن المعرفة بعد كل شيء لا يمكن أن تكون مبنية على شيء أقل من المعرفة السابقة أو المعرفية الحقيقية، أي على الجهل؛ نظرًا لأن الأسباب هي نفسها أشياء يعرفها الشخص، فيجب أن تستند هذه الأسباب بدورها إلى الأسباب، وبالتالي فإن أي ادعاء بالمعرفة يتطلب سلسلة لا تنتهي من الأسباب للتبرير.

يمكن فهم نظرية التماسك في الانحدار المعرفي على أنه اقتراح أنه لا يوجد شيء يمنع حدوث الانحدار في دائرة مغلقة، فإن ما لدينا هو سلسلة من الأسباب التي لا تنتهي أبدًا ولكنها لا تتضمن عددًا لا حصر له من المعتقدات، إنه لا ينتهي بمعنى أن لكل اعتقاد في السلسلة سبب لهذا الاعتقاد أيضًا في السلسلة، ومع ذلك هناك مشكلة فورية في هذه الاستجابة بسبب حقيقة أن الدوائر التبريرية عادة ما يُعتقد أنها دوائر سلبية.

قد ترد النظريات المتماسكة بإنكار أنها قصدت في أي وقت مضى أن تشير إلى أن التفكير الدائري هو استراتيجية جدلية شرعية، ما تعترض عليه هو بالأحرى افتراض أن التبرير يجب أن يستمر على الإطلاق بطريقة خطية حيث يتم تقديم الأسباب لأسباب، ويفترض هذا الافتراض للسلبيات أن ما هو مبرر بالمعنى الأولي هو المعتقدات الفردية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: