التراكيب الارتطامية غير التكتونية

اقرأ في هذا المقال


ما هي التراكيب الارتطامية غير التكتونية؟

منذ أن ارتاد الإنسان الفضاء أدرك أهمية الارتطامات الناجمة عن المذنبات والقطع النيزكية في تشكيل سطح الأرض والقمر والكواكب الأخرى، وجميع الصور الفضائية المتاحة الملتقطة لكل من القمر وعطارد والمريخ والمشتري وزحل توضيح أن ثمة حفراً كثيرة موجودة فوق سطح هذه الأجرام السماوية، وإن كانت درجة وضوح الحفر في كوكب المريخ ضعيفة؛ بسبب التعرية الرياحية وعمليات الترسيب المستمرة.
وإذا كان بعض العلماء وبخاصة علماء البراكين يعتقدون أن معظم هذه الحفر ما هي إلا فوهات بركانية ناجمة عن الثورات البركانية التي تنبثق من أغوار الأرض السحيقة ومن ألباب الكواكب والأقمار، فإن هناك أدلة جازمة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن آلافاً مؤلفة من الحفر الموجودة فوق أسطح كواكب النظام الشمسي وأقماره ناتجة عن ارتطام النيازك والشهب.
فعلى سبيل المثال منذ عدة سنوات حدث ارتطام مذنب شوميكر كارولين ليفي بكوكب المشتري، وقد ترتب على هذا الارتطام العديد من الحفر الغائرة في سطح الكوكب، وقد تم ملاحظة قد انفجر إلى آلاف القطع متباينة الأحجام وتم العثور على بعض القطع التي قد وصل قطرها إلى عدة كيلو مترات، وقد قال العلماء الجيولوجيين أنه لو قدرنا لمثل هذا المذنب أن يرتطم بالأرض فإنه قد يسبب محو كل صور الحياة من على سطح الأرض ولأصبحت الأرض أثراً.
ومما لا شك فيه أن الأرض خلال تاريخها الطويل قد تعرضت لوابل من القطع النيزكية والشهبية المتساقطة، مثلها في ذلك مثل غيرها من الكواكب، ولكن آثار عمليات الاصطدام والارتطام (أو الحفر) لا تكاد واضحة أو مخفية تماماً بسبب عمليات التعرية والترسيب المستمرين، بالإضافة إلى الحركات التكتونية المدلهمة.

دور الغلاف الجوي في محو التراكيب الارتطامية:

إن الغلاف الجوي للأرض بالإضافة إلى البحار والمحيطات تلعب دوراً في غاية الأهمية في طمس معالم الحفر النيزكية، وبخاصة إذا كانت هذه الحفر ذات أقطار صغيرة، ليس هذا فحسب فالغلاف الجوي يعتبر درعاً واقياً يحفظ الأرض من أن تكون عرضة للعديد من الاصطدامات النيزكية، حيث أن القطع الأقل من 1000 كيلو غرام تتفتت كلياً إلى أجزاء متناثرة وتسبح هذه الأجزاء الصغيرة جداً في جو السماء.
كما أن الغلاف الجوي يمثل حاجزاً يمنع القطع النيزكية الصغير من مجرد الوصول إلى سطح الأرض، فإنه يخفض كثيراً من سرعة ارتطام الكتل الكبيرة، ومن الأدلة على ذلك في عام 1947 ميلادي عمل الغلاف الجوي على تخفيض وتناقص سرعة قطعة نيزكية عُرفت آنذاك باسم سيخوت ألين، حيث تناقصت سرعتها من 15 كيلو متر لكل ساعة إلى 5 كيلو متر لكل ساعة، أما القطع النيزكية الكبيرة جداً فإنها لا تتأثر كثيراً بالغلاف الجوي بسبب النسبة الكبيرة لكتلها بوحدة المساحة.

كيف أمكن تقسيم وجود الحفر النيزكية على سطح الأرض؟

ويمكن تقييم معدل تكوين أو وجود الحفر النيزكية على سطح الأرض من خلال دراسة توزيع وتكرارية القطع النيزكية وأحجامها، ولقد أثبتت عمليات التقسيم التي قام بها العلماء أن سطح الأرض يحتوي على نحو 100 ألف تركيباً ارتطامياً (حفراً نيزكية)، يزيد قطرها عن واحد كيلو متر اصطدمت بالأرض على مدى 2 بليون سنة، فضلاً عن 6000 آلاف تركيب ارتطامي يزيد قطرها عن خمسة كيلو مترات و20 تركيب أكبر من 100 كيلو متر.
إلى جانب آلاف التراكيب الارتطامية التي لم يتم التعرف عليها حتى الآن، والتي طمست معالمها بفعل عمليات التعرية والترسيب والحركات التكتونية الأرضية، ويكفي أن نشير إلى أن متوسط معدل التعرية فوق اليابسة حوالي 1 ملي متر لكل سنة.
فلو افترضنا أن ارتطاماً نيزكياً نجم عنه حفرة تركيب ارتطامي قطره واحد كيلو متر، وأن الصخور قد تكدست على حافة هذه الحفرة النيزكية بارتفاع أو بعمق قدره واحد كيلو متر، فهذا يعني أن هذا التركيب الارتطامي سوف يختفي تماماً خلال عشرة ملايين سنة بسبب عمليات التعرية.
إن بعض التراكيب الارتطامية التي طمست معالمها ودفنت تحت ثرى الأرض بسبب استمرارية عملية الترسيب، كثيراً ما يماط اللثام عنها عن طريق الصدفة البحتة، وذلك في أثناء عمليات البحث والتنقيب عن النفط والبترول في النطاقات تحت السطحية.
ومن أشهر الأمثلة على ذلك أنه تم التعرف على ثلاثة تراكيب ارتطامية في حوض وليسون أقطارها تتراوح فيما بين 6 إلى 12 كيلو متر، ولقد أثبتت عمليات التقييم أن اثنين من هذه التراكيب يحتويان على كميات اقتصادية كبيرة من البترول.
ومعظم التراكيب الارتطامية الموجودة على سطح الأرض توجد على مستويات أو نطاقات تعرية منخفضة، ولقد عدد العالم دنس (Dence) في عام 1972 ميلادي اثنا عشر مكاناً يحتوي على تراكيب ارتطامية البعض، منها ما يكون متراكب والبعض الآخر يكون متعدد الحفر والفوهات.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: