كيف يقتل تلوث الهواء النباتات والحيوانات؟

اقرأ في هذا المقال


يعتبر تلوث الهواء مشكلة واسعة الانتشار معترف بها، فهي تؤثر على جميع أشكال الحياة، ومع ذلك عندما نفكر في تلوث الهواء فإننا على الأرجح لا نستحضر صورًا للنباتات والحيوانات، ولكن نظرًا لأننا نتعايش معًا فإن معرفة كيفية تأثير تلوث الغلاف الجوي على الحياة البرية أمر مهم. في هذه المقالة سنجيب عن بعض الأسئلة الشائعة حول تلوث الهواء وتأثيراته على النباتات والحيوانات.

الأسباب الرئيسية لتلوث الهواء:

الأسباب البشرية لتلوث الهواء:

إن أكبر مساهمة في تلوث الهواء اليوم هي تلك التي تنتج عن التأثير البشري (الأسباب من صنع الإنسان)، وهذه هي إلى حد كبير نتيجة لاعتماد الإنسان على الوقود الأحفوري والصناعات الثقيلة، ولكن يمكن أن يكون أيضًا بسبب تراكم النفايات والزراعة الحديثة والعمليات الأخرى التي من صنع الإنسان:

  • انبعاثات الوقود الأحفوري: يعد احتراق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والمواد القابلة للاحتراق في المصانع سببًا رئيسيًا لتلوث الهواء، حيث تستخدم هذه بشكل عام في محطات الطاقة ومرافق التصنيع (المصانع) ومحارق النفايات وكذلك الأفران وأنواع أخرى من أجهزة التدفئة التي تعمل بحرق الوقود، كما يتطلب توفير تكييف الهواء والخدمات الأخرى أيضًا كميات كبيرة من الكهرباء، مما يؤدي بدوره إلى المزيد من الانبعاثات.
  • الزراعة وتربية الحيوانات: يتم إنشاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الزراعة من خلال مجموعة من العوامل، أحدها هو إنتاج الميثان من الماشية، وسبب آخر هو إزالة الغابات، حيث تتطلب الحاجة إلى المراعي وحقول النمو إزالة الأشجار التي من شأنها عزل الكربون وتنقية الهواء. وفقًا لتقرير التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تمثل الزراعة 24٪ من الانبعاثات السنوية.
  • النفايات: من المعروف أيضًا أن مكبات النفايات تولد غاز الميثان، وهو ليس فقط غازًا رئيسيًا للاحتباس الحراري ولكنه أيضًا مادة خانقة وقابلة للاشتعال بدرجة كبيرة. يرتبط النمو السكاني والتحضر بعلاقة تناسبية مع إنتاج النفايات وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على مواقع الإغراق البعيدة عن البيئات الحضرية، وبالتالي أصبحت هذه المواقع مصدرًا مهمًا لإنتاج الميثان.

الأسباب الطبيعية لتلوث الهواء:

أي شيء يفعله البشر يتضمن حرق الأشياء أو استخدام المواد الكيميائية أو إنتاج أكوام من الغبار يمكن أن يتسبب في تلوث الهواء، وأن تلوث الهواء ليس مشكلة من صنع الإنسان بنسبة 100٪، فبعض أنواع تلوث الهواء تحدث بشكل طبيعي أيضًا، فمثلا:

  • ثوران البركان : بشكل عام تنفث الثورات البركانية العملاقة رمادًا وكمية هائلة من غازات الكبريت، فضلاً عن مئات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون (CO2)، حيث أن غازات الكبريت عندما تتحد مع بخار الماء في الغلاف الجوي تشكل حامض الكبريت، مما يضر بالبشر والنباتات والحيوانات.
  • التحلل الإشعاعي للصخور: تحتوي الصخور النارية (الجرانيت) والصخور الرسوبية (الحجر الجيري) على نظائر مشعة، فعندما يتحلل اليورانيوم في الصخور ينبعث الرادون وهو غاز مشع طبيعي، كما أنه غاز عديم اللون والرائحة والمذاق وينتشر بسرعة في الهواء، وعند استنشاقه يسبب اضطرابات تنفسية خطيرة ويمكن أن يؤدي إلى سرطان الرئة المميت.
  • الغبار وحرائق الغابات: في مناطق واسعة من الأراضي المفتوحة التي لا تحتوي على نباتات قليلة أو معدومة وجافة بشكل خاص بسبب قلة هطول الأمطار يمكن أن تخلق الرياح عواصف ترابية بشكل طبيعي، حيث يمكن أن يكون لهذه الجسيمات عند إضافتها إلى الهواء تأثير احترار طبيعي، ويمكن أن تشكل أيضًا خطرًا على صحة الكائنات الحية، وعندما تنتشر الجسيمات في مناطق بها نباتات طبيعية يمكن أن تكون أيضًا عائقًا طبيعيًا لعملية التمثيل الضوئي.
    تعتبر حرائق الغابات حدثًا طبيعيًا في المناطق الحرجية عند حدوث فترات جفاف طويلة، وذلك بشكل عام نتيجة لتغيرات الموسم ونقص هطول الأمطار، حيث يساهم الدخان وأول أكسيد الكربون الناجمين عن هذه الحرائق في زيادة مستويات الكربون في الغلاف الجوي، مما يسمح بزيادة الاحترار من خلال التسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري.

ما هي ملوثات الهواء الرئيسية؟

يمكن لأي غاز أو رذاذ (سوائل أو مواد صلبة منتشرة عبر الغازات) أو جزيئات أن تعتبر ملوثات للهواء إذا وصلت إلى تركيز عالٍ بما يكفي لإلحاق الضرر بها، ومن أهم ملوثات الهواء الرئيسية ما يلي:

  • ثاني أكسيد الكبريت (SO2): ينبعث ثاني أكسيد الكبريت أثناء عملية احتراق الوقود الأحفوري المحتوي على الكبريت مثل الفحم والنفط، وفي الظروف الرطبة يتحول إلى حمض الكبريتيك، مما يتسبب في هطول الأمطار الحمضية والضباب الدخاني.
  • أول أكسيد الكربون (CO): يتشكل أول أكسيد الكربون عندما يحتوي الوقود على كمية قليلة جدًا من الأكسجين ليحترق تمامًا، ويساهم هذا الغاز شديد الخطورة في ظاهرة الاحتباس الحراري والضباب الدخاني والتحمض.
  • ثاني أكسيد الكربون (CO2): لا يعتبر ثاني أكسيد الكربون بشكل عام “ملوثًا”، ولكن التركيزات الأعلى يمكن أن تساهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
  • أكاسيد النيتروجين: يأتي تلوث ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) وأكسيد النيتروجين (NO) من محركات السيارات ومحطات الطاقة، حيث تُعرف أيضًا باسم (غازات الدفيئة غير المباشرة).
  • المركبات العضوية المتطايرة (VOCs): أن المركبات العضوية المتطايرة مشتقة من خزانات البنزين أو بعض المنشآت الصناعية أو الدهانات أو الورنيش أو الأنشطة الزراعية، ويلعب تلوث الهواء من المركبات العضوية المتطايرة دورًا مهمًا في تشكيل الأوزون في طبقة الغلاف الجوي السفلى.
  • الجسيمات: تنشأ الجسيمات من مصادر طبيعية مثل البراكين أو الأنشطة البشرية مثل الاحتراق أو حركة المرور.
  • الأوزون: يسمى الأوزون أيضًا ثلاثي الأكسجين، ويتكون من خلال النقل الكيميائي الضوئي للأكسجين، ويسبب الضباب الدخاني ويساهم في التحمض وتغير المناخ.
  • الرصاص والمعادن الثقيلة: تساهم الهباء الجوي من الرصاص والمعادن الثقيلة السامة الأخرى أيضًا في تلوث الهواء.

كيف يقتل تلوث الهواء النباتات والحيوانات؟

على غرار البشر يعد تلوث الهواء بمثابة مذكرة وفاة للنباتات والحيوانات، حيث تؤدي الأمطار الحمضية الناتجة عن تلوث الهواء إلى زيادة حمضية المياه والتربة، مما يؤدي إلى قتل الحيوانات البرية على الفور، كما تموت العوالق النباتية الموجودة في البحيرة، وينتهي الأمر بالأسماك إلى تغيير موقعها الأصلي أو الإصابة بمشاكل في الجهاز التنفسي وانخفاض أعداد الحشرات والبرمائيات.
عند الحديث عن النباتات فإن المطر الحمضي يحد من مغذيات التربة المتاحة ويضر بالجذر ونظام الفروع ويؤدي إلى توقف النمو ويقتلها في النهاية، وبعض الأنواع النباتية والحيوانية محصنة ضد تذبذب مستويات الأس الهيدروجيني، ومع ذلك في نظام بيئي مترابط فإنها تتسبب في فوضى في السلسلة الغذائية وقد تقضي على نوع بأكمله.
يقال إن استنفاد درع الأوزون يمارس آلية قتل “غير مباشرة” على النباتات والحيوانات، حيث تظهر البيانات العالمية أن ثقب الأوزون قضى على ما يقرب من 30٪ من الأنواع النباتية. لم يكن استنفاد الأوزون سهلاً على الحيوانات المائية والبرية أيضًا – بل سبب تدمير للموائل ومن ثم إلى انقراضها (ولا تزال العواقب السيئة).
أدت الأشعة فوق البنفسجية إلى تقييد عملية التمثيل الضوئي وزيادة معدل التبخر وإحداث بعض طفرات جينية في النباتات، حيث أظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها جامعة كاليفورنيا أن الأشعة فوق البنفسجية تقلل من خصوبة العديد من سلالات عاريات البذور وتساهم في الانقراض الجماعي.
إن الهواء الملوث بالمواد المسرطنة والمواد السامة للأعصاب قاتل للحيوانات، حيث تشير الدراسات إلى أن بعض الحيوانات الأليفة والبرية لديها مخاطر متزايدة للإصابة بأحداث القلب والأوعية الدموية الحادة وتطور مرض الشريان التاجي، كما يرتبط تلوث الهواء أيضًا بالموت المبكر للحيوانات.

كيف يؤثر تلوث الهواء على الحيوانات؟

الهواء السام تهديد للحياة البرية والتنوع البيولوجي، وقد لا يكون التأثير البصري واضحًا إذا لم يتم فحصه عن كثب، ولكن من خلال الأدلة يكون التأثير ضارًا، وبعض هذه الأدلة ما يلي:

  • تغير سلوك الحيوان : أظهر عدد متزايد من بعض الدراسات أن الملوثات يمكن أن تؤدي إلى سلوك غريب في الحيوانات، فعلى سبيل المثال المواد المسببة لاضطرابات الغدد الصماء والمعادن الثقيلة وثنائي الفينيل متعدد الكلور لها تأثير مباشر على السلوك الاجتماعي والتزاوج للحيوانات.
  • الأمراض والوفيات: في معظم الحالات يكون التأثير غير مباشر، ولكنه يقتل الحيوانات ببطء عن طريق تعطيل العمليات البيولوجية، حيث تعطل ملوثات الهواء وظيفة الغدد الصماء وتتسبب في إصابة الأعضاء وتزيد من التعرض للضغوط والأمراض وتقلل من نجاح الإنجاب، كما يمكن أن يؤدي التعرض المطول لملوثات الهواء إلى زيادة التعبير عن علامات أمراض أمراض التنكس العصبي.
  • فقدان التنوع البيولوجي: يعد تلوث الهواء قوة دافعة رئيسية لتغيير الهيكل الأساسي ووظيفة النظم البيئية، وعلى سبيل المثال يعد الترسب الزائد للنيتروجين المحمول جواً (N) على شكل أمونيا من بين عوامل الإجهاد الرئيسية للتنوع البيولوجي، والتنوع البيولوجي أمر بالغ الأهمية للحيوانات لأن الضعف يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في السلسلة الغذائية وفقدان بعض الأنواع، كما يمكن أن يؤدي فقدان التنوع البيولوجي أيضًا إلى زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية.
  • التغيير في توزيع الأنواع : يمكن أن يتسبب تلوث الهواء الصناعي في حدوث تغيير في وفرة نوع معين، وعلى سبيل المثال قد يؤدي فقدان بعض أنواع الأسماك بسبب ارتفاع مستويات الألمنيوم إلى زيادة أنواع الحشرات، مما قد يفيد بدوره البط الذي يتغذى على الحشرات. 

كيف تتأثر النباتات بتلوث الهواء؟

نظرًا لأن الأسطح الهوائية للنباتات خاصة الأوراق على اتصال مباشر بالجو فإنها تمتص ملوثات الهواء بسرعة كبيرة، ومن ثم تحفز الملوثات الإجهاد التأكسدي الذي ينتج الجذور الحرة وأنواع الأكسجين التفاعلية (ROS) التي تسبب الضرر على مستويات مختلفة.
يؤثر الأوزون (O3) على التمثيل الضوئي في معظم النباتات ويسبب الآفات الورقية، حيث يمكن أن يدخل أيضًا الثغور (الفتحات التي تساعد على التنفس في النباتات) وتتحلل الخلايا النباتية مباشرة، وقد يتسبب O3 أيضًا في توقف النمو – وفي الحالات الشديدة الموت.
تتداخل الأمطار الحمضية وسمية الرصاص والتعرض لأكاسيد النيتروجين مع العناصر الغذائية المتاحة للنباتات في المحاصيل، وهذا سوف يظهر في انخفاض الغلة.

المصدر: كتاب البيئة وحمايتها للمولف نسيم يازجيكتاب النظام البيئي والتلوث د. محمد العوداتكتاب الانسان وتلوث البيئة للدكتور محمد صابر/2005كتاب علم وتقانة البيئة للمؤلف فرانك ر.سبيلمان


شارك المقالة: