الملاحظة من أدوات جمع البيانات في البحث الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


الملاحظة من أدوات جمع البيانات في البحث الاجتماعي:

الملاحظة أسلوب ذو تاريخ طويل فمنذ العصور القديمة اهتم الكتاب والشعراء والمؤرخون بملاحظة السلوك الإنساني ووصفه، هذا فضلاً عن إستخلاص فروض وتخمينات عليه على أساس السلوك الملحوظ، كما أن الإنسان في حياته العادية يستخدم الملاحظة كأداة لتوجيه السلوك وتكوين الآراء والاتجاهات الخاصة به حيال المواقف الحياتية المختلفة وحتى الأطفال في مراحل حياتهم الأولى يتعلمون ملاحظة ما يدور حولهم من أحداث وسلوك، وحتى من تعبيرات وجوه المحيطين بهم كذلك فالمسؤول عن عمل معين عليه أن يلاحظ سلوك مرؤوسيه والعاملين معه.

ما الفرق بين الملاحظة العلمية وغير العلمية؟

رغم كل هذا فهناك فرق بين الملاحظة العلمية وغير العلمية، فالأولى توجه لتحقيق هدف علمي محدد ويتم تخطيطها تخطيطاً مقصوداً، وهنا يتم تدوين الملاحظات وربطها بفرضيات عامة وإخضاعها لكثير من الضوابط التي تحقق ثباتها وصدقها.

أما الملاحظة غير العلمية أو العادية فلا توجد ولا تتجه لهدف محدد وقد تتم بصورة غير مقصودة.

وقد يلجأ الباحثون في علم الاجتماع، والأنثروبولوجيا إلى أسلوب الملاحظة كأداة أساسية من أدوات البحث الاجتماعي، وذلك ﻷن الكثير من أنماط السلوك اليومي كتربية الأطفال، وتبادل التحية، والاحتفالات بالأعياد والمواسم وغير ذلك من المناسبات لا يكاد الأفراد موضوع الملاحظة أن يدركوا أبعادها ﻷنها أصبحت عندهم طبيعة مألوفة، ولكنها تجذب اهتمام الباحث المدقق خاصة إذا كان غريباً عن الثقافة القائمة.

وكلما تزايدت احتمالات مقاومة الأفراد لما يوجه لهم من أسئلة واستفسارات تزايدت أهمية الملاحظة، فالمقاومة التي تحدث من مجتمع البحث لما يوجه لهم من أسئلة أمر مألوف خاصة في المجتمعات المختلفة خاصة إذا كان السؤال يتعلق بأمور ذات خصوصية كعلاقة الفرد بزوجته أو الخلافات الأسرية وأسبابها أو بعض المواقف والاتجاهات السياسية في هذه الحالات تجد الشخص موضوع البحث يتمتع عن الإجابة وحتى إذا أجاب فإنه يحرف إجابته، وكذلك فإنه في الحالات التي لا يدرك الفرد فيها إدراكاً حقيقة مشاعره أو لا يتكون لديه اتجاه معين نحو موضوع التساؤل، وفي هذه الحالات تتزايد أهمية الملاحظة.

وهناك حالات لا يمكن فيها استخدام أداة أخرى غير الملاحظة، مثل التفاعل الاجتماعي بين الأطفال وجماعات اللعب، ففي هذه الحالات لا نستطيع مثلاً أن نوقف اللعب لتوجيه أسئلة معينة ﻷفراد الجماعة عن مشاعرهم ووجهات نظرهم وعلى العكس من ذلك هناك حالات لا تصلح فيها الملاحظة كأداة لجمع البيانات خاصة إذا لم تكن لدينا المقدرة على التنبؤ بحدوث الظاهرة موضوع الدراسة فنحن لا ندري مثلاً متى سيحدث خلاف بين الزوج وزوجته حتى نلاحظه كذلك فإننا لا يمكن أن نلاحظ هذه الأمور عند حدوثها بالفعل.

ومن كل ذلك فإن على الباحث أن يحدد السلوك الذي يرغب ملاحظته وجمع البيانات عنه وأن يكون على دراية بالحالات التي يفضل فيها استخدام الملاحظة، أو استخدام غيرها من الأدوات وفقاً لطبيعة دراسته.

المصدر: مناهج البحث العلمي، محمد الجوهري.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط محمد حسن.


شارك المقالة: