انتشار التخلف العقلي في المجتمع

اقرأ في هذا المقال


إن مشكلة التخلف العقلي تعاني منها كل المجتمعات، سواء أكانت متقدمة أم نامية أم بدائية، فالكثير من الدراسات التي أجريت في مجتمعات مختلفة في محاولة للتعرف على هذه النسبة، قد اختلفت من مجتمع إلى آخر.

انتشار التخلف العقلي في المجتمع

كما اختلف انتشار التخلف العقلي في المجتمع الواحد من جهة؛ وسبب هذا التفاوت لا يعود إلى تفاوت حقيقي في النسبة، بل يعود إلى اختلاف المعايير التي استخدمت في التعرف على التخلف العقلي، كما يعود إلى اختلاف العينات التي أجريت عليها تلك الدراسات، وقد أجريت أول دراسة مسحية لتحديد نسبة المتخلفين في بعض المجتمعات.

ويتبع في الدراسات المسحية العديد من المناهج من أهمها، المنهج العشوائي ومنهج تسجيل المواليد، ومنهج المرحلة الزمنية ومنهج العينة السكانية، ومنهج الحصر الشامل لحالات التخلف العقلي في المجتمع، كما أشارت الدراسات إلى أن انتشار حالات التخلف العقلي تتراوح بين (20-35) حالة في كل ألف من تلاميذ المدارس الابتدائية.

وبين (13-75) في كل ألف من السكان، وهي بين الذكور أعلى منها بين الإناث، وبين سكان القرى أعلى منها بين سكان المدن، وقد اختلف الباحثون في تفسير هذه الفروق، كما أشارت الدراسات إلى أن حوالي (7%) من المتخلفين عقلياً يعانون من التخلف العقلي الشديد، وحوالي (18%) يعانون من التخلف المتوسط،( 75%) يعانون من التخلف البسيط.

وقد اختلف الباحثون في توقعاتهم لانتشار التخلف العقلي في المستقبل، فالبعض يتوقع زيادة النسبة عما هي الآن؛ بسبب انخفاض معدلات الوفيات وامتداد الأجل بكثير من حالات التخلف العقلي، ويتوقع البعض الآخر انخفاض النسبة؛ بسبب التقدم في الرعاية الصحية، وعلاج الكثير من أسباب التخلف العقلي، في حين يتوقع غيرهم عدم تغير النسبة عما هي عليه فنسبتهم ثابتة من الناحية الإحصائية، وهي حوالي (2.27%) من السكان.

إن أفضل تقدير لنسبة التخلف العقلي، هو الاعتماد على مبدأ التوزيع السوي للصفات البشرية الذي يمثله التوزيع الاعتدال، والذي يوضح توزيع القدرة العقلية بين الناس، والنسب المئوية لكل فئة من فئات الذكاء التي تظهر في هذا التوزيع.

نسبة التخلف العقلي في المجتمع

ويظهر من التوزيع الاعتدالي لنسبة الذكاء بين الناس والقدرة العقلية، كما تقيسها اختبارات الذكاء ، وتتوزع بين الناس، وأن حوالي (68.26%)من الناس يقعون بين درجتي (85-115) ويطلق على هذه الفئة متوسطي الذكاء، وأن حوالي (13.59%) من الناس يقعون بين درجتي الذكاء (70-85) درجة، وهم فئة ما دون المتوسط تقابلهم فئة أخرى تقع بين درجتي (115-130) وهي فئة ما فوق الوسط، وتمثل حوالي (13.59%) من الناس.

وأن حوال (2.14%) من الناس يقعون بين درجتي الذكاء (70) وهي درجة التي تعتبر الحد الفاصل بين التخلف العقلي والعادي، و (55) درجة وهم يمثلون فئة التخلف العقلي البسيط يقابلهم من جهة الأخرى(2.14) بين درجتي الذكاء (30-145) وهم فئة المتفوقين عقلياً.

أن حوالي (0.13%) من الناس دون درجة الذكاء (55) وهم الفئة التي تمثل التخلف العقلي المتوسط والشديد ويعتبر جزء منهم بحاجة إلى مراكز رعاية خاصة مستمرة، في حين يقابلهم من الجهة الأخرى حوالي (0.13%) من الناس يتمتعون بدرجة ذكاء تزيد على (145) درجة وهم الفئة التي يطلق عليها اسم العباقرة، ومن ذلك فإن نسبة التخلف العقلي في أي مجتمع تتأثر بعوامل متعددة، منها المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع.

العوامل المؤثرة في انتشار التخلف العقلي

1- المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي

تختلف نظرة المجتمعات المتحضرة عن نظرة المجتمعات النامية إلى ذوي الاحتياجات الخاصة عموماً، وذوي الإعاقة الذهنية بصفة خاصة، فإن المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للأسرة، يؤدي دور هام في القدرة العقلية، وفي مدى انتشار التخلف العقلي بين أبناء المستويات الاجتماعية المختلفة.

2- مفهوم التخلف العقلي في المجتمع

يختلف مفهوم التخلف العقلي من مجتمع إلى آخر، مما يؤدي إلى اختلاف نسبة التخلف فيها، حيث تزداد النسبة إذا أوسعنا مفهوم التخلف وتنقص إذا ضاق، وذلك فإن نظرة المجتمع إلى التخلف العقلي هي التي تحدد نسبته في المجتمع، ومع التقدم في علوم الطب والوراثة وزيادة وعي الناس بالمشكلة واهتمام الدولة، وزيادة الخدمات التي تقدم في مرحلة الزواج ومرحلة الإنجاب، تجعلنا متفائلين إلى احتمال تناقص نسبة المتخلفين عقلياً في المستقبل.

3- أولوية الخدمات لفئات المواطنين

تهتم المجتمعات النامية برعاية أبنائها الأذكياء قبل اهتمامها بأبنائها المعاقين جسمياً وعقلياً، لذا فإن الدول النامية لا تعطي اهتمام كبير لرعاية المتخلفين عقلياً، لعدم توافر الأماكن المناسبة لرعايتهم وتعليمهم وتأهيلهم، لذلك يجب أن تراعي الدولة هذه الفئات وتقدم لهم الخدمات مثل التي تقدم للمتفوقين والموهوبين، بل تقدم ما يفوق ذلك وذلك لقدرتهم المحدودة وإمكانياتهم البسيطة.

المصدر: 1- عبد الفتاح الشريف. التربية الخاصة وبرامجها العلاجية. مكتبة الانجلوا المصرية: القاهرة.2- عبدالله الكيلاني وفاروق الروسان.القياس والتشخيص في التربية الخاصة. 3- فكري متولي.استراتيجيات التدريس لذوي اضطراب الأوتيزم. مكتبة الرشد . 4- السيد السيد. الأنشطة التربوية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. مكتبة الانجلوا المصرية. القاهرة


شارك المقالة: