يعتبر العلاج المعرفي السلوكي من أحد الأساليب العلاجية الجديدة، التي تقوم بالاهتمام بشكل أساسي بالمدخل المعرفي للاضطرابات النفسية، من أهم أهداف هذا الأسلوب هو التخلّي عن الألم النفسي وما يشعر به الفرد من ضيق وهم، ذلك عن طريق التعرُّف على المفاهيم والإشارات الذاتية الخاطئة ومحاولة حصرها، أيضاً العمل على تصحيحها ومن ثمَّ تعديلها.
أساليب العلاج المعرفي السلوكي
مناقشة أحداث الخبرات الانفعالية
يُطلب من المريض أن يقوم بتذكُّر آخر الأحداث أو موقف من الحوادث أو المواقف المرتبطة بالسبب الانفعالي لديه فيجب أن يتذكر الحوادث أو المواقف بشكل جيد؛ حيث يقوم المريض بوصف الحادثة بشكل مفصَّل، يقوم المعالج بجعل المريض يتذكر الأفكار المرتبطة بظهور واستمرار رد الفعل الانفعالي، عن طريق استخدام أسئلة مثل (عدد أكثر الأشياء سوءاً عندما كنت قلقاً جداً)، (هل ظهر في مخيلتك شيء في تلك اللحظة).
استخدام التخيل لإعادة الخبرة الانفعالية
في حال عدم استطاعة المعالج استخدام الأسئلة المباشرة؛ ذلك لمحاولة إثارة الأفكار التلقائية، يجعل المعالج المريض يتخيُّل الموقف أو تمثيله. فإذا كان الموقف يحتاج إلى تفاعل مع الآخرين، فمن الممكن الاستعانة بعدد من الناس للقيام بلعب الأدوار مع المريض. يقول الباحثون أنَّ هذه الفنية تفيد المعالج والعميل معاً، ذلك من خلال معرفة الأفكار السلبية، التي تسبب التوتر والاضطراب، بعد ذلك تبديلها بأفكار إيجابية تصل إلى نهاية حسنة، يتم ذلك عن طريق الواجبات اليومية التي تُعتبر جزء مهم من العلاج، أيضاً فهي تفيد المعالج في طريقة اختيار الأسلوب المناسب للتعامل معها.
المراقبة الذاتية
هو أن يقوم المريض بتسجيل كل ما يقوم به في مدونة، نماذج يقوم بإعدادها المعالج حسب طبيعة مشكلة المريض. يؤكد المعالج على بدء استخدام المراقبة الذاتية بشكل سريع، أثناء عملية التقويم؛ حتى يستطيع التعرف على مشكلة المريض وصياغة مشكلته والاستمرار في استخدامها؛ من أجل متابعة العملية العلاجية. إنَّ المراقبة الذاتية تؤدِّي في أغلب الأحيان إلى تقليل معدَّل تكرار السلوكيات غير المرغوبة لدى المريض، تقوم بتقديم أدلة تقلل من ميل المريض إلى تذكُّر فشله.
يطلب المعالج تعبئة هذه الورقة بتسجيل المريض لوقت ومصدر المواقف التي تؤدِّي إلى القلق والخوف، أيضاً الأعراض الجسدية والتخيُّلات التي صاحبته فيقوم المعالج بتقييم قلق المريض من خلال مقياس من ( صفر – 100)؛ حتى يصف كيف يواجه الموقف، توضع هذه المعلومات لتسجيل تكرار نوبات التوتر والأعراض الجسدية الأخرى، يساعد المعالج في التعرُّف على مصادر القلق لدى المريض.
تساعد مراقبة الذَّات على معرفة المريض لأخطائه، فتشجعه على المحاولة، أيضاً أن يكون موضوعي مع نفسه، بالتالي يساعده ذلك على معرفة مشكلته بالجانب السلوكي المعرفي المتعلم، تعتبر هذه الوسيلة من الوسائل المقبولة، بالتالي تتزايد السلوكيات المرغوب فيها وتنخفض السلوكيات غير المقبولة.
أسلوب المتصل المعرفي
يُطلب من المريض أن يقوم بتوضيح كيف يشاهد نفسه مقارنة بالآخرين، مثال على ذلك يطلب المعالج من المريض الذي لديه أن يظن (أنا شخص عديم الفائدة )، أن يتعرَّف على معنى عديم الفائدة، ثمَّ يطلب منه أن يحدد أين سيكون بعض الناس الذين في حياته على معيار لهذه الصفة. يبدأ بصفر وهو عديم الفائدة إلى 100% أي فعال جداً. هذه الفنية مفيدة في استبدال الأفكار التلقائية والاعتقادات الرئيسية، أيضاً تفيد في التعامل مع التفكير الثنائي (أريد كل شيء أو لا شيء).
أسلوب الجدل المباشر
تعد هذه الفنية من الفنيات المعرفية، إنَّ العلاج المعرفي يقوم على تأييد التوجيه للاكتشاف الموجه بشكل أكبر من المواجهة المباشرة لأراء المريض، إلَّا أنّه في الغالب يجب للمعالج استخدام المواجهة المباشرة.
يستخدم هذا الأسلوب عندما يشعر المريض بالانتحار، بالتالي من واجب المعالج أن يعمل بشكل مباشر في تحدي شعور اليأس، تكون هذه المواجهة المباشرة جيدة في المواقف التي يتدخل فيها المعالج للعلاج بشكل سريع، خاصة في الوقت الذي لا يرغب فيه المريض بالمشاركة الفعالة في عملية العلاج.
إنّ التنفيذ والنقاش بشكل حاد يُعتبر أساس الأدوات الخطيرة؛ لأنَّه يصعب أن تقدم جدال نافع دون أن تسبب للمريض الهزيمة والدونية والضيق، أيضاً عدم استخدام النقاش سوف تتحول بكل بساطة إلى مشاكل معرفية.
أسلوب التعريض
هو أساس العلاج المعرفي السلوكي، كذلك الأساس في النظرية السلوكية لاضطرابات القلق، حيث وجد الباحثون أنَّ التعريض باستمرار للمثيرات التي تؤدي للقلق، ينتج عنه ضياع استجابة القلق للشخص الذي يعاني من القلق.
من أشكال التعريض، التعريض التخيُّلي، التعريض المتدرِّج، التعريض بالواقع الذي يكون بدون تدرج، يجب توفُّر محددات لهذا النوع، من أهمها أخذ الموافقة من المريض.
يوجد أنواع مختلفة من التعريض، مثل التعريض عن طريق أخذ المساعدة من المعالج للموقف الذي أدى للقلق بشكل مباشر. إنَّ الهدف من هذه الفنية هو تقليل الأعراض السلبية للقلق، عن طريق تحدي المثيرات والسلوك، مع التجنُّب الذي يعتبر معزِّز للقلق.
أسلوب التخيل
يوجد افتراضين أساسيَّين لهذه الفنية الأولى أن يُكتسب القلق حسب قوانين الاشتراط الكلاسيكي، الثانية أن يقوم القلق على توليد سلوك الفرد التجنُّبي، الذي يقوم بدوره على تعزيز السلوك من خلال خفض مستوى القلق.
إنَّ المُثيرات التي ترتبط بالألم أو الحرمان، تقوم على إحداث رد فعل انفعاليّ وسلبي، هذا الانفعال يؤدِّي إلى استجابات تجنبيّة دفاعية، تحاول تعزيز الاستجابات الدفاعية، التي تؤدِّي إلى إيقاف المثير الشَّرطي الذي يؤدي للخوف أو القلق بنجاح.
يُطلب من العميل في فنية التخيُّل أن يتخيل المواقف التي تشكِّل الخوف لديه؛ لتقليل الحساسية بشكل تدريجي، الذي يتضمَّن على الانتقال بالعميل بشكل متدرِّج من الموقف الأقل خوفاً إلى الموقف الأكثر خوف وقلق. يبدأ هذا الإجراء بالموقف الذي يسبب الحد الأقصى من القلق؛ ذلك بهدف أن يبقى العميل في حالة من القلق الشديد وقت طويلة.
يقول بيك أنَّ فنية التخيل يتم استعمالها في علاج اضطرابات القلق؛ من أجل تحديد العلاقة بين التفكير والمشاعر، فيطلب المعالج من العميل أن يتخيل مشهد مقلق ويلاحظ ردود الفعل، فإذا ظهر للعميل ردود فعل انفعالية وعاطفية سلبية، يتم البحث عن محتوى أفكاره.
يطلب المعالج من العميل أن يتخيل مشهد سار ويقوم بوصف مشاعره؛ حتى يستطيع العميل أن يفهم التغيير في أفكاره، التي أثّرت في مشاعره، بالتالي يمكن أن يعدّل مشاعره إذا قام بتغيير أفكاره.
يرى الباحث أنّ فنية التخيُّل تقوم على مساعدة العميل في تعلُّم ومعرفة أنَّ تعديل الأفكار السلبية، التي تصل به إلى مشاعر سلبية، يساعد في تغيير هذه المشاعر؛ ذلك بسبب تغيير مضمون هذه الأفكار واستبدالها بأخرى إيجابية.