أهمية التعلم الإدراكي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يُعَد التعلم الإدراكي مهمًا في حد ذاته بالنسبة للدور الذي لعبه في المناقشات الفلسفية والنفسية، حيث يعبر التعلم الإدراكي عن مستويات وقدرات ومهارات الأفراد العقلية في إدراك المواقف والأحداث التي يقومون بها، مما يستنتج السلوكيات البشرية المناسبة، فالتعلم الإدراكي بحد ذاته يعتمد على التفكير والإدراك والذكاء الواعي.

أهمية التعلم الإدراكي في علم النفس

يعتبر التعلم الإدراكي في علم النفس مهم وأحد الأسباب هو أنه يقول شيئًا عن طبيعة الإدراك هذا الإدراك أكثر تعقيدًا مما قد يبدو من وجهة نظر الشخص الذي يعتقد بأنه يعرف ما يدور بنفسه من تفكير وبنفس غيره أيضًا، على وجه التحديد حقيقة أن التعلم الإدراكي يحدث يعني أن أسباب الحالات الإدراكية ليست مجرد أشياء في بيئتنا المباشرة كما يبدو للوهلة الأولى.

بدلاً من ذلك نظرًا لواقع التعلم الإدراكي هناك تاريخ سببي طويل لتصوراتنا التي تتضمن الإدراك المسبق، عندما يتذوق الفرد الطعام على سبيل المثال فإن نوع الطعام هذا وحده ليس السبب الوحيد لحالته الإدراكية، بدلاً من ذلك فإن سبب حالته الإدراكية يشمل الأطعمة السابقة والتصورات المسبقة عن تلك الأنواع من الطعام، طريقة واحدة لوضع هذا هو القول بأن الإدراك هو أكثر من المدخلات المباشرة في حواسنا إنه مرتبط بتجاربنا السابقة.

الطريقة الأخرى التي يكون فيها التعلم الإدراكي مهمًا من الناحية النفسية هو أنه يوضح كيف أن الإدراك هو نتاج كل من الدماغ والعالم، في هذا الصدد هناك بعض أوجه التشابه بين دور آليات الثبات ودور التعلم الإدراكي، حيث يشمل كلاهما لعب الدماغ دورًا في هيكلة الإدراك بطريقة تتجاوز المدخلات الإدراكية.

تعتبر آليات الثبات مثل تلك التي تشارك في الشكل والحجم وثبات اللون، هي آليات دماغية تسمح لنا بإدراك الأشكال والأحجام والألوان بشكل أكثر ثباتًا عبر الاختلافات في المسافة أو الإضاءة في التعلم الإدراكي، ففي حالات الثبات يتعامل الدماغ مع المدخلات من العالم، وهذا يسمح للمُدرك بتتبع الشكل أو الحجم أو اللون بسهولة أكبر.

بالمثل في حالات التعلم الإدراكي يتعامل الدماغ مع المدخلات من العالم، ففي كثير من الحالات قد يجعل هذا الإدراك في الواقع أكثر فائدة، كما هو الحال عندما يوجه النظام الإدراكي الانتباه بطريقة معينة من خلال التعلم على سبيل المثال نحو الميزات ذات الصلة بتحديد العقل الواعي والمنطقي.

قد يؤدي التعلم الإدراكي إلى ترقية الحالة المعرفية للإدراك، مما يضع المدرك في وضع أفضل فيما يتعلق بالمعرفة، في الوقت نفسه يمكن للناس أن يتعلموا بشكل غير صحيح مما يؤدي إلى تصورات غير مفيدة، كما هو الحال عندما يطور لاعب غولف جديد مع تدريب غير كافٍ عادة سيئة تتمثل في الاعتناء بمضربه أثناء التسديد، بدلاً من الاهتمام بكرة الجولف.

دور التعلم الإدراكي في علم النفس

يتمثل دور التعلم الإدراكي في علم النفس في العديد من الاتجاهات التي يمكن توضيحها من خلال ما يلي:

دور التعلم الإدراكي في محتويات التصور

غالبًا ما تم استخدام حالات التعلم الإدراكي لإظهار أننا من خلال التعلم نصل إلى تمثيل وتصور خصائص جديدة في الإدراك، والتي لم نكن نمثلها قبل التعلم، في هذه الحالة من التعلم الإدراكي تغيير طويل الأمد في إدراكنا بعد الممارسة أو الخبرة مع الأشياء أو الأشخاص أو المواقف.

يستخدم علماء النفس الحالة التصورية لدور التعلم الإدراكي ليجادلوا في أن الإدراك يأتي ليمثل الخصائص الطيبة، فالفكرة هي أن أفضل طريقة لشرح التغيير في الإدراك هي أن الإدراك يمثل خاصية كونها سمة تقوم بتمييز الأشخاص أو الكائنات الحية أو المواقف وغيرها بعد التعلم ولكن ليس قبل ذلك، بحيث تصبح هذه الخاصية جزءًا من محتوى الإدراك ويتم تقديمها في التجربة الحسية الإدراكية.

وفقًا لبعض علماء النفس فإن بعض تصوراتنا أي التصورات المكتسبة هي نتيجة خبرة سابقة، على سبيل المثال كيف يمكننا من خلال التجربة أن ندرك أن هذا هو طعم حلو المذاق أو أن هذه هي رائحة تفاحة أو هذا هو صوت مطر، ومنها فسر علماء النفس على أنه يدعي أنه من خلال تجربة خصائص مثل عصير التفاح ورائحة تفاحة وصوت المطر يمكن أن تصبح جزءًا من محتوى تصورنا من خلال التعلم الإدراكي.

يمكن أيضًا استخدام حالات التعلم الإدراكي لإظهار أننا من خلال التعلم نصل إلى تمثيل خصائص جديدة في الإدراك، حتى لو كانت هذه الخصائص مجرد خصائص منخفضة المستوى مثل الألوان والأشكال والقوام والأصوات المجردة، بدلاً من الخصائص الرقيقة عالية المستوى مثل أن تكون شجرة صنوبر أو عصير تفاح مثلًا.

تتحدث حالات التعلم الإدراكي عن التعقيد الداخلي للإدراك، فإن الإدراك يكون أكثر من مجرد مدخلات في حواسنا حيث يمكن أن يكون لكل من الشخص الخبير وغير الخبير نفس المدخلات المرئية، ولكن لهما تصورات مختلفة.

يناقش علماء النفس بالتفصيل الدور الذي يلعبه التعلم الإدراكي في تغيير الظواهر الإدراكية، على الرغم من أنه لا يقصر عن القول إن هذا يؤثر على المحتويات عالية المستوى للإدراك، على سبيل المثال هناك فرقًا في الظواهر الإدراكية بين مجرد رؤية شيء ما يتشكل، وموضعًا، وملونًا بطريقة معينة، والاعتراف بهذا الشيء على أنه مجرد ظاهرة.

دور التعلم الإدراكي في الاختراق المعرفي

تعتبر حالات الاختراق المعرفي هي حالات تؤثر فيها معتقدات المرء أو أفكاره أو رغباته على إدراكه، حيث كان أحد أدوار التعلم الإدراكي في الأدبيات النفسية هو شرح الحالات المفترضة للتغلغل المعرفي، على سبيل المثال قد يبدو للوهلة الأولى أن حالة شجرة الصنوبر للفرد هي حالة اختراق معرفي، وهي حالة يؤثر فيها مفهوم شجرة الصنوبر المكتسبة حديثًا على إدراك المرء.

ومع ذلك جادل البعض بأن أفضل طريقة لفهم حالة شجرة الصنوبر أنها ليست حالة اختراق معرفي، بل من خلال آليات معينة للتعلم الإدراكي، يعتبرها بعض علماء النفس حالة من حالات الترجيح المتعمد بينما يفهمها غيرهم على أنها تنطوي على كل من التوحيد والتمايز.

أحد الأسباب التي تجعل التعلم الإدراكي أداة جيدة لشرح الحالات المفترضة للاختراق المعرفي هو أنه في حالات التعلم الإدراكي فإن البيئة الخارجية هي التي تقود التغييرات الحسية، لا يتضمن التعلم الإدراكي بالضرورة قابلية اختراق معرفية من أعلى إلى أسفل ولكن عمليات تعتمد على البيانات فقط.

بالنسبة للحالات المفترضة للاختراق المعرفي تتمثل استراتيجية منظري التعلم الإدراكي في إظهار كيف أن التغييرات الإدراكية قد تكون مدفوعة بالبيانات بدلاً من التنازلي، حيث استخدم العديد من الفلاسفة من علماء النفس هذه الاستراتيجية في بعض الأحيان ويمكن تفسيرها بهذه الطريقة أيضًا.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: