علم النفس التجريبي:
تتنوع التجارب التي قام بها علم النفس التجريبي على مر العصور والتي كانت بمثابة تطبيق لعلم النفس بشكل عام، بحيث اهتم علم النفس التجريبي بالجانب التنفيذي من حيث السبب والنتيجة، وكانت تجارب علم النفس التجريبي تنقسم إلى العديد من الأشكال وتتمثل فيما يلي:
التجربة الحاسمة:
هي التجربة التي تهدف لاختبار فرضيات عدة في نفس الوقت، فمن الناحية المثالية، يمكن تأكيد فرضية واحدة ورفض جميع الفرضيات الأخرى، ومع ذلك، قد تكون البيانات أيضًا متوافقة مع العديد من الفرضيات، وهي نتيجة تتطلب مزيدًا من البحث لتضييق نطاق الاحتمالات.
التجربة الذاتية:
تتمثل في الأبحاث والدراسات الشخصية التي تتضمن المحاولة والخطأ والتعلم.
التجربة الميدانية:
في التجربة الميدانية، يتم ملاحظة المشاركين في بيئة طبيعية خارجية، حيث تهتم في التعرف على السلوك الإنساني بدون عوامل خارجية مؤثرة به، حيث تكون ذات إدارة منظمة وسلطة أقل من التجارب الأخرى.
أهم تجارب علم النفس التجريبي:
تتمثل أهم تجارب علم النفس التجريبي من خلال ما يلي:
1- تجربة ألبرت الصغير:
أراد الأستاذ بجامعة جون هوبكنز، الدكتور جون بي واتسون، وطالب الدراسات العليا اختبار عملية تعلم تسمى التكييف الكلاسيكي، يتضمن التكييف الكلاسيكي تعلم السلوكيات اللاإرادية أو التلقائية عن طريق الارتباط، ويعتقد الدكتور واتسون أنه يشكل حجر الأساس لعلم النفس البشري.
تطوع طفل يبلغ من العمر تسعة أشهر، يدعى ألبرت بي، في تجربة الدكتور واتسون وروزالي راينر، وكان ألبرت يلعب بأشياء بيضاء اللون، وفي البداية، أظهر الطفل الفرح والعاطفة بمرور الوقت، وبينما كان يلعب بالأشياء، يصدر الدكتور واتسون ضوضاء عالية خلف رأس الطفل لإخافته، وبعد العديد من التجارب، كان ألبرت مشروطًا بالخوف عندما رأى أجسامًا بيضاء ذات فرو.
أثبتت الدراسة أنه يمكن تكييف البشر للاستمتاع أو الخوف من شيء ما، ويعتقد العديد من علماء النفس التجريبي أنه يمكن أن يفسر سبب وجود مخاوف غير عقلانية لدى الناس وكيف يمكن أن تكون قد تطورت في وقت مبكر من الحياة.
2- دراسة المطابقة:
كان سولومون آش، عالم النفس البولندي الأمريكي، مصممًا على معرفة ما إذا كان الفرد سيتوافق مع قرار المجموعة، حتى لو كان الفرد يعلم أنه غير صحيح، حيث يتم تعريف المطابقة من قبل علم النفس على أنها تعديل آراء أو أفكار الشخص بحيث تتماشى مع آراء الآخرين أو المعايير المعيارية لمجموعة أو موقف اجتماعي.
في هذه التجربة، اختار آش 50 طالبًا جامعيًا للمشاركة في اختبار الرؤية، حيث سيتعين على الأفراد تحديد السطر الموجود على البطاقة الذي كان أطول، ومع ذلك، فإن الأفراد في مركز التجربة لم يعرفوا أن الأشخاص الآخرين الذين أجروا الاختبار كانوا ممثلين يتبعون النصوص، وفي بعض الأحيان اختاروا الإجابة الخاطئة عن قصد.
وجد آش أنه في المتوسط خلال أكثر من 12 تجربة، وافق ما يقرب من ثلث المشاركين الساذجين على الأغلبية غير الصحيحة و25 بالمائة فقط لم يتفقوا أبدًا مع الأغلبية غير الصحيحة في المجموعة الضابطة التي ضمت المشاركين فقط وليس هناك ممثلين، واختار أقل من واحد بالمائة من المشاركين الإجابة الخاطئة.
أظهرت هذه التجربة أن الأفراد سيتوافقون مع المجموعات لتلائم التأثير المعياري؛ بسبب الاعتقاد بأن المجموعة كانت على دراية أفضل من الفرد، وهذا يفسر سبب تغيير بعض الأشخاص للسلوكيات أو المعتقدات عندما يكونون في مجموعة جديدة أو بيئة اجتماعية جديدة، حتى عندما تتعارض مع السلوكيات أو المعتقدات السابقة.
3- تجربة بوبو دول:
أراد الأستاذ ستانفورد ألبرت باندورا أن يضع نظرية التعلم الاجتماعي موضع التنفيذ، حيث تقترح أنه يمكن للناس اكتساب سلوكيات جديدة من خلال التجربة المباشرة أو من خلال مراقبة سلوك الآخرين، باستخدام دمية بوبو، وهي لعبة تفجير على شكل دبوس بولينج بالحجم الطبيعي، اختبر باندورا وفريقه ما إذا كان الأطفال الذين يشهدون أعمالًا عدوانية سيقلدونها.
اختار باندورا واثنان من زملائه 36 فتى و 36 فتاة تتراوح أعمارهم بين 3 و 6 سنوات من حضانة جامعة ستانفورد وقسموهم إلى ثلاث مجموعات من 24، وشاهدت مجموعة الكبار يتصرفون بقوة تجاه دمية بوبو، في بعض الحالات، يضرب الأشخاص البالغون الدمية بمطرقة أو يلقونها في الهواء.
بعدها تم عرض مجموعة أخرى على شخص بالغ يلعب بدمية بوبو بطريقة غير عدوانية، ولم تظهر المجموعة الأخيرة نموذجًا على الإطلاق، فقط دمية بوبو، وبعد كل جلسة تم اصطحاب الأطفال إلى صالة بها ألعاب لمعرفة كيف تغيرت أنماط لعبهم، وفي صالة بها ألعاب عدوانية مثل المطرقة، وألعاب غير عدوانية مثل طقم شاي لاحظ باندورا وزملاؤه أن الأطفال الذين شاهدوا الكبار العدوانيين كانوا أكثر ويحتمل أن يقلدوا الاستجابات العدوانية.
بشكل غير متوقع وجد باندورا أن الأطفال الإناث تصرفن بشكل أكثر عدوانية جسديًا بعد مشاهدة الموضوع، وأن الذكور أكثر عدوانية لفظية بعد مشاهدة الموضوع بشكل متبادل، حيث تسلط نتائج الدراسة الضوء على كيفية تعلم الأطفال للسلوكيات من خلال ملاحظة الآخرين.