اقرأ في هذا المقال
عادة ما تؤخذ الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس من حيث العدالة التوزيعية الاجتماعية، حيث أنه من الجيد جوهريًا أن يتعرض الأفراد المخالفين لمعاملة قاسية على أيدي الأفراد القياديين، حيث تتمثل الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس بأنها أشياء غامضة من الكيمياء الأخلاقية حيث يتحول الجمع بين الشر الأخلاقي والمعاناة إلى الخير.
الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس
يعتقد بعض النقاد من علماء النفس الأخلاقي أن الرأي القائل بأنه من الجيد في جوهر الظواهر الاجتماعية والنفسية إيقاع المعاناة وهو وجهة نظر سلبية أخلاقياً، حيث يجب أن تكون الاستجابة العقابية الأساسية لهذه الانتقادات هي أنه ليس من العبث ولا السلبيات الاعتقاد بأن التكافؤ المعياري للمعاناة قد يكون إيجابيًا في بعض الأحيان.
ولكن حتى لو كان هذا صحيحًا يجب على المرء أيضًا أن يسأل عما إذا كانت المعاناة بحد ذاتها ذات قيمة أو ما إذا كانت المعاناة من العقاب هي فقط ما يهم، وما إذا كان ينبغي فهم المعاناة من منظور الحرمان الموضوعي أو المعاناة الذاتية.
أهم الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس
تتمثل أهم الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس من خلال ما يلي:
1- لغز التكافؤ المعياري المتغير للمعاناة
يعتقد العقابيين من علماء النفس أنه يجب التمييز بين المعاناة المستحقة والمعاناة غير المستحقة، في حين أن المعاناة غير المستحقة تعتبر سيئة بطبيعتها، فإن المعاناة المستحقة على الأقل إذا تم إلحاقه من قبل عامل عقابي مناسب فهو جيد بطبيعته، مثلما يكون الحزن جيدًا وذو قيمة أخلاقية عند وفاة أحد الأحباء كذلك قد تكون المعاناة جيدة وذات قيمة أخلاقية عندما يتعرض لها المخطئ خاصة إذا تم اختبارها بطريقة مرتبطة بشكل مناسب بارتكاب خطأ معين.
وفي لغز التكافؤ المعياري المتغير للمعاناة سيكون من الأفضل لو لم تكن هناك فرصة لإلحاق المعاناة، ولكن بالنظر إلى ارتكاب خطأ محدد، فإن إلحاق المعاناة المستحقة في الرد أفضل من عدم القيام بذلك لشيء ذي تكافؤ معياري متغير خاصة في نظرية العالم إيمانويل كانط في عقيدة الخير الأسمى والسعادة بما يتناسب مع الفضيلة.
يثير علماء النفس الأخلاقي قلقًا مهمًا بشأن هذا الرد على اعتراض لغز التكافؤ المعياري المتغير للمعاناة وهو أنه إذا كان الشخص يعاني بالفعل، فقد يتحسن الوضع إذا تورط الشخص في مخالفة سلوكية، مما يجعل المعاناة ذات قيمة، وتتمثل إحدى طرق تجنب هذا التضمين غير المرغوب فيه في القول إن القيمة السلبية للخطأ ستفوق أي قيمة متزايدة في المعاناة، وأن الظلم لا يزال محظورًا من الناحية الأخلاقية حتى لو كان سيحسن صورة القيمة بطريقة ما.
لكن هذا الرد لا يمس الفكرة القائلة بأن شيئًا ذا قيمة يحدث مع ذلك إذا ارتكب شخص يعاني من سلوك سلبي ومعاناتها على الأقل مناسبة الآن، حيث أنه بقدر ما يجب أن يجد العقابيين هذا ضمنيًا غير مرغوب فيه، لديهم سبب ليقولوا إن المعاناة لا قيمة لها إلا إذا تم فرضها على خطأ.
2- لغز المعاناة المجردة مقابل المعاناة من خلال العقوبة
يرى بعض العقابيين من علماء النفس أن ما يدعو إليه الخطأ هو معاناة الفاعل، مهما كان سبب ذلك، كما تبيّن في لغز المعاناة المجردة مقابل المعاناة من خلال العقوبة فإن وجهة النظر العقابية السائدة هي أن ما يستحقه الظالمين هو المعاناة، على الرغم من أن بعض علماء النفس لا يتبنون هذا الرأي تمامًا، إلا أنهم يتبنون قريبًا مقربًا منه، أي أن المخطئ يستحق أن تكون حياتها أقل جودة مما كانت ستختفي لولا ذلك.
في لغز المعاناة المجردة مقابل المعاناة من خلال العقوبة هناك شيء جذاب بشكل حدسي، إذا كان لدى المرء حدس عقابي، حول فكرة أنه من الأفضل أن يعيش المخطئ، وخاصة الشخص الذي ارتكب أخطاء كبيرة في حياة بائسة مما لو كان يعيش بسعادة، وهناك شيء مزعج إذا شعر المرء بالاندفاع الانتقامي أو التنافسي في التفكير في أنه قد يفلت من العقاب.
ومع ذلك من المهم التمييز بين الفكرة القائلة بأنه من الجيد معاقبة المخطئ حتى لا يفلت من العقاب، من فكرة أنه من الأفضل أن يعاني من أنه يعيش بسعادة، حتى لو كانت المعاناة لا عقاب، وقد يعتمد هذا الفكر على نفس المنبع العاطفي للعقاب، لكن لا ينبغي للعقابي على الأقل الذي يرفض الخيال القائل بأن المعرفة تسبب مثل هذه المعاناة كمسألة تتعلق بالعدالة المعلوماتية يجب ألا يبني مفهومه للعقاب على ذلك.
إذا كانت الجزائية مبنية على فكرة أن معاناة الأفراد السلبيين جيدة في حد ذاتها، فإن العقوبة ليست ضرورية كجسر يربط بين المعاناة والأفعال الفردية السيئة، إذا فُقدت العلاقة بين الأفعال الفردية السيئة والمعاناة، فإن العقابيين يتركون في حاجة إلى الاحتفاظ بسجل كامل للحياة للأفعال الجيدة والسيئة والتي يريدون من أجلها أن يحصل الشخص على القدر المناسب من السعادة أو المعاناة طوال الحياة.
ولكن فكرة تتبع كل الأعمال الصالحة والسيئة التي يقوم بها الشخص وكل سعادته أو معاناته، والسعي إلى التوفيق بينها هي فكرة إشكالية في لغز المعاناة المجردة مقابل المعاناة من خلال العقوبة، حيث يقترح أنه يمكن للمرء أن يمول الأعمال الصالحة ويكتسب القدرة على ارتكاب السلوكيات السلبية مع الإفلات من العقاب ورفض مثل هذه الخدمات.
3- لغز المعاناة الذاتية أو التدابير التي يُتوقع أن تسبب المعاناة
يجادل لغز المعاناة الذاتية أو التدابير التي يُتوقع أن تسبب المعاناة بأن العقابيين لا يمكنهم تجاهل التجربة الذاتية للعقاب، فلكي يعاقب الشخص بشكل عقابي يجب أن يجد العقوبة مكروهة وأن شدة العقوبة هي على الأقل جزئيًا وظيفة لمدى كرهها، حيث إن العقابيين الذين يفشلون في النظر في الاختلاف في تجارب الحياة الفعلية أو المتوقعة للعقاب لا يقيسون شدة العقوبة بشكل صحيح وبالتالي يعاقبون بشكل غير مناسب.
ومع ذلك كما يشير لغز المعاناة الذاتية أو التدابير التي يُتوقع أن تسبب المعاناة فإن استيعاب مثل هذا الاختلاف سيكون مشكلة حدسية بالنسبة للعقابيين، حيث أنه قد يستدعي على سبيل المثال عقوبات قصيرة لأولئك الذين سيعانون كثيرًا في وقت معين ومعاملة قاسية إضافية لأولئك الذين يجدون هذا الوقت سهلًا في التعامل معه.
لا يتفق العديد من العقابيين مع ادعاء لغز المعاناة الذاتية أو التدابير التي يُتوقع أن تسبب المعاناة بأن التجربة الذاتية لمعاناة أفراد معينين يجب أن تكون مصدر قلق كبير لهم، وذلك ما يجعل العقوبات مرهقة أكثر أو أقل ليس أي إحساس يمكن التعرف عليه، بل هي الدرجة التي تتداخل بها تلك الأحاسيس مع مصالح الناس المشروعة.
حرية التنقل والاختيار فيما يتعلق بالأنشطة واختيار الزملاء والخصوصية هي من أهم الاستجابات في لغز المعاناة الذاتية أو التدابير التي يُتوقع أن تسبب المعاناة، لكن هذه الاستجابات في حد ذاتها تبدو غير كافية، بالتأكيد هذا اللغز محق في أن التجربة الذاتية للعقاب كمعاملة قاسية هي جزء من وجهة نظره، وهذا الاختلاف في تلك التجربة هو شيء يحتاج إلى تبرير.
في النهاية نجد أن:
1- الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس تتمثل في مجموعة من المعايير التي تعتمد عليها العدالة الاجتماعية التوزيعية والتي تميز بين العقوبات الموجهة نحو أفراد يستحقونها ونحو الأفراد الذين لا يستحقونها.
2- من أهم الألغاز الأخلاقية للمعاناة في علم النفس لغز التكافؤ المعياري المتغير للمعاناة ولغز المعاناة المجردة مقابل المعاناة من خلال العقوبة ولغز المعاناة الذاتية أو التدابير التي يُتوقع أن تسبب المعاناة.