البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


نظرًا إلى علم النفس الإرشادي والمشورة كان استخدام البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس محدودًا، بشكل عام رأى المستشارين وعلماء النفس الاستشاريين أن دورهم الصحيح هو دور المعالجين أو العلماء، معتقدين أن المشاريع المجتمعية والدعوة كانت أكثر ملاءمة للأخصائيين الاجتماعيين، ومع ذلك يؤكد بعض العلماء أن أجندة العدالة الاجتماعية هي مجرد عودة إلى جذور المشورة.

البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس

يعد البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس إضافة جديدة نسبيًا لأبحاث علم النفس، حيث تحدث الأبحاث والتدخلات أو الإجراءات على مستوى المجتمع وليس مع الأفراد أو العائلات أو المجموعات الصغيرة، حيث يُعرَّف المجتمع من خلال هذه الأبحاث على أنه مجموعة مرتبطة بالمصالح المشتركة، مثل الشابات في برنامج العمال المهاجرين.

يتميز البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس عن الكثير من الأبحاث الأخرى في تقديم المشورة في أن البحث النفسي يتم تطويره وإجرائه كشراكة تعاونية بين المستشار والباحث وأفراد المجتمع، ومنها فإن تقاسم مسؤولية المشروع بهذه الطريقة يمكّن المجتمع من تحديد مشاكله وتطوير الحلول الخاصة به، وفي هذه العملية التعاونية يشارك الباحث بعمق كخبير مشارك، حيث يجلب المهارات التنظيمية والبحثية إلى المشروع.

يعتبر أعضاء المجتمع هم الخبراء المشتركين الآخرين ويساهمون بخبراتهم الفريدة وحقائقهم وتحليلاتهم لسبب وجود المشكلة وكيف يمكن حلها، وتعتبر مشاريع البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس ليست مساع خالية من القيمة، وغالبًا ما يتم تصورها بشكل صريح على أنها جهود لتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة من خلال تمكين أولئك الذين لديهم أصوات صامتة أو صامتة للتحدث والتصرف نيابة عنهم.

أهم مناهج البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس

1- الجذور الفلسفية

إن ظهور البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس في تقديم المشورة يوازي التأثير المتزايد لمنظورات البحث البنائية والنسوية ومتعددة الثقافات والعدالة الاجتماعية والنوعية، حيث يعتقد باحثو العمل المجتمعي أن الحقيقة نسبية، إنهم يعتقدون أن تصورات الواقع تتشكل من خلال عوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية تؤثر على الأفراد والمجتمعات وأن هذه العوامل تحدد من يمتلك القوة والسلطة للتحدث وتسمية وتعريف الواقع.

البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس هو جزء من عائلة العمل والبحوث التشاركية، بما في ذلك البحث التشاركي، وبحوث العمل التفاعل المجتمعي، وبحوث العمل النقدي، والبحوث النسوية التشاركية، وبحوث العمل في الفصل، وبحوث العمل الصناعي، حيث يناقش أتباع البحث الإجرائي فيما بينهم حول المصطلحات والمبادئ والأيديولوجيا والأهداف ونظريات التغيير، ويمكن إرجاع بعض الخلافات إلى الاختلافات التاريخية والفلسفية.

2- الجذور التاريخية

هناك عدد من المؤسسين أو المساهمين في العمل وأسرة البحث النفسي التشاركي، حيث ينبع غالبية الباحثين في العمل اليوم من مجموعة تقاليد تتمثل في أن عالم النفس الاجتماعي كورت لوين هم الذي صاغ مصطلح البحث الإجرائي في الأربعينيات، وأن معهد تافيستوك للعلاقات الإنسانية في المملكة المتحدة الذي كان يشارك بشكل أساسي في تطوير المنظمات، والحركات الاجتماعية في السبعينيات في العالم النامي، والتي دافع عنها أفراد مثل الفيلسوف البرازيلي المنفي باولو فريري، مؤلف كتاب التربية المحظورة للمضطهدين.

تم تصنيف باحثي الحركة في البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس اليوم بعدة طرق بما في ذلك على طول سلسلة متصلة مع مسايرين من جهة ومنتقدين من جهة أخرى، حيث ينخرط الباحثين بشكل أساسي في البحث الإجرائي لحل المشكلات، كما هو الحال في علم النفس الصناعي، ولا يشملون بالضرورة المجتمع كمتعاونين مكثفين في عملية البحث، كما أنهم نادرًا ما يجرون أبحاثًا مع الالتزام بتغيير اجتماعي أوسع.

وفي الطرف الآخر من السلسلة في البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس هناك بحث أكثر نموذجية من حركات السبعينيات والتعليم الشعبي، المتجذر في العدالة الاجتماعية والمرتبط بوعي بالتغيير الاجتماعي الأوسع، حيث يرى هؤلاء الباحثين المجتمع على أنه طليعة التغيير الاجتماعي والعدالة الاجتماعية ويرون أنفسهم هم الباحثين.

3- القواسم المشتركة

على الرغم من اختلافات علماء النفس في الأيديولوجيا والأهداف فإن معظم الباحثين في البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس يتشاركون قيمًا ومبادئ معينة، حيث يتضمن البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس التعاون بين الباحثين والمجتمع، كما أن البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس هي عملية تشاركية وتعلم جماعي وعادة ما تكون عملية تمكين للمجتمع، ويحاول البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس تحقيق التوازن بين النظرية والبحث والعمل، والقاسم المشترك الرئيسي هو النية لتغيير شيء يرى المشاركين أنه يستحق التغيير.

4- نهج منهجي

الأساليب في البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس وأنواع أخرى من البحث التشاركي لها تاريخ واسع في مختلف مجالات العلوم الاجتماعية والممارسة الاجتماعية، حيث تطورت أساليب البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس من تخصصات مثل الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس والتعليم والصحة العامة والتمريض والعمل الاجتماعي، أما اليوم غالبًا ما تتأثر مبادئ البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس بشكل كبير بالإيديولوجيات النسوية ومتعددة الثقافات، حيث إن وضع هذه النظريات موضع التنفيذ يعني ضمناً أن المركزية لأساليب البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس اليوم هي قضايا الجنس والعرق والطبقة والثقافة.

في الممارسة العملية يستخدم البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس طريقة استقصاء منهجي تتبع سلسلة من الحلقات التي تتضمن التخطيط للمتابعة من خلال التمثيل والمراقبة متبوعًا بالتأمل، هذه العملية ذاتية الانعكاس حيث أن كل حلقة جديدة تعتمد على نتائج الدورة السابقة، ويتم تحديد عدد حلقات الانعكاس الذاتي بواسطة المشروع، وإن التصميم المرن والسليم لهذه المشاريع مناسب تمامًا لأساليب البحث النوعي.

يتضمن بدء مشروع البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس أولاً إقامة علاقة مع المجتمع، ففي بعض الأحيان يتم تعيين المستشار أو الباحث كمستشار ومسؤول ولكن عادة ما تتطور هذه الشراكات من ارتباط بين المستشار والباحث ووكالة أو مجموعة اجتماعية، على سبيل المثال قد يقوم مستشار أو باحث لديه ارتباط بعيادة عنف منزلي أو مجموعة احتياجات خاصة أو برنامج مساعدة قانونية بتشكيل شراكة البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس في نهاية المطاف.

بمجرد تشكيل هذه العلاقة يتم تحديد المشكلة وتوضيحها من قبل المجتمع، حيث يتم تحديد الأهداف والأساليب ومن ثم تنفيذها، ويتم تقييم التدخل لحل المشكلات، ونهاية هذا التسلسل التقييم تبدأ في نفس الوقت الدورة التالية، مع إعادة التخطيط.

دوامة البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس

في هذه الدوامة يتولى باحثو البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس العديد من الأدوار، بما في ذلك دور المراقب والمراسل والمتعاون والمتفاعل الذي يسهلون فيه تمكين المجتمع عنصر التأمل الذاتي مهم للغاية؛ لأنه يسمح بتدخلات أكثر فعالية في كل دورة جديدة.

لتمكين صوت المجتمع يجب نشر نتائج المشروع، وقد يمثل هذا خروجًا عن البحث التقليدي، بدلاً من النشر في المجلات المهنية فقط، حيث سيقوم الباحث في البحث الإجرائي المجتمعي في علم النفس أيضًا بإعلام صانعي السياسات واتخاذ القرارات، ووسائل الإعلام، والمجلات الشعبية أو المتخصصة، وأي شخص آخر يمكنه استخدام المعلومات بشكل أفضل.


شارك المقالة: