التدخلات الإرشادية والتربوية للمراهقين المصابين بعجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


تعتبر مرحلة المراهقة فترة عصيبة على وجه الخصوص بالنسبة للطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وذلك لأسباب مختلفة فهي فترة قد يجابه فيها الطالب وأسرته التي توجهه، وإضافة إلى مواجهة تحديات المراهقة الاعتيادية، كما أن هناك صعوبات إضافية في حالات الانتقال المدرسية، والتزايد في حجم وتعقيد العمل المدرسي وفي تعلم قيادة السيارات.

التدخلات الارشادية والتربوية للمراهقين المصابين بعجز الانتباه وفرط الحركة

1- التدخلات الإرشادية

غالباً ما تبدأ مرحلة المراهقة حول سن العاشرة، وذلك خصوصاً مع تزايد مشكلات المقاومة ومشكلات علاقة الأهل والطفل، فالرغبة في زيادة الاستقلالية وتضارب عواقب هذه الاستقلالية، قد تكون حادة على وجه الخصوص بالنسبة للأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة الذين كان الراشدون، وخصوصاً الوالدان يديرون أمورهم بحكم الضرورة منذ الصغر، وغالباً ما ينشأ توتر بين المراهقين المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

ومما يبرز الحاجة أكثر فأكثر لإشراف ومشاركة أبوية حثيثة، غير أن احتياجاتهم هذه لا تضعف رغبتهم بالاستقلالية، ويعتبر السلوك غير اللائق مشكلة رئيسة شائعة في المنزل لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المراهقة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وأما بالنسبة لطرق إدارة السلوك التي قد كانت
ناجعة جداً في السابق فيما يتعلق بالمشكلات المنزلية، فقد لا تكون فعالة هذه المرحلة إذ أن هذه فترة قد تحتاج فيها الأسر إلى الشروع في تلقي الإرشاد.

أو استئنافه مع اختصاصي صحة عقلية له خبرة في التعامل مع اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى المراهقين؛ يهدف هذا الإرشاد إلى طرق الجوانب ومنها تحديد أدوار كلا الوالدين بأن الإدارة اليومية مساعدة للوالدين على دعم أحدهما الآخر، وعلى تحقيق الانسجام بينهما فيما يتصل بالتقيد بالقوانين، وتعديل طرق إدارة السلوك حتى تعكس مرحلة البلوغ والنضج المتزايدة لدى الطفل ورغبته في الاستقلالية، وإشراك الطفل إلى درجة كبيرة في تطوير نظام إدارة السلوك عبر وسيلة عقد الاتفاقات.

وزيادة العمل الفردي مع الطفل من أجل الشروع في استراتيجيات الإدارة الذاتية وتنطبق العديد من اتجاهات الإرشاد، ويمكن تكييف طرق إدارة السلوك وفقاً لوضعية المراهقين عن طريق إشراك المراهق في مرحلة التخطيط، ومن مثل الاتفاق على اختيار السلوكيات المستهدفة والمعززات، وعن طريق استخدام امتيازات لتعزيز السلوك المسؤول، من مثل منح المزيد من الاستقلالية في استعمال سيارة الأسرة للذهاب للمواعيد، وعن طريق تعليم المراهق استراتيجيات الإدارة الذاتية.

وقد تتضمن استراتيجيات الإدارة الذاتية تطوير طريقة منظمة لإنجاز الواجبات البيتية والمهمات الأخرى، وإضافة إلى تطوير طريقة حل المشكلات في المواقف الاجتماعية والمواقف المشكلة الأخرى، مثل الاستجابة لذوي السلطة ومقاومة الإغراءات المقدمة من أقران غير مرغوبين، وتطوير استراتيجيات للتحكم بحالات الغضب أو القلق، ويشار إلى هذه الاتجاهات أحياناً بمصطلح معالجة معرفية؛ وذلك لأنها تتضمن تعديل الطريقة التي يفكر فيها الفرد ويحلل فيها الموقف من أجل تغيير الطريقة التي يستجيب بها.

ويعتبر عقد جلسات للمعالجة الفردية، وإضافة إلى الإرشاد السلوكي للأسرة أمراً أكثر ملائمة على وجه العموم للمراهقين من الأطفال الأصغر سناً، وإذ أن المراهقين عموماً ما زال يثقل كاهلهم عبء وجداني منذ فترة أطول، بالتالي فقد يحتاجون إلى دعم وجداني واستراتيجيات علاج للحصر النفسي أو الكآبة، وإضافة إلى علاج اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وذلك حتى يتأتى لهم تحقيق تقدم ذي معنى.

ويمكن القول أن النزاع المعهود بين الأهل والطفل الذي يحدث خلال سنوات المراهقة، عادة ما يتضاعف لدى الأسر ذات الطفل المصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، مما يولد الحاجة للأسرة لتلقي الإرشاد، وذلك لوضع الأساس لاتجاهات إدارة السلوك الفردية الناجحة.

2- التدخلات التربوية

غالباً ما يعاني الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، من صعوبات متزايدة خلال مرحلة المدرسة المتوسطة والعليا، ويعزى ذلك إلى عوامل تتعلق بجدول المواعيد من مثل الزيادة في تعقيد جدول المواعيد ووجود صفوف وحصص مختلفة وتعديلات متكررة في الحجر الصفية وجدول المواعيد، وكما يعزى ذلك أيضاً إلى عوامل تتعلق بالتدريس من مثل زيادة عدد المدربين مع وجود أساليب توقعات مختلفة لكل منهم، ونقص الوقت المخصص للانتباه الفردي وتزايد في عملية تدوين الملحوظات والتعلم من خلال المحاضرات.

وهناك أيضاً عوامل أكاديمية تسبب مثل هذه الصعوبات، من مثل المتطلبات المتعلقة بسرعة القراءة والاستيعاب وطول الواجبات الكتابية وزيادة في الفروض طويلة الأمد، وإضافة إلى المتطلبات المتعلقة بالأبحاث وتنظيم الواجبات، وليس مستغرباً للأسف أن يصاب هؤلاء الطلبة بالإحباط ويتجنبوا القيام بالواجبات أو يرفضوا القيام بها، وخصوصاً بالنسبة للطالب الذي يعاني من صعوبات مصاحبة متصلة بالقراءة أو الكتابة، ومن هنا يتوجب على الوالدين التنبه لحدوث مشكلات دراسية قبل أن يتدهور الموقف إلى تلك الدرجة.

وذلك لأن عملية الدافعية لدى الطالب يعتبر أمراً صعباً في هذه المرحلة، ومن المفيد تقديم إرشاد مسبق للوالدين حول طرق محددة لتقليل تأثير تعقيد جدول المواعيد والتدريس والعوامل الدراسية، وذلك قبل الانتقال إلى المدرسة المتوسطة، ويعتبر طلبة المدارس المتوسطة والعليا مؤهلين لتلقي أنواع التدخلات العلاجية في بيئة المدرسة، وإذ أن هناك احتمالية أن يستفيدوا منها مع ذلك قد تقتضي الضرورة أو الفائدة إجراء بعض التعديلات.

وذلك بسبب اختلاف بنية المدرسة واختلاف أنواع العمل المطلوب، ويجب أن يكون تعليم المهارات التنظيمية ومهارات الدراسة جزءاً مهماً من التدخل التربوي المخصص لطالب المدرسة المتوسطة والعليا، وقد تكون
المساعدة في المهارات الدراسية جزءاً من برنامج التعليم الفردي (IEP)، وقد تكون متاحة في المدرسة على نحو غير رسمي، أو قد تتاح إمكانية الحصول عليها عن طريق مدرس خاص، وكثيراً ما تقدم هذه الخدمة من خلال برامج مراكز التدريب التجارية.

وتتضمن المهارات التنظيمية المتعلقة بالأعمال المدرسية تطوير طريقة لمتابعة المواد الضرورية، وتتضمن أيضاً وسائل تنظيم التعامل مع المقررات وتدوين الملحوظات، فعلى سبيل المثال يحتاج الطالب إلى تعلم كيفية وضع الأهداف المناسبة، وتقسيم الواجبات المنزلية الطويلة إلى أقسام يمكن التعامل معها وإنجاز وظيفة كتابية، وتدوين ملحوظات من محاضرة أو فصل من كتاب والاستعداد الدراسي للاختبارات.

وفي الختام يعاني المراهقين المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة مشكلات في إدارة الأمور الاجتماعية، بما في ذلك العلاقات مع الجنس الآخر، وفي تجنب الإدمان على العقاقير الدوائية وسوء المعاملة، وفي الحصول على عمل مؤقت، وفي توظيف الحكمة السديدة لتعزيز عملية اتخاذ القرار باستقلالية، واتباع أسلوب صحي في الحياة بما في ذلك التحلي بالفردية الإيجابية، ومن هنا نستطيع القول أن الإرشاد والتدخلات التربوية بإمكانها أن تجعل هذه التحديات أقل إحباطاً.


شارك المقالة: