التمييز بين التوازن الانعكاسي الضيق والواسع في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تلعب طريقة التوازن الانعكاسي دورًا في بناء وتبرير نظرية المساواة ودورها في البناء هو مثال على استخدامها كشكل من أشكال المداولات سواء بشكل ضيق أو واسع، حيث يتحدى نقاد نظرية راولز وطريقته في التوازن الانعكاسي وخاصة النفعيين الأهمية التي تعطيها الطريقة للأحكام أو الحدس الأخلاقي.

التمييز بين التوازن الانعكاسي الضيق والواسع في علم النفس

يتمثل التمييز بين التوازن الانعكاسي الضيق والواسع في علم النفس من حيث تفسير كل منهما، وذلك من خلال ما يلي:

1- التوازن الانعكاسي الضيق

قد يكون التوازن الانعكاسي ضيقًا وكل منا على دراية بعملية التداول الأخلاقي التي نعمل فيها ذهابًا وإيابًا بين حكم نميل إلى اتخاذه بشأن الإجراء الصحيح في حالة معينة والأسباب أو المبادئ التي نقدمها لهذا الحكم، حيث أنه غالبًا ما نأخذ في الاعتبار الاختلافات في حالة معينة، ونختبر المبدأ ضدها، ثم يتم تنقيحها وتحديدها لتتوافق مع أحكامنا حول هذه الاختلافات مع مراجعة ما نقوله عن حالات معينة إذا كانت وجهات نظرنا الأولية لا تتوافق مع المبادئ التي نميل إلى قبولها.

قد تشكل مثل هذه المراجعة مفاجأة أو اكتشاف أخلاقي، حيث أننا لنفترض على سبيل المثال أننا نفكر فيما إذا كان علينا تجاهل العمر في توزيع العلاجات الطبية، ومنها يعتقد الكثيرين في البداية أن العمر يعتبر سمة غير ذات صلة أخلاقياً ويصرون على أن تقنين الخدمات الطبية حسب العمر أمر غير مقبول.

يعني هذا الاختلاف أن المعاملة المختلفة للأشخاص في مختلف الأعمار، إذا تم تطبيقها بشكل منهجي على مدى العمر، لا تخلق عدم مساواة بين الأشخاص وقد يقودنا هذا الإدراك إلى الاعتقاد بأن تقنين العمر قد يكون مقبولًا في ظل بعض الظروف.

إلى الحد الذي نركز فيه فقط على حالات معينة ومجموعة من المبادئ التي تنطبق عليها، وإلى الحد الذي لا نخضع فيه الآراء التي نواجهها لانتقادات واسعة النطاق من وجهات نظر أخلاقية بديلة، فإننا نسعى فقط إلى تمييز التوازن الانعكاسي الضيق.

من المفترض أن المبادئ التي نصل إليها في حالة التوازن الضيق هي الأفضل لتفسير الحالات التي تم فحصها، ومع ذلك قد يصل آخرين إلى توازنات انعكاسية ضيقة مختلفة، تحتوي على مبادئ وأحكام مختلفة حول العدالة، ففي الواقع يمكن وصف هذا التوازن الضيق على أنه نفعي نموذجي، في حين أن الآخر كما قد نفترض يعتبر للعالم إيمانويل كانط.

نتيجة لذلك ما زلنا نواجه سؤالًا مهمًا حول التبرير دون إجابة بطريقة التوازن الانعكاسي الضيق أي مجموعة من المعتقدات حول العدالة يجب أن نقبلها؟ نظرًا لأن التوازن الانعكاسي الضيق لا يجيب على هذا السؤال، فقد يبدو أنه طريقة وصفية مناسبة للوجودية الأخلاقية، وليست معيارية في حساب التبرير في الأخلاق.

في الواقع اقترح العالم جون راولز في مرحلة ما أن الوصول إلى المبادئ التي تتوافق مع أحكامنا الأخلاقية في توازن انعكاسي قد يكشف عن قواعدنا الأخلاقية بطريقة مماثلة للكشف عن القواعد النحوية التي تكمن وراء قدرتنا النحوية كمتحدثين أصليين، دعماً للتشابه يعتقد بعض المنظرين المعاصرين من علماء النفس الذين يفحصون حدسنا الأخلاقي بشكل منهجي غالبًا من خلال حالات افتراضية مقابل حالات حقيقية أنهم يكشفون عن بنية أخلاقية أساسية للمبادئ يكون ذلك بديهيًا.

2- التوازن الانعكاسي الواسع

يتمثل التوازن المعرفي الانعكاسي الواسع في نظرية العدل حيث اقتراح راولز هو أنه يمكننا تحديد ما هي مبادئ العدالة التي يجب أن نتبناها، بتأمل كامل وأن نكون مقتنعين بأن خياراتنا مبررة لأنفسنا وللآخرين، فقط إذا وسعنا دائرة المعتقدات التي يجب أن تتماسك.

في الواقع يجب أن نكون مستعدين لاختبار معتقداتنا مقابل النظريات الأخلاقية المتطورة من أنواع مختلفة ومن الواضح أنه ليس كل هذه الآراء أو لن نتوصل أبدًا إلى نتيجة، ولكن على الأقل مقابل بعض البدائل الرائدة، فغالبًا ما نقوم بذلك في المناقشة أو المداولات مع الآخرين.

قد يعتمد مدى حسم الحِجَة أو المداولات على وجهات النظر البديلة التي يتم النظر فيها أو على من يتم تضمينه في المداولات في التوازن الانعكاسي الواسع، ففي الواقع فإن المقارنة الزوجية للعدالة كإنصاف مع النفعية هي مجرد تمرين في البحث عن توازن انعكاسي واسع، ففي التوازن الانعكاسي الواسع على سبيل المثال نقوم بتوسيع مجال المعتقدات الأخلاقية وغير الأخلاقية ذات الصلة.

بما في ذلك النظرية الاجتماعية العامة؛ لتشمل حسابًا للظروف التي يكون بموجبها من الإنصاف للأشخاص العقلاء الاختيار من بين المبادئ المتنافسة، وكذلك دليل على أن المبادئ الناتجة تشكل مفهومًا ممكنًا أو ثابتًا للعدالة، أي أنه يمكن للناس الحفاظ على التزامهم بهذه المبادئ، وتعتبر حِجَة راولز هي أن العدل كإنصاف وليس كنفعية هو ما يظهر في توازن انعكاسي واسع.

على سبيل المثال القيود المفروضة على الاختيار في حالة عقد راولز، مثل حجاب الجهل الذي يمنعنا من معرفة الحقائق عن أنفسنا وتفضيلاتنا المحددة تتطلب تبريرًا، حيث يحتاج راولز إلى إظهار أن هذه القيود عادلة لجميع المتعاقدين وبالتالي فإن العدالة كإنصاف هي تسميته لهذا الحساب الإجرائي لكيفية اكتشافنا لما هو عادل.

لتقديم مثل هذا التبرير في التوازن الانعكاسي الواسع يناشد راولز المعتقدات حول الأساسيات في القوى الأخلاقية للفاعلين من المستقلين والمتساوين ويمكنهم تشكيل ومراجعة تصوراتهم لما هو جيد ولديهم إحساس بالعدالة، كما أنه يناشد المثل الأعلى للمجتمع المنظم جيدًا حيث تلعب مبادئ العدالة دورًا خاصًا كمبادئ عامة لتسوية المشكلات من حيث المنافع الاجتماعية الأساسية.

تمييز التوازن الانعكاسي الضيق والواسع في نظرية العدل

في نظرية العدالة لا يستخدم راولز مصطلحات التوازن الانعكاسي الضيق والواسع، وهو إغفال يلاحظه مع الأسف في العدالة كإنصاف في إعادة الصياغة النظرية، ومع ذلك يعلق أن السعي وراء توازن انعكاسي يزيل فقط عدم الاتساق الطفيف في نظام معتقدات الشخص ليس في الحقيقة استخدامًا للمنهج الذي له أهمية نفسية حقيقية في الأخلاق تمامًا كما أنه قد لا يكون في حالة تبرير الاستدلالات المنطقية.

بدلاً من ذلك كما يقول راولز من أجل الاهتمام بالفلسفة الأخلاقية، يجب أن يسعى التوازن الانعكاسي إلى ما ينتج عن تحدي المعتقدات القائمة من خلال الحِجَج والآثار المستمدة من مجموعة المواقف المتقدمة في الفلسفة الأخلاقية والسياسية النفسية.

مثل هذا التوازن الانعكاسي سيكون استجابة لضغوط نقدية كبيرة على المعتقدات الأصلية، وسيكون لهذا الجهد طابع البحث في المداولات حول ما هو صحيح في توازن انعكاسي واسع.

في النهاية نجد أن:

1- التمييز بين التوازن الانعكاسي الضيق والواسع في علم النفس يتمثل في أهم الطرق والاستراتيجيات لإمكانية أن يتبع الأفراد أي شكل من هذه الأشكال للتوازن المعرفي.

2- يكون التوازن الانعكاسي ضيقًا وكل منا على دراية بعملية التداول الأخلاقي التي نعمل فيها ذهابًا وإيابًا بين حكم نميل إلى اتخاذه بشأن الإجراء الصحيح في حالة معينة، والأسباب أو المبادئ التي نقدمها لهذا الحكم.

3- بينما يتمثل التوازن الانعكاسي الواسع في نظرية العدل، حيث اقتراح راولز هو أنه يمكننا تحديد ما هي مبادئ العدالة التي يجب أن نتبناها، بتأمل كامل وأن نكون مقتنعين بأن خياراتنا مبررة لأنفسنا وللآخرين.


شارك المقالة: