“هذا أعظم الدروس التي نتعلمها وأكثرها إفادة، وهي أن نعرف حقيقة أنفسنا، وأن نعترف صراحة بما نحن عليه من ضعف وفشل، وان نتبنّى رأياً متواضعاً عن ذاتنا بسبب هذا، فأنت حينما لا تخدع نفسك وتعطي للغير قدرة من التوقير تكون قد اكتسبت حكمة كبرى” “توماس أكيمبس”.
ماذا لو كنا جميعا متواضعين؟
علينا أن نتخيّل لو كان كل منّا متواضعاً قليلاً، فمن المؤكد أنه سيكون مكاناً أجمل لو كنا مستعدين ﻷن نقرّ بجهلنا للكثير من الأمور، وبأن لدينا الكثير من نقاط الضعف، وبأننا مخطؤون، بل سيكون أفضل من هذا لو أكثرنا من اعترافنا بأخطائنا والاعتذار عنها، وسيكون أفضل وأفضل لو أننا تعاملنا مع بعضنا البعض دوماً على أساس من الاحترام والنزاهة المتبادلة، فالقليل من التواضع كفيل بجعل العالم مكاناً أفضل.
لماذا كان افتقاد التواضع مشكلة؟
علينا أن نتساءل، لماذا كان افتقاد التواضع مشكلة؟ ذلك لرذيلة أساسية نشترك فيها جميعاً، فكلّ واحد منّا منشغل بذاته، وهي بطبيعة الإنسان، فنحن نعتمد بشكل كامل على الآخرين في استمرارية حياتنا وفي الشعور بالراحة خلالها، حتّى نظن أن العالم يدور في فلكنا، كما أننا نكبر داخل مجتمع يعمّق هذا التوجه من خلال ما يفرضه علينا من حاجة إلى أن نكون الأول في كل شيء، حيث أنّ إشكالية هذا تكمن في أننا لو اكتسبنا جميعاً هذا التفكير الأناني، فلن نجني سوى أن نجعل حياة الغير أشدّ صعوبة مما هي عليه، وبالتبعية نصعبها على أنفسنا.
أما السبب الآخر في أنّ عدم التواضع يمثّل مشكلة، هو أنّ هذه الصفة تصوّر دوماً على أنها نوع من الضعف، فكثيرون يربطونها بالوداعة والرقة، بل واللين، إلا أن التاريخ يقدّم لنا العديد من الأمثلة التي تثبت عكس ذلك.
إن التواضع يمثّل علامة قوّة، وهو أمر أثبته العديد من عظام قادة العالم، فالكثير من القادة والمبدعي وأثر العلماء شهرة اكتسبوا هذه الشهرة كونهم استخدموا قوّة التواضع في امتلاك الآخرين وإقناعهم بأفكارهم، في حين أن العديد من المتعجرفين الذي كانوا يعتدّون بأنفسهم بشكل مبالغ فيه، ذهبوا إلى مزبلة التاريخ ولم يعد لهم أي ذكر أو سطوة تذكر.