السخرية الساذجة والواقعية الساذجة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


مفهوم السخرية الساذجة في علم النفس:

السخرية الساذجة في علم النفس: هي ميل الناس العاديين إلى توقع أن أحكام الآخرين سيكون لها أساس تحفيزي وذات دوافع، وبالتالي ستكون منحازة في اتجاه مصلحتهم الذاتية، حيث أننا نتوقع أن يرى الآخرين الأشياء بطرق أكثر إرضاء لهم، بينما نعتقد أن آرائنا ومعتقداتنا تستند إلى أدلة موضوعية.

سياق وأهمية مفهوم السخرية الساذجة في علم النفس:

السخرية الساذجة هي النظير للواقعية الساذجة أي إيمان الناس العاديين بأنهم يرون العالم كما هو حقًا، حيث أنه على الرغم من أننا في كثير من الأحيان لا نعتقد أن الأحكام التي نتخذها متحيزة، إلا أننا ندرك بسهولة أن أحكام الآخرين قد تكون كذلك، ومنها فقد تدفع السخرية الساذجة الناس إلى المبالغة في تقدير مقدار التحيز في أحكام الآخرين.

على سبيل المثال من المعروف أن الأزواج والزوجات يبالغون في تقدير مسؤوليتهم عن المهام المنزلية، ويعطون تقديرات فردية تصل إلى أكثر من 100٪، حيث قد تتوقع المرأة أن زوجها سيبالغ في تقدير مقدار الفضل في الأحداث الإيجابية ويقلل من تقديره أو العكس، إلى أي مدى يقع اللوم على الأحداث السلبية فهو أيضاً قد يتوقع نفس الشيء منها.

نظرًا لإمكانية الوصول إلى مشاركتهم في كل من الأحداث الإيجابية والسلبية لكل من الزوجين في الحياة الأسرية، سيميل كل منهم إلى المبالغة في تقدير مقدار مسؤوليته عن كل من الأشياء الجيدة والسيئة، مما يعني أن شركائهم سيكون لديهم آراء ساخرة حول معتقداتهم والعكس صحيح.

إن رؤية الشخص الآخر كجزء من مجموعته الخاصة أو على الأقل يعمل بالتعاون معه في القيام بالسلوك الجمعي قد يخفف من هذا الاعتقاد، على سبيل المثال كلما كان الزوجان أكثر سعادة  قل احتمال إظهارهما لمعتقدات ساخرة حول أحكام بعضهما البعض.

قد نكون ساذجين بشكل خاص عندما يكون لدى الشخص الآخر مصلحة خاصة في الحكم المطروح، ولكن إذا كان هذا الشخص مراقبًا نزيهًا، فإننا نتوقع أنه سيرى الأشياء بالطريقة التي نقوم بها، وليس منحازًا تجاه معتقداته الخاصة، حيث تمتد السخرية الساذجة إلى العديد من الاستدلالات الأساسية والتحيزات التي تمت دراستها في علم النفس الاجتماعي خاصة.

السخرية الساذجة مرتبطة بقاعدة المصلحة الذاتية، حيث تؤكد العديد من المجالات الفكرية، مثل الاقتصاد الكلاسيكي وعلم الأحياء التطوري، كيف تشير نظرياتهم إلى أن الناس يجب أن يتصرفوا دائمًا بطرق المصلحة الذاتية، ومنها يعكس هذا التركيز ويساعد في الحفاظ على ترخيص مجتمعي للتصرف في المصلحة الذاتية للفرد، والأهم من ذلك الاعتقاد بأن الآخرين سيفعلون ذلك أيضًا، على الرغم من أن الناس غالبًا ما يميلون إلى التصرف بطريقة تعاونية أو تعاطفية أو إيثارية.

مفهوم الواقعية الساذجة في علم النفس:

مفهوم الواقعية الساذجة هو ميل الناس إلى الاعتقاد بأنهم ينظرون إلى العالم الاجتماعي كما هو أي كواقع موضوعي بدلاً من بناء وتفسير ذاتي للواقع، هذا الاعتقاد بأن تصورات المرء واقعية، وتفسيراته غير متحيزة للعالم الاجتماعي له تأثيران مهمان تتمثل في أنه سيكون لدى الأشخاص العقلانيين الآخرين تصورات مماثلة للذات، وأنه يجب أن يكون الأشخاص الآخرين الذين لديهم تصورات مختلفة عن أنفسهم غير مطلعين أي ليسوا مطلعين على نفس المعلومات مثل الذات، أو غير عقلانيين أو متحيزين.

سياق وأهمية مفهوم الواقعية الساذجة في علم النفس:

أحد الدروس الأساسية لعلم النفس هو أن الإدراك هو بناء شخصي للعالم وليس تمثيلًا مباشرًا للواقع الموضوعي، أي أن معتقدات الناس وتصوراتهم هي وظيفة للخصائص الموضوعية للعالم والعمليات النفسية التي تترجم تلك السمات الموضوعية إلى سمات ذات خبرة نفسية.

على سبيل المثال الأب المحب الذي تصادف أن يكون قاضيًا في معرض ابنته للعلوم، قد يكون ترتيب الأب لمشروع ابنته في النسبة المئوية التسعين ناتجًا عن حقيقة أن مشروع ابنته كان حقًا أعلى من المتوسط ​​أو من حقيقة أن الأب يفسر مشروع ابنته العلمي في ضوء إيجابي بشكل خاص.

من المؤكد أن الناس يدركون أن أفكارهم الأولية ومشاعرهم وسلوكياتهم غالبًا ما تكون ذاتية ومنحازة، وقد يدرك الأب جيدًا أن ميله الأولي لمنح أعلى درجات الشرف لنموذج ابنته يتأثر بشكل غير ملائم برغبته في تحقيق ابنته، حيث أنه بعد التدقيق الجيد في ميله الأولي وتصحيحه، بعد ذلك يجوز للأب أن يسود في حكمه، ويضع ابنته في النسبة المئوية التسعين بدلاً من النسبة المئوية التاسعة والتسعين، كما كان معتادًا في البداية، وفي هذه الحالة مثل كثيرين آخرين، غالبًا ما تكون محاولات الناس تصحيح أحكامهم المتحيزة في البداية غير مكتملة.

النقطة المهمة لمفهوم الواقعية الساذجة هي أن الناس نادرًا ما يدركون مدى فشل جهودهم التصحيحية، وبالتالي يستنتج الناس أن أحكامهم أكثر دقة وموضوعية وواقعية مما هي عليه في الواقع، وهكذا يعتقد الأب المحب حقًا أن مشروع ابنته يستحق أن يصنف ضمن الشريحة المئوية التسعين، حتى لو كان التقييم الأكثر موضوعية يضع المشروع في النسبة المئوية الخامسة والسبعين.

ناقش لي روس وزملاؤه العديد من الآثار المهمة لمفهوم الواقعية الساذجة للحكم الاجتماعي، حيث أنه نظرًا لأن الناس يعتقدون أن تصوراتهم واقعية، فإن ذلك يعني أن الأشخاص العقلاء الآخرين الذين لديهم إمكانية الوصول إلى نفس المعلومات سيشاركون هذه التصورات، هذا الافتراض هو أحد أسباب عرض الناس لمعتقداتهم ومشاعرهم وآرائهم على الآخرين، إذا افترض المرء أن تفضيل موسيقى السبعينيات على التسعينيات هو نتيجة للتفوق المتأصل، يبدو من الطبيعي أن يشارك الآخرين هذا التفضيل.

من خلال الفشل في رؤية أن التفضيل الشخصي هو جزئيًا نتيجة تأويل معين لموسيقى السبعينيات والتسعينيات، قد يفشل المرء في إدراك أن الأشخاص الآخرين قد يكون لديهم تفضيل مختلف ناشئ عن تفسير مختلف، حيث تميل الواقعية الساذجة بالتالي إلى إنتاج توقع أن يفكر الآخرون ويشعرون ويتصرفون بنفس الطريقة.

غالبًا ما يرى الأشخاص الآخرين الأشياء بشكل مختلف عن الذات، وتساعد الواقعية الساذجة في تفسير حلقة ردود أفعال الناس في هذه المواقف، وإن أحد ردود الفعل هو أنه نظرًا لأن ردود أفعال الناس تبدو منطقية وواقعية، فإن الأشخاص الآخرين الذين لديهم ردود أفعال مختلفة يبدون غير مطلعين أو غير عقلانيين ومتحيزين.

نظرًا لأن الأشخاص يواجهون بشكل متكرر أشخاصًا آخرين يرون الأشياء بشكل مختلف عن أنفسهم، فقد يعتادون على التفكير في أن الآخرين غير عقلانيين ومتحيزين، وبمرور الوقت قد يتوقع الناس أن تكون معتقدات وآراء الآخرين مبنية على تفكير مهمل وتحيز منهجي.

إن الاعتقاد بأن الذات عقلانية وموضوعية في حين أن الآخرين غير عقلانيين ومنحازين يمكن أن يشكل حاجزًا كبيرًا أمام حل النزاعات بنجاح، وعندما تفترض الأطراف على طرفي نزاع متعارضين أن الطرف الآخر غير عقلاني ومنحاز، فإن التوصل إلى حل مفيد للطرفين يكون أكثر صعوبة.


شارك المقالة: